[email protected] (1) بعد الصلاة على النبي المعصوم، أطلب من مولاي مبارك المهدي، وحبيبنا الدكتور عشاري احمد محمود أن يُقلعا عن استخدام لفظة (دفوعات) في عناوين ومتون مساجلاتهما المفتوحة على سموات الأسافير هذه الايام. الكلمة لا وجود لها في اللغة العربية، وانما هي من الاخطاء الشائعة في فضاء المهن القانونية. وإن قبلناها من مبارك وهو (سياسي)، فلن نقبلها من عشاري وهو من علماء اللغويات. اللفظة مفردها (دفع)، وجمعها (دفوع). ولا يجوز في اللغة جمع الجمع على صيغة (دفوعات)، فالجمع لا يُجمع! عشاري - لمن لا يعرفه من الاجيال الطالعة - هو اول او لعله ثاني اثنين، لا فرق، في غار الكتاب الشهير (مذبحة الضعين – الرق في السودان). ثم أنه اول مواطن سوداني يزوره رئيس امريكي سابق في (شقته) بالخرطوم. وأول مواطن في العالم تنقطع الكهرباء، وتنعدم الاضاءة في داره، أثناء استضافته للرئيس الأمريكي! (2) لم أوافق عشاري في الماضي، ولا اشتري اليوم بفلس واحد مزاعمه بأن حادثة الضعين كانت مدبرة، او انها جرت بسبب العرق والرق. كلنا يعلم أن أصل ذلك النزاع في منطقة سفاهة هو سرقة أبقار الرزيقات، ثم قتل الدينكا لمجموعة من شباب الرزيقات. وما اعقبه من حالة الاحتقان التي قادت الى الاعتداء الاثيم على القطار الذي كان محملاً بعدد من افراد قبيلة الدينكا، كردة فعل لحادثة قتل رعاة الرزيقات. مبارك محق تماماً في قوله بأن ما حدث –ويحدث - بين القبائل في تلك المناطق لا علاقة له بالرق، رغم الإقرار بوجود استعلاء عرقي تمارسه معظم القبائل في السودان على بعضها البعض. وأن الامر في جملته يمكن تفسيره في اطار الموروثات القبلية الشائهة التي غذتها ثقافة الاقتتال القبلي عبر القرون. كما أنه أصاب كبد الحقيقة في مقولته أن بلادنا مبتلاة بوباء المواجهات الدموية بين القبائل التي تنشأ بسبب الصراع علي الارض وسرقات الأبقار والاختطاف وما شاكل ذلك من الابتلاءات. ولكن من يقنع حبيبنا عشاري، الذي طبعت لسانه وجنانه عقيدة الرق، واستقام وجدانه واستوى على محجّتها الكالحة، لا يبغى عنها حولا. من يقنعه بأن يصد بظهره الى الوراء قليلاً، ويشد الى رئتيه نفساً عميقاً، ثم يعيد التفكير والتأمل، ببصرٍ مفتوح وبصيرةٍ نافذة. وقلبٍ سليم مبرأ من مرارات الاحساس بالظلم الخاص، الذي كسته منه حكومات الديمقراطية الثالثة سربالا؟ أى والله الرجل مظلوم. والحق أن السيد مبارك المهدي وضع على رأسه قبعة السياسي الداهية، الذي يلعب بالبيضة والحجر، هو يعرض الى مظلمة عشاري ويرد عليها. ولهذا جاءت نصوص عباراته وكلماته كلها سليمة (تكنيكالي) في قول الفرنجة، ولكن الروح منها ما برحت تحلق في عوالم أخرى! صحيح أن القرار بحظر عشاري عن السفر صدر اثناء تولي مبارك وزارة الصناعة. ولكن عقابيل القرار ظلت باقية، وقد رزح الرجل تحت نيرها عهداً طويلاً بعد ذلك. وعندما تولى مبارك وزارة الداخلية كان صاحبنا ذاك ما يزال يشقى ويسعى بيديه وقدميه لرفع غائلة الحظر. وما تزال صورة عشاري في ذاكرتي ونحن على مبعدة ربع قرن من الزمان، وهو يجلس أمامي في مكتبي برئاسة مجلس الوزراء، وقد أتى به صديقنا المشترك الاستاذ مامون الباقر، مسئول المعلومات والاتصالات بالسفارة الامريكية آنذاك، متوسطاً وساعياً في أمر رد جواز السفر. (3) رجاء أخير الى الحبيب الدكتور عشاري، وهو عندنا وعند غيرنا من الأخيار ان شاء الله. ما رأيك ان تستهدي بالله، ثم تلقى من ورائك ظهرياً تلك الدعاوي المحتقنة من شاكلة: (تهمة عقوبتها الاعدام لفقها ضدي الصادق المهدي)، و(تلفيق تهمة ضدي ليتم بها اعدامي) وتسقطها، فلا ترددها بعد اليوم؟ أنت وصديقك مأمون الباقر تعلمان، علماً نافياً للجهالة، أن رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي انزعج، غاية الانزعاج، عندما رُفعت اليه مظلمتك، وعرف بأن جواز سفرك مُصادر، وأمر باعادته في التو، ورفع حظر السفر لو انه كان ما يزال قائماً. وما حال دون تنفيذ التوجيه على الوجه الاكمل سوى (الشديد القوي) الذي انت به عليم! ولو كان الامام الحبيب ممن يلفقون تُهمات الاعدام،وينصبون المقاصل، ويُرسلون الناس الى المشانق والدروات، لما كان الحال هو الحال. وفي ذكائك بقية الكلام! نقلاً عن صحيفة (السوداني) //////////