والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    نادي الشروق الأبيض يتعاقد مع الثنائي تاج الاصفياء ورماح    فترة الوالي.. وفهم المريخاب الخاطئ..!!    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجندر (النوع) ودراسة الطب في وسط السودان .. عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
نشر في سودانيل يوم 27 - 11 - 2014


سوزان م. كينيونSusan M. Kenyon
عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذاعرضوتلخيص لمقتطفات من مقال نشر في العدد التاسع عشر من مجلة الأحفاد Ahfad Journal الصادرة في عام 2002م (ويباع أيضا في موقع أمازون)، بقلم الدكتورة سوزان م. كينيون والتي وتعمل أستاذة غير متفرغة في جامعة بتلر الأمريكية، وهي حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة براين ماور الأمريكية في الانثربولوجي في عام 1977م، وكان موضوع دراستها عن سكان الأصليين في منطقة على الساحل الغربي لكندا. وعملت باحثة مستقلة بين عامي 1979 و1985 في منطقة سنار، وأثمر بحثها عن كتابين هما "خمس نساء من سنار" و"الأرواح والرقيق في وسط السودان: الريح الأحمر في سنار". وساهمت المؤلفة في غضون تلك السنوات أيضا بالعمل في حملات محو أمية النساء وفي تعليمهن حرفة صناعة وبيع المشغولات اليدوية ضمن مشروع مولته السفارة الهولندية بالخرطوم. وعادت لسنار في أعوام 2000 و2001 و2004م ضمن فريق يبحث في أمر الخيارات العلاجية (واستخدام الأعشاب الطبية) في سنار بالتعاون مع كلية الطب بسنار.
ينبغي تذكر أن هذا البحث قد أجري في عام 2001م، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن حدثت كثير من المتغيرات في بعض ما أتت به الكاتبة من معلومات. هذا بالإضافة لحماسها لعملية التوسع المفرط في التعليم العالي (خاصة الطبي) دون الاشارة لأثاره السالبة. وهنالك الكثير مما يمكن قوله في باب النقد الموضوعي للبحث، خاصة في أمور تتعلق بكفاية عدد الطلاب الذين شملهم البحث، وعشوائية اختيارهم، للوصول لنتائج موثوقة إحصائيا يمكن الركون إليها، ولا علم إن كانت قد استعانت الكاتبة بخبير في شئون الإحصاء الطبي أم لا.
المترجم
****** ********** **********
سجلت الكاتبة في مقدمة ورقتها بأنه، ومع تزايد أعداد الطلبة والطالبات من الجنسين (خاصة الإناث) الذين يدرسون الطب، فإنه تأثير الجندر (الجنس / النوع) لا بد أن يأخذ مكانا له عند دراسة أسباب ودوافع ذلك التوجه. وتتناول هذه الورقة آراء وتصورات الطلاب في كلية الطب في سنار وطريقة تفكيرهم حول اسئلة تدور معظمها حول الكيفية التي يمكن بها للنوع أن يؤثر على التدريب الذي يلقونه، وعلى مستقبلهم المهني لاحقا، والآثار المحتملة للتوسع في الدراسات الطبية على وجه العموم.
وذكرت الكاتبة أنها لاحظت شيئين مهمين في أثناء سنوات بحثها الميداني في سنار، أولهما هو الزيادة الكبيرة في أعداد كليات الطب في السودان، وهذا في حد ذاته - في نظرها- أمر يثير الإعجاب. فقبل ثلاثين عاما كانت هنالك كلية طب واحدة في البلاد هي كلية الطب بجامعة الخرطوم. واليوم (أي في 2001م) توجد بالعاصمة وحدها على الأقل خمس كليات للطب، منها كلية طب الأحفاد، والمخصصة للبنات فقط. ومنذ منتصف التسعينيات بدأ تطبيق سياسة لامركزية التعليم العالي في البلاد، وأدى ذلك لإنشاء كليات طب في جامعات إقليمية في الفاشر وكسلا وشندي وسنار ومدني. وبعض هذه الكليات الطبية (مثل التي في جامعة الجزيرة) تعتمد نمطا في الدراسات الطبية موجه نحو المجتمع. ولا تزال كل هذه الكليات تجتذب اوائل الطلاب (بحسب نتائج الامتحانات في نهاية المرحلة الثانوية). والأمر الثاني الذي لاحظته الكاتبة هو أن كليات الطب بالسودان تقبل أعدادا كبيرة من الطالبات. ففي كلية الطب بجامعة سنار مثلا تمثل الطالبات أكثر من ثلثي عدد الطلاب الكلي. وقد يكون هذا انعكاسا لتفوق الإناث على الذكور في امتحانات الشهادة في كل مناطق السودان. غير أنه ينبغي – بحسب رأيها - تذكر أن كثيرا من الطلاب الذكور لا يرغبون في الاستمرار في الدراسة الجامعية في السودان بعد اكمالهم للمرحلة الثانوية، إذ أنهم يرغبون في الهجرة لخارج البلاد لأغراض الدراسة أو العمل وذلك لأسباب سياسية أو اقتصادية متنوعة.
وكان من المتوقع أن يسد ما سبق ذكره من توسع كبير وسريع في التعليم الطبي النقص في الأطباء في سائر أنحاء البلاد، خاصة المناطق الريفية والطرفية البعيدة، حيث تقل أو تنعدم الخدمات الطبية. غير أنه من المعروف أن خريجي كليات الطب لا يتحمسون – ولأسباب مختلفة - للعمل في المناطق الطرفية أو البعيدة عن المدن الكبيرة في وسط السودان. وتعيب الكاتبة على النظام التعليمي الحالي هو أنه يقبل الطلاب في كليات الطب على أساس قومي وليس على أساس إقليمي، وهذا مما يؤثر قبول الطلاب من المناطق الأكثر غنى ورفاهة. فلم تلاحظ الكاتبة مثلا في كلية الطب في سنار غير طلاب مناطق الوسط النيلي حيث توجد تقاليد للتعليم العالي ليست موجودة عند غيرهم، مع وجود غير متناسب لطلاب ولاية سنار ذاتها.
وتري الكاتبة أنتخرج تلك الأعداد الكبيرة من الإناث في كليات الطب (وهو أمر يسعد النسويات feminists على نحو خاص) قد يؤدي لآثار وعواقب لم يتم فحصها أو دراستها بعمق إلى الآن. فهنالك من الذكور من طلاب الطب والخريجين والأطباء وعامة المواطنين ممن يبدون بعض القلق من تلك الأعداد (المفرطة في نظرهم) في أعداد الطبيبات بحجج متنوعة، رغم أن النساء في سائر أرجاء العالم (والسودان كذلك) يجدن أنه من الأسهل والأكثر مناسبة لهن أن يقابلن طبيبة (وليس طبيب) عند شكواهن أو شكوى أطفالهن من علة ما. ولكن يجب أيضا أن نتذكر أنه يصعب في السودان على الطبيبة (والمرأة عموما) غير المتزوجة أن تسكن بمفردها وبعيدا عن عائلتها أو أن تنقل معها عائلتها. وهذا بالطبع مما يحد من الاستفادة من خدمة الطبيبات في المناطق الطريفة البعيدة. وتورد الكاتبة أن البعض يرى أيضا بأن زيادة هيمنة وغلبة النساء في مهنة كانت وإلى وقت قريب مهنة ذات أهمية سياسة لا يزاولها غير الرجال، قد تقلل من مكانة (status) الأطباء في المجتمع، كما لوحظ في بلدان أخرى من العالم (لم تتوسع الكاتبة في هذه النقطة كما كان ينبغي لها، ولم تذكر أمثلة لتلك البلدان).
وتبين للكاتبة من البحوث التي أجرتها في سنار (حول بعض جوانب الطب الاجتماعي) أنه يلزم القيام بمزيد من الجهد في مناهج التعليم الطبي لزيادة إدراك ووعي الطلاب (الذكور والإناث معا) بالقيود الثقافية والاجتماعية والتحيزات (biases) في ممارسة مهنة الطب، والتي تؤثر على عملية تقديم الرعاية الطبية لكل المواطنين، إناثهم وذكورهم.
وقد لمس من قبل كثير من الباحثين السودانيين وغيرهم (مثل رقية أبو شرف وأسماء الدرديري والسونجاقر وجي بوودي) بعض الجوانب العامة المتعلقة بالعلاقة بين النوع (الجنس /الجندر) والطب في السودان. فأجريت على سبيل المثال بحوث حول الختان وتأثيراته على الإناث (والرجال أيضا)، وعلى طرق التداوي البديلة في بعض مناطق السودان وغير ذلك.
وفي هذا البحث قامت الكاتبة برصد تصورات وآراء عدد من طلاب وطالبات كلية الطب في جامعة سنار حول تدريبهم وعن أمور الجندر وتأثيره في ممارسة الطب، ودور الجنسين في الحياة عموما، وعن "ثقافة" الطب ككل في هذه المنطقة من العالم، إذ أن الفرضية الأساس عند هذه الكاتبة هي أن الطب (تسميه الكاتبةbiomedicine) مثله مثل أنظمة الشفاء (healing systems) الأخرى يتغير بحسب السياق الثقافي، وليس هنالك من طب مستقل عن سياقه التاريخي.
وأجرت الباحثة مشروعها البحثي (والممول من جامعتها الأمريكية) في شهري سبتمبر وديسمبر من عام 2001م في كلية الطب بسنار وبمعاونة هبة عوض حسن وحنان أ. محمد من معهد أبحاث المناطق المدارية (الحارة) بجامعة الخرطوم. وتم في بداية البحث توزيع استبيانات لأربعة وأربعين طالبا يدرسون في فصول مختلفة، ثم تم عمل مقابلات مكثفة مع أربعة وعشرين منهم، ومع الأكاديميين والموظفين بالكلية لجمع معلومات عن تاريخ الكلية والتنظيم الإداري فيها، وحضرت عددا من المحاضرات في مختلف المواضيع. وكان غالب مخبريهاinformants من المتبرعين من الطلاب، ولهذا السبب فإن العينة (الصغيرة) التي شملها البحث لا تمثل تمثيلا كاملا النسبة بين الجنسين، أو مختلف الآراء الدينية التي يحملها طلاب تلك الجامعة. ورغم أن الطلاب الذكور كانوا أقلية في الكلية إلا أنهم كانوا أكثر رغبة في المشاركة في البحث من الطالبات، وأكثر استعدادا للحديث معهاوالأنس من غير كلفة قبل بدء المقابلات الرسمية. وأقرت الكاتبة بأن طلاب مجموعتين من الطلاب قالوا لها بعد أن سألتهم عن الهجوم الأمريكي على أفغانستان أنهم لا يريدون مساعدة أي أمريكي الآن، ولا يريدون لأسمائهم أن تظهر في أمريكا. وكانت هنالك مجموعة متحفظة أخرى، تعرف ب "أنصار السنة"، وهؤلاء عددهم قليل نسبيا في الكلية، ولكنهم موجودون في كل فصل. وقد استبعدت الكاتبة هذه الأقلية من الطلاب من المناقشة في هذا البحث، وهذا أمر قالت إنها تتمنى أن تتلافاه في أبحاثها المقبلة! وبالطبع يعد ما فعلته الباحثة من الأمور غير المألوفة في الأبحاث العلمية والمسوحات والاستبيانات، ويقدح في موثوقية النتائج المتحصل عليها. كذلك لم تذكر الكاتبة العدد الكلي لطلاب الكلية والذي اختارت منه 44 طالبا وطالبة فقط، ولم تأت على ذكر لمعايير الإدخال أو الاستبعاد من الدراسة مما يطلق عليه inclusion and exclusion criteria.
