نموت ولا احد يبكي علينا ، مقولة ( زول ساي ) ، وما ادراك ( ما ساي ