الأحد: شداد وازمة الكرة في السودان في احدي زياراته المشرقة الي برلين استمعت الي شيخ المؤرخين السودانيين بروفيسور يوسف فضل يقول إنه قابل بروفيسور كمال شداد في لندن عام 1961 في طريقه للبرازيل لحضور مباراة في كرة القدم، وقال: يعتبر شداد بلا منازع أول سوداني يسافر الي البرازيل لحضور مباراة والوقوف علي تجربة البرازيل في مسيرة التطور والتألق الكروي. في مطلع هذا الشتاء قابلت بروفيسور شداد في مناسبة اجتماعية وتوجهت اليه بسؤال طالما أرقني وهو لماذا قام بحل الأشبال والمدارس السنية مما قاد لتدهور كرة القدم؟ قال في رده المقتضب إن هذا السؤال هو نتيجة للتضليل الإعلامي لأنه لم يتخذ قرارا بحل ما يسمي بالمدارس السنية ولكنه حل جهاز الاشبال الذي ابتدعه مع الاستاذ محمد الشيخ مدني ولكن حالات التزوير في أعمار اللاعبين واستخدامه في تخزين المواهب أدي الي قرار حله لإستنفاد أهدافه.وقال عن جهاز الناشئين إنه تنظيم سياسي حكومي يتبع لوزارة الشباب لا علاقة له بأهلية الرياضة في السودان.رغم هذه الإفادات إلا أن مجزرة المدارس السنية في تاريخ كرة القدم جريمة يتنكر لها الجميع.ولن تنهض هذه الرياضة الساحرة إلا بإعادة النظرفي إنشاء مدارس سنية تهتم بالنشء منذ سن الخامسة والإهتمام بالتخطيط والتنظيم وإنشاء البنيات الأساسية. أهل الرياضة في السودان يضيعيون علي انفسهم فرصة تاريخية، إذ لم يستفيدوا من دعم الرئيس البشير وهو رياضي مطبوع في احداث النقلة النوعية المتوقعة في بنية الرياضة الكلية في السودان بتقديم مشروع طموح ومتكامل للنهضة الرياضية واهدروا سلطان الرئاسة في سفاسف الدعم المادي العابر والمعسكرات الخارجية والتجنيس. الأثنين:محمد المكي إبراهيم وهل احترقت الغابة بانفصال الجنوب؟ قال الشاعر الكبير محمد المكي ابراهيم في احدي ندوات تكريمه العديدة بالخرطوم الشهر الماضي التي استضافها مجمع البروفيسور عبدالله الطيب للغة العربية أن الغابة احترقت بإنفصال جنوب السودان وعليه لم يعد تيار الغابة والصحراء قائما. ولكن هذه المقولة التي نعي فيها الشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم تيار الغابة والصحراء لإحتراق الغابة بإنفصال الجنوب لم تعجب الناقد الحصيف عبدالمنعم عجب الفيا وقال إنه من الخطأ التفكير في أن الغابة والصحراء هويتان متجاورتان حيث تحترق الغابة بذهاب الجنوب وتسفو الرياح رمال الصحراء إذا ذهب الشمال.ويقول عجب الفيا إن الغابة والصحراء هما هوية واحدة ذابتا معا واتحدتا اثنيا وعرقيا وثقافيا وان الغابة والصحراء ليست مدرسة شعرية أو جمعية ادبية أو حزب سياسي ولكنه واقع ماثل منذ فجر التاريخ.ربما قال الشاعر محمد المكي إبراهيم هذا الحكم في مقام الخطابة عفو الخاطر وليس في مقام التأمل. يفتح هذا السؤال بابا جديدا للحوار خاصة حول قضية الهوية بعد انفصال الجنوب ولا شك أن رؤية الشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم التي تؤكد إحتراق الغابة بإنفصال الجنوب والموقف الثقافي المخالف لعبدالمنعم عجب الفيا الذي يري أن الغابة والصحراء هوية واحدة اتحدتا واندغمتا معا وليست هويتين متجاورتين يصلح هذان الموقفان أن يكونا منطلقا تأسيسيا لحوار ثقافي عميق حول قضية الهوية في منحي التعبير الفني والجمالي والتوصيف الأثني والعرقي بعد انفصال جنوب السودان. الثلاثاء:اجراس الفيتوري تقرع في الدوحة. خصصت مجلة الدوحة ملفا خاصا عن الشاعر السوداني الكبير محمد الفيتوري تحت عنوان" اجراس الفيتوري" استكتبت له احد عشر ناقدا ومثقفا من أرجاء الوطن العربي الكبير أبرزهم د. عبدالعزيز المقالح ود. محمد الشحات وامير تاج السر، ولعل ما استوقفني في هذا الملف هو مقال الناقد المغربي سالم ابوظهر بعنوان "الحالات النفسية للفيتوري"والذي يزعم فيه أنه تأثر بحالة جدته "زهرة" وأقاصيصها في مدينة الجنينة التي كانت تعاني من عقدة اللون الأسود وهي في الاصل كانت جارية مسترقة.كما زادت معاناته ووحدته في الاسكندرية إذ كان يحس بالدونية وفارق اللون في عيون الصبيان التي كانت ترمقه من عل. ولعل هذه التجربة الشعرية الكبيرة لا يمكن قراءتها من ثقب اللون وعقدة الهوية.ورغم تبرئة الفيتوري للرئيس الأسبق جعفر نميري وشهادته المتأخرة أنه لم يسحب منه الجواز السوداني إلا أن هذا الزعم والإدعاء ما يزال رائجا شائعا. ونقل البعض أن الفنان السوداني والعالمي الراحل عثمان وقيع الله قد عنف الفيتوري في خمسينات القرن الماضي وقال له "ما هذا الشعر الذي الذي تكتبه لقد فضحتنا".وهذا ما جعل النقاد يختلفون هل قصائد الفيتوري تعتبر تعبيرا عن مأساته الخاصة وهل هو شاعر مريض كما قال امين محمود العالم؟ وهل كسر الطبقة والكتلة علي قوله إذ أن القضية المركزية هي قضية الهيمنة الرأسمالية والإستغلال الطبقي والاستعمار وليست قضية اللون ومأساة القارة الأفريقية. و كتب حسن المزداوي مقالا عن علاقة الفيتوري الملتبسة بليبيا التي لم تكن سوي علاقة مصلحة مادية بينة.ولكنه كتب "عرس السودان" التي صدح بها ورديوقال أنت عشقي..ويعتبره المقالح أنه شاعر المراثي بلا منازع، وشارك من السودان فقط في هذا الملف الروائي الكبير الدكتورامير تاج السر. الأربعاء: قضية الجزيرة أكبر من المشروع قرظ بعض الاصدقاء والمهتمين مقالي السابق عن "تنميط صورة إنسان الجزيرة في المخيلة السودانية" ولعل آخرهم الصديق و الصحافي الكبير الهندي عزالدين رئيس مجلس إدارة صحيفة المجهر السياسي، وقد اصبح لقضية مشروع الجزيرة تداعيات عامة بعد التصريحات التي ادلي بها السيد رئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي الأخير، والتي تعرضت حسب تصريحات السكرتير الصحفي للسيد رئيس الجمهورية الي تحريف وسوء تفسير في ظل المعمعان السياسي الجاري .في تقديري المتواضع أن اختزال قضية الجزيرة في اصلاح المشروع يعتبر تخذيلا وتصغيرا للأزمة، ولكن قضية الجزيرة تتبدي في اضطراب صورة انسانها في مرآة الوطن الكلية وقلة تأثيره في الشأن القومي العام رغم أنها ثاني أكبر كتلة أنتخابية في البلاد وهي أكبر مصاهر الإندماج القومي في السودان.