واستعرضت الكاتبة في صفحة كاملة بعض المعلومات الأساس عن مدينة سنار وكلية الطب بها مثل الموقع والمبنى (مبنى مدرسة سنار الثانوية بنين) ومنهج الكلية الدراسي وطرق التدريس وجنس الأساتذة (وكانوا كلهم من الذكور، مع 3 من مساعدات التدريس) وغير ذلك. وذكرت المناطق التي أتى منها الطلاب المشاركين في البحث، غير أنها لم تذكر إن كان هؤلاء الطلاب قد وقعوا في البداية على نموذج موافقة (consent form) على الاشتراك في البحث، وعلى السماح بالإعلان عن اسمائهم ومعلوماتهم الشخصية في البحث المنشور. وذكرت أنه من بين الأربعة وأربعين طالبا الذين تحدثت معهم كان 9 منهم من منطقة سنار نفسها (ويشمل ذلك كريمة وتكتوك وود العباس)، و7 من مدني والدمازين و6 من منطقة الخرطوم الكبرى، وطالب واحد من شندي، وآخر من الأبيض، وكان بعضهم الآخر من مناطق الجزيرة المختلفة مثل الحصاحيصا والمناقل ورفاعة والمحس وريحانة. ورغم أن الكاتبة لم تفصح عن مغزى سؤالها للمشاركين في البحث عن قبيلتهم، إلا أنها أوردت – دون تعليق- أن التركيبة "الاثنية" للطلاب الأربعة وأربعين كانت مكونة من الجعليين (15 طالبا) ثم المحس (4) والكواهلة (4)، والبقية من قبائل متفرقة. ولم يكن هنالك أي طالب من جنوب السودان. وكان هنالك أيضا طالبان من سوريا وطالب من الأردن، ولم يدخل هؤلاء ضمن العينة التي تم الحصول على المعلومات منها.
وسألت الكاتبة جميع الطلاب الذين قبلوا بالمشاركة في البحث عن ديانتهم فأجابوا بأنهم مسلمين، غير أنها أضافت أيضا بأن هنالك "تنوعا أو اختلافا في الأصوات الإسلامية" قد يؤثر على تصورات وآراء طلاب الطب فيما يخص طرق التداوي والشفاء، وتحديد هويتهم الذاتية. وجدت الكاتبة أن الطلاب من ذوي الاتجاهات الصوفية أكثر انفتاحا نحو العديد من طرق التداوي المتنوعة، بينما عبر طلاب آخرون عن اعتمادهم الشديد على القرآن كمصدر للهداية والإرشاد وفهم الطب. وكانت هنالك أقلية صغيرة من الطلاب ترى أن الطبيعة العلمية للطب تميزه عن كل نظم الشفاء الأخرى. وكانت هنالك أيضا اختلافات دينية أخرى، إذ لاحظت الكاتبة أن الطالبات المنتميات لجماعة "أنصار السنة" كن أقل مشاركة عملية في تجارب التعلم، وفي التواصل والنقاش مع بقية الطلاب الآخرين، خاصة من الجنس الآخر.
وأتضح للكاتبة بعد السؤال عن عائلات الطلاب المشاركين في البحث أن هنالك عددا كبيرا غير متناسب من الطلاب أتوا من عائلات مهنية أو متعلمة تعليما عاليا. فكان هنالك 8 طلاب أفادوا بأن أباءهم يعملون في مهنة التدريس أو التجارة.، وأفاد خمسة بأن آبائهم يعملون بالزراعة، بينما ذكر آخرون أن الوالد يعمل طبيبا أو رجل شرطة أو موظفا في مصرف ( بنك). وكانت الكاتبة تتوقع أن يكون في عينتها بنات وأبناء بعض العاملين في الحقل الطبي، غير أنها فوجئت (كما ذكرت) بأن في عينتها بنات وأبناء لسائقين وعمال كهرباء ونجارة وميكانيكا. وليس هنالك من سبب للاستغراب هنا إذا علمنا بأن جامعة سنار جامعة حكومية وليست جامعة خاصة لا يقربها إلا أبناء وبنات الأثرياء!
