مع نهاية العام 2014 تلوح في الافق ثلاث مناسبات عزيزة على النفس اولاها ذكري مولد النبي صلى الله عليه وسلم، والذي انطبع في اذهاننا ونحن صغار بحصان المولد للأولاد وعروسة المولد بالنسبة للبنات، اذ كان لا بد للوالد من ان يوفر هاتين الهديتين الحلوتين لأولاده وبناته، بالاضافة الى حلاوة المولد وأفضلها وأحبها الى نفسي السمسمية ثم باقي الحلوة (البلدية) الأخرى، ثم المصرية بأنواعها الفولية والحمصية وغيرها. ولا ننسى آخر ليلة في المولد حيث كما يقولون (الاعمى شايل المكسر)، زحام شديد، تمتلئ ساحة المولد بجمع غفير من الناس، وفي اول الليل تتم زيارة الأطفال الصغار قبيل الزحمة وتشترى لهم هداياهم لينصرفوا من وقت مبكر، الا أن اطفال اليوم لا يبالون لأنهم لا ينامون مبكرين فتجدهم يسهرون مع الكبار. هذا هو الجانب الاجتماعي الترويحي أما الجانب الروحي المرتبط باحياء ذكري مولده صلى الله عليه وسلم فكان يتم بشكل سلس ايضا حيث تقام السرادقات (الخيام) المنصوبة، مع اطلالة هلال الشهر الكريم، تمثل العديد من الطرق الصوفية والطوائف على رأسها الختمية والانصار ثم تأتي الطرق الأخرى من قادرية وبرهانية وتجانية وغيرها من الطرق. و من الليلة الأولي تبدأ حلقات الذكر وتلاوة القرآن وقراءة (المولد) والأوراد عند مختلف الطرق الصوفية وقد أبدع الشاعر محمد المهدي مجذوب في قصيدة (ليلة المولد سر الليالي) في وصف ساحة المولد بما تحويه من سرادقات وحلقات ذكر ونوبة ومريدين وجمهور، وقام الفنان الكابلي باضفاء لونية لحنية خاصة بايقاعات رائعة جسد فيها تلك الحركات ووظف الاداء اللحني لعكس الصور القلمية الشعرية التي رسمها الشاعر كلوحة زاهية لكل فعاليات ليلة المولد. صور شعرية ناطقة: راجع الخطو بطار....... يضرب النوبة ضربا...... الى آخر الصور البديعة الرائعة التي تزدان حسنا وجمالا. اطلالة العام الميلادي الجديد كل الناس مستغربة من ان العام الماضي انصرم وادبر بسرعة لايتصورها المرء، وهذا ديدنهم كل عام، ولكن للأسف قليل منا من يمارس الوقفة مع النفس لتقييم حصاد العام فيما يتعلق بالجانب الشخصي ، رغم ان كثيرا منا يقفون ويراجعون حصاد اعمالهم التجارية والمادية، ولكن الوقفة مع النفس هي المطلوبة اولا لأنها هي الركيزة التي تركز عليها كل الأعمال الأخرى التي تأتي في ذيل القائمة (المحاسبية). فلو لم تكن لك عزيزي القارئ قائمة اولويات لانجاز الأعمال أو (خارطة طريق) في الأعوام السابقة، عليك ان تجرب من هذا العام بوضع تصور جديد لها، حتى تتمكن من انجاز أعمالك الشخصية والعملية (التجارية) على نحو علمي يتوافق مع شخصيتك وأقكارك التي تؤمن بها والتي ستمكنك، بعون الله، من تحقيق احلامك ومشاريعك على كافة المستويات. ولتكن المحاسبة موضوعية وأخوية (مع النفس)، ضع امكانياتك وقدراتك ومهاراتك في كفة وضع انجازات العام وماحققته على الصعيد الشخصي والاجتماعي والعملي وما اليها ثم قم بقياس درجات الانجاز والتنفيذ وقم بتقييم الموقف بدقة