قضية الجزيرة هي قضية تنمية وخدمات واكتشاف مصادر جديدة للنهضة واعادة اعتبار صورة انسانها من خلال مشاركته الفاعلة في إدارة الشأن الوطني العام التي تعاني اختلالا واضحا.أما مشروع الجزيرة فهو أحد تمظهرات الفشل في إدارة المشاريع القومية. وهذا مثل أختزال قضية التنمية في ولاية البحر الاحمر في إعادة تأهيل ميناء بورتسودان. الخميس: فحولة اللغة وانوثة المعني منذ ان صك الاصمعي مصطلح فحولة الشعر لم يتعرض احد الي مدلولاته الذكورية في صناعة القوافي وتصنيف طبقات الشعراء.ولكن مع ازدياد حركة الجنوسة مؤخرا وتصاعد تيارات حقوق المرأة والاهتمام بتنقية اللغة من مدلولاتها الذكورية والتحيز ضد النوع، برزت في العالم العربي تيارات تقلد الغرب في هذا الإنحياز الصوري فأصبحت معيارية اللغة عند بعض المجموعات التي تدعي وصلا بالحداثة هي اضافة تاء التانيث في الخطاب العام.ولكن تميزت النرويج مؤخرا بأنها أدخلت كلمات في لغتها تكرس لمبدأ الحياد في مخاطبة النوع،كما اسقطت الاكاديمية الفرنسية مؤخرا كلمة (مودموزيل) من القاموس الفرنسي لأنها تكرس للإنحياز ضد الوضع الإجتماعي للمرأة.قال الشاعر الكبير الراحل محمد الواثق إن تجربته في هجاء المدن هي محاولة لمحاربة ميوعة العاطفة. وقال الفطحل الموسوعي الراحل البروفيسور عبدالله الطبيب في ندوته الشهيرة بنادي الجسرة بقطر إن الإنحياز الأعمي لما يسمي بحركة الحداثة أضعف الإحترام للغة العربية لأنه خروج علي قواعدها المستقرة. مع ازدياد حركة الجنوسة وتصاعد تيارات مناهضة التحيز اللغوي ضد المرأة ومساواتها بالرجل فإن مصطلح فحولة الشعر وتصنيف طبقات فحول الشعراء سيكون محل نظر،ولا نستغرب إن طالبتنا هذه الحركة في السودان أن يستخدم الرجال بعض مفردات لغة النساء مثل " أجي، سجمي، كر علي" لمحاربة ذكورة اللغة وتحقيق المساواة وتكريس الحياد اللغوي في مخاطبة النوع. الجمعة: مدارس الشعر الدبلوماسي احتفت الاوساط الأدبية بوزارة الخارجية بصدور كتاب" مدارس الشعر الدبلوماسي في السودان" للشاعر والأديب السفير محمد الطيب قسم الله القائم بأعمال سفارة السودان برومانيا. وهو شاعر مفلق واديب جزل العبارة ناصع الفكرة وعميق المعني.وقد صنف في كتابه هذا كل شعراء الدبلوماسية من لدن المجذوب والمحجوب حتي عهد السفير عبدالله الأزرق في مدارس شعرية حسب أغراض الشعر ودواعي قوافيه. وقد أكد في هذا الكتاب أن القصائد التي احدثت ضجة في مقام وزيرة الخارجية الموريتانية الناها تنتمي الي مدرسة النسيب وليس الغزل كما افاضت بذلك الصحافة السودانية.ولعل الاضافة الحقيقية هي تصنيفه لمدارس الشعر الإنجليزي وترجمة الشعر ومعارضته خاصة سوناتات شكسبير التي برع فيها كثيرون من اهل الدبلوماسية كما برع فيها من قبل الشاعر الكبير ادريس البنا اسبغ الله عليه نعمة الصحة والعافية. (نقلا عن السوداني).