أما بالنسبة لمهن أمهات الطلاب والطالبات فقد كانت 36 من أمهات الطلاب والطالبات في العينة (أي نحو 90% منهن) من ربات البيوت. وكانت خمسة منهن يعملن في مجال التعليم،والباقيات يعملن في مجال الزراعة أو التجارة البسيطة (دلالية) أو دراسة القانون أو الطب الشعبي (بصيرة مختصة بمعالجة كسور العظام).
وأخيرا سألت الكاتبة الطلبة والطالبات عن أصعب شيء صادفوه / صادفهن في كلية الطب، وكانت تتوقع أن يذكروا/ يذكرن لها مقررا محددا أو مادة طبية معينة . غير أن إجابة معظمهم / معظمهن كانت تدور حول بعدهم / بعدهن عن الأهل والعيش بعيدا عن مناطقهم / مناطقهن الأصلية، وحول صعوبة التعرف على الآخرين في الكلية (خاصة من الجنس الآخر). وينبغي تذكر أن هؤلاء الطلاب كانوا قد درسوا جميع مراحل تعليمهم في مدارس ليس فيها اختلاط بين الجنسين، ثم قبلوا بالجامعة ووجدوا أنفسهم فجأة في جامعة مختلطة فصعب عليهم (وعليهن) التأقلم على الوسط الجديد.
وأوردت الكاتبة في ختام ورقتها بعض ما سجله الطلاب من تصورات وآراء حول تأثير النوع (الجندر) في الطب، وهذه أمثلة لبعضها:
1/ "لا يعتمد النجاح المهني على نوع الفرد. يحتاج الطب للذكور والنساء على حد سواء". طالب في المستوى الثالث.
2/ " الطب مهنة تناسب النساء لأن المريضات يتحدثن مع الدكتورة بحرية أكبر" طالبة في المستوى الخامس.
3/ "اختارت لي عائلتي (وبموافقتي) كلية الطب، وندرك الصعوبات التي ستقابلني، وأتمنى قهرها". طالبة في المستوي الثاني.
4/ "لاحظت أن النساء أقل حظا في النجاح بسبب ظروف المجتمع. فالزواج يعيق تقدمهم في العمل. وحتى إن لم يتزوجن، فهن يظللن يفكرن في متي سيتزوجن. ولذا فالرجال أنجح من النساء في الطب". طالب في المستوى الخامس.
5/ "الطب أصعب للنساء لأن الزواج يؤثر على عملهن المهني". طالبة في المستوى الثالث.
6/ "لا. الطب أنسب للرجال أكثر من النساء. ولكننا نحتاج للطبيبات أيضا لعلاج النساء، رغم أنهن أقل كفاءة من الرجال". طالب في المستوي الثاني.
7/ " التدريب الطبي يناسب الرجال أكثر من النساء لأن النساء حساسات ويتأثرن بسرعة". طالب في المستوي الثاني.
8/ "يفترض أن يكون الأطباء من الذكور في ما عدا تخصص أمراض النساء والتوليد". طالب في المستوي الرابع.
9/ "لا فرق بين الرجال والنساء في غالب التخصصات، إلا أن الجراحة (خاصة جراحة العظام) تحتاج إلى رجال". طالبة في المستوى السادس.
10/ "أحيانا أشعر بأن الطب لا يناسبني، وأقلق من التفكير في المستقبل والتوفيق بين مهنتي وعائلتي". طالبة في المستوي الثاني.
سيكون من المفيد (على الأقل من ناحية بحثية بحتة) أن يتم سؤال الذين سئلوا وهم طلابا ذات الأسئلة التي وجهت إليهم عام 2001م، وهم الآن بالتأكيد أطباء عاملين في مختلف التخصصات، لمعرفة إن كانوا يحملون ذات الآراء والأفكار والتصورات، أم لا.
ختمت الكاتبة ورقتها بالتأكيد على أن النوع (الجندر) عامل مهم عند البحث في الطب ودراسته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.