جاء في الاخبار ، و أخبار السودان دائما عجيبة و غريبة ، و تأتي غرابتها في أنها غير منطقية أو مقنعة . الخبر الاول متعلق بمطالبة وزارة الطرق للبرلمان بالموافقة علي زيادة رسوم العبور بالطرق السريعة بنسبة 100 % ، و موافقة البرلمان علي ذلك الطلب . و أتخيل أن مثل هذا الطلب لن يلفت نظر أو استغراب أهل العاصمة ، فهم بعيدون عن مثل هذه الجباية ، أما أهل الاقاليم الذين يسافرون يوميا علي هذه الطرق ( السريعة ) فسيعلمون سر هذا الاستغراب ، فوزارة الطرق و لربع قرن من الزمان ظلت تجبي هذه الرسوم ، فإن كنت مسافرا مثلا لولاية الجزيرة فأنت ملزم بدفع مبلغ 2500 جنيه ذهابا و ايابا بالنسبة للسيارات الصغيرة ، وترتفع الرسوم بالنسبة للبصات السفرية و الشاحنات و اللواري ، و رسوم العبور ممتدة ولائيا ، فلو كنت مسافرا لبورتسودان مثلا ، فأنت تدفع هذه الرسوم لكل محلية من المحليات التي تعبرها و هي محليات لا تحصي و لا تعد ، و كذلك الحال بالنسبة لكل ولايات السودان ، فتخيل معي عدد السيارات العابرة يوميا في هذه الطرق ، و كمية المبالغ المتحصلة منها و هي و بلا أدني شك تتجاوز مئات المليارات من الجنيهات قد تم جبايتها طوال سنوات الانقاذ الممتدة ، و بمقارنة حالة الطرق مع حجم الرسوم المتحصلة يظهر هنا العجب العجاب ، فأنا أجزم انه فقط بالنسبة لشارع الخرطوم مدني ( شارع الموت ) فإن عشر المبالغ التي تمت جبايتها في هذا الشارع كانت كفيلة بأن تجعل منه شارعا ذو ستة مسارات مزدوجة ، و لقللت من نسبة الحوادث بنسبة 95 % ، ولكن ، وواسفاه من هذه ال (لكن) ، اين ذهبت كل هذه الاموال ، فحالة الشوارع تؤكد عدم صرفها في الصيانة أو التأهيل ، والشئ الغريب أن البرلمان الموقر وافق علي الزيادة دون التوقف لدقيقة ليسأل عن مصير الاموال طوال السنوات الطويلة السابقة ، وان كنت أعلم أن لا أجابة لمثل هذا السؤال ، أو أن الاجابة معلومة بالضرورة اذا اسستعرضنا قائمة الاسئلة الشبيهة المطروحة في مجالات عديدة . و الاغرب في هذا الموضوع أن السيد رئيس الجمهورية قد سبق له التوجيه بإيقاف تحصيل هذه الرسوم ، بعد أن كون لجنة برئاسة الاستاذ علي عثمان نائب الرئيس السابق . أما الخبر الثاني الذي لفت نظري ، فهو ما جاء في الاخبار أن السيد الامام الصادق المهدي قد أطلق سراحه بعد أن تقدم بإعتذار مكتوب عن التصريح المنسوب اليه ، و غرابة الخبر تكمن في السؤال الطبيعي : من يعتذر لمن ؟؟و من يحتاج لمن ؟؟ فما ذكره السيد الامام عن القوات ليس امرا جديدا يبرر الاعتقال ، فما قاله السيد الامام قد سبقه اليه كثيرون وعلي رأسهم رجل الانقاذ القوي احمد هارون ، عندما قام بطردهم من ولايته في شمال كردفان ، ثم يأتي التساؤل : من المستفيد من اطلاق سراح السيد الامام ؟؟ الانقاذ أم السيد ؟ و قطعا المنطق يجيب بأن الانقاذ اكثر حاجة لاطلاق سراح السيد الامام ، فمشروع الانقاذ الرئيسي المسماه ( الحوار الوطني ) ، و هو المشروع الذي فرمل عجلة المعارضة و انساها موضوع الفساد ، و موضوع الحريات و الغلاء الطاحن ، فإن هذا المشروع ما كان له أن يستمر و السيد الامام معتقلا ، فقد ظل السيد الامام من أقوي الداعمين لهذا الحوار ، و ما كان ممكنا أن يستمر إلا بخروج الامام من معتقله ، فإن كان الحال كذلك فلما يعتذر الامام ؟؟!! و هل السيد الامام جديد علي كوبر حتي يعتذر للخروج منها ، فلقد ظل فيها لسنوات و سنوات ، و أضيف أن ما كسبه السيد الامام من هذا الاعتقال من رصيد ايجابي ، كان سيزداد مع بقائه معتقلا ، يقلل من فرضية الاعتذار ، بل و ينسفها نسفا و يجعلها قاعا صفصفا . علاء الدين زين العابدين مستشار قانوني ينبع الصناعية E [email protected]