في ذكري ثورة سبتمبر الأولي وذكري ثورة اكتوبر التي بلغت اليوبيل الذهبي مازال نظام الفساد والإستبداد والكهنوت الإسلاموي يتربع علي عرش أطول ديكتاتورية في السودان بلغت أكثر من ربع قرن من الزمان. ولم تزل سياسته العنصرية القائمة علي الإبادة والإستهداف لإنسان دارفور كماحدث لطالبات داخلية جامعة الخرطوم - البركس. وكماتشن قواته الجوية مؤخرا في جبال النوبة لتغتال خمسة اطفال بدم بارد. وحيث مازالت زنازين الإعتقال تعج بالناشطين ومصادرة الحريات وإغلاق الصحف ومحاكمة الصحفيين هي السمة البارزة في خواتيم عروض مسرحية الوثبة والحوار المدعي. ومايهمنا كمواطنين سودانيين نسعي للخلاص والحرية والديمقراطية متطلعين لوطن جديد هو إدراكنا للحظة التاريخية التي تستوجب حراك القوي الإجتماعية الفاعلية وتنظيمها وتوحدها وإنخراطها الفوري للمقاومة من أجل إسقاط هذا النظام وتفكيك منظومته ومحاكمة قادته. إن الفعل والحراك الثوري ، إذ لا يمكن فصل الحراك الاجتماعي عن الحراك السياسي ففي هذه الحالة فإن الحراك الاجتماعي له مضمون سياسي . إذ يحدد علماء علم الاجتماع أربعة أنماط أساسية للحراك الاجتماعي هي: -1 الحراك المهني. -2 الحراك الجغرافي . -3 الحراك الاقتصادي . -4 الحراك الفكري. والحراك السياسي هو جزء من الحراك الاجتماعي الذي يهدف الانتقال أو التحرك من موقف سياسي إلى آخر, ومن رؤية سياسية إلى رؤية أخرى , ومن تحالف معين إلى تحالف آخر, يتجه نحو تفاعل شعبي وسياسي واجتماعي يتبلور على قاعدة إبراز قضية سياسية واجتماعية في المجتمع بهدف النضال من اجلها، بصرف النظر إن كان ذلك الانتقال أو التحول يرضي السلطة أو يخالفها. مفهوم الثورة : لا يوجد إجماع بين علماء العلوم الاجتماعية على ماهية الثورة وتعريفها ، مثلما هو الحال في الظواهر الاجتماعية بعامة التي لا يوجد إجماع على تعريفها . ولكن هناك نقاط رئيسة يلتقون فيها، يمكن أن تشكل إجماعاً على تعريف الثورة منها مثلا: أنها التغيير المفاجئ والسريع، البعيد الأثر في الكيان الاجتماعي. ويشير عالم الاجتماع الامريكي بيتر امان بان الثورة يمكن وصفها بانها انهيار لحظي او على مدى طويل ، لاحتكار منظومة للسلطة وتكون مصحوبة برفع القيود والخضوع والطاعة . ذلك التغيير الذي من شأنه أن يحطم استمرارية الأحوال الراهنة في المجتمع . وبهذا الخصوص يشير عالم الاجتماع " هربرت بلومر " بأن الثورة تبتغي إعادة بناء وتنظيم النظام الاجتماعي كله تنظيماً وبناءً جديداً. ويرى كارل مانهايم أن الثورة عمل قصدي وإن كانت بعض عوامل هذا العمل الاجتماعي لاشعورية . ولذلك فهو يؤكد أن الثورة تعني فيما تعنيه أن هناك توقع حدوث انحطام في الكيان الاجتماعي المبرر القائم وفي التنظيم الاجتماعي الراهن ووجود قصد لإحداث مثل هذا الانحطام والانهيار . وباختصار فإن الثورة ماهي إلا ردود أفعال الأفراد والجماعات على الأحوال غير المرضية في حياتهم الاجتماعية. ممايعني إعادة المفهوم للقوي الفاعلة لتحقيق اهدافها المعلنة بخصوص إسقاط النظام إذ لايمكن أن تبتعد من القوي الإجتماعية وضرورة وجودها كمؤثر ومحرك لعملية الثورة والتغيير لأنها في حقيتها حالة من الوحدة المجتمعية التي تجاوزت كل خلافاتها الفكرية والأيديولوجية لتوحد تصورها حول فكرة رفض السلطة التسلطية التي أصبح من الصعب تقبلها أو التعايش معها. وفي كل هذا لعبت كل من العوامل الاجتماعية وثورة المعلومات دورا مهما والتي بفعلها حصل، بسهولة، التواصل العابر للحواجز والحدود السلطوية والمتعلقة خاصة بمواضيع حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية وهي،كما أصبح يعلم الجميع، قيم كونية وإنسانية. ممايحتم ضرورة الإنعتاق علي قيادات المعارضة السودانية ومنظوماتها وتحالفاتها وحراكها السياسي من أسر الفوقية وشوفونية عملها الإعلامي كرد فعل سياسي وسطحي لعقود من الزمن. فالثورة علي الأبواب ولإنجاح جذريتها لابد من إتخاذ مواقف صارمة تجاه النظام وتجاه كل القوي التي توفر له الدعم والسند أو تعطل إسقاطه بمواقف مضطربة. فالإنخراط المباشر في أوساط القوي الإجتماعية هو من يحقق إجتثاث النظام بشكل حاسم. وهذا مايجب أن يكون إستراتجية قوي الثورة والتغيير. ولنؤكد ذلك بحسم وتجفيف العمل الفوقي وذلك بتوقيع وثيقة باريس سبتمبر ولتنخرط قوي المعارضة لإسقاط النظام في أوساط القوي الإجتماعية. إن إهدار الفرص التاريخية للثورة والتغيير سيستمر بجر نصالاتنا الي غياهب القطيعة الإجتماعية . لطالما أن النظام يجد في تلك المساحة أوكسجين البقاء علينا تجفيف مصادره بالنزول الفوري في مجتمعاتنا المحلية والعمل بأوساطها لإسقاط النظام. إن الأبواب مشرعه تماما نحو ذلك ولكن يتحتم فتحها بتبني تلك الإستراتيجية ببناء مجتمع قوي قادر علي مجابهة السلطة وهزيمتها بقوته وتأثيره وفاعليته وتنظيمه بجرأة مقاومته. فهو يتمتع بأبعاده الحاسمة جغرافيا وثقافيا وإقتصاديا وفكريا وسياسيا. فلماذا التلكوء والثورة علي الأبواب [email protected]