ونزاهة وتجرد وكانك تنقد او تقيم شخصا آخرا غير ذاتك، ومن ثم ادرس النتيجة بتمعن وحاول بناء على نتيجة التقييم ان تضع استراتيجية وخطة جديدة اخرى مرنة وموضوعية لعامك الجديد. قم بتنفيذ تلك الخطوات شخصيا، ثم الذين يلونك من اصدقاء أو اخوان وأقرباء، وافراد اسرتك، عليك ان تحضهم على اتباع ذلك الاسلوب لمحاسبة النفس ومراجعتها فهو بمثابة (جرد سنوي) لما انجزت من اعمال ولما استعصى عليك لمعرفة اوجه التقصير والقصور لتلافي ذلك في عامك الجديد وكل عام وأنتم بالف خير وسعادة. والتهنئة موصولة لكل قرائي في سودانايل، التي هيأت لنا هذه الفرصة الطيبة للتواصل، متمنيا للقائمين عليها دوام الصحة والتوفيق وأن يسدد الله خطاهم في سبيل تحقيق مبتغاهم ومقاصدهم النبيلة. ثمار استقلال السودان نفس حالة الاستغراب التي اعترت العديد من الناس بسبب انصرام عام 2014 بسرعة نجدها تعتري الموطنين ايضا وهم يقيمون وضع السودان بعد الاستقلال، كم عدد السنوات التي انقضت؟ ما هي المنجزات التي تحققت على المستوى القومي والاقليمي والعالمي؟؟؟؟ وكثير من علامات الاستفهام الحائرة التي تبحث عن اجابات شافية وايجابيات وافرة. ولم اسمع من احد ان السودان قد حقق منذ استقلاله ما كان يراود صناع الاستقلال، الذين خاضوا اللهيب وبذلوا النفس والنفيس من أجل ان يعيش السودان حرا مستقلا كريما مكرما بين الأمم ويستغل موارده التي هو غني بها من اراض زراعية مد البصر وثروة حيوانية لا تقدر وموارد مائية كثر، وثروات معدنية بكر، وبترولية في جميع نواحي القطر. كل تلك الثروات والاقتصاد السوداني لايزال كسيحا بل على سرير المريض وقلبه قد انفطر، ينزف دما على ما فرط بنوه في جنب الوطن المعطاء، الذي اقبل عليهم بالاحضان وادبروا عنه بالشيطان، يسعى في صفوفهم تخريبا وتفريقا، فكان له حزب من اكبر الاحزاب ديدنه التفرفة والاحتراب والجلبة والاضطراب، واقبل على كراسي الحكم اناس اقسموا بأنهم ليسوا للسلطة طلاب وهمهم الاصلاح والاعمار وغايتهم تحقيق رغبة الانسان ودافعهم واجب الأوطان، الا أنه كلما انقضت ولاية حادوا عن الجادة وتصدت مجموعة اخرى يلعبون لعبة الكراسي لا يفكرون في البلاد ولا في المصلحة العامة همهم بدل نكران الذات تحقيق الذات واتباع المضلات ونبذ الباقيات الصالحات رغم انها في قائمتهم التي حققوا بها الفوز مدرجات وفي برامجهم مسطرات. التباكي على الماضي لا يجدي ولنفتح صفحة جديدة لبناء السودان الجديدد على اسس بناء السودان القديم التي سادت فيها روح التعاون والمحبة والوئام وحب الوطن وعلينا من الآن نبذ الفرقة وكل ما يساعد ويعين عليها ووأد الفتن ومسبباتها من قبلية وعرقية وجهوية بغيضة، والتمسك بالعادات والتقاليد السودانية العريقة التي سادت وجعلتنا من الأسياد اعزة مرفوعي الهامات، سامقي القامات. واالعمل بروح الفريق نعمل بيد واحدة على مواصلة المسيرة على نهج الأجداد الأفذاذ الذين حققوا المعجزات بأقل المعطيات. وبالله التوفيق. [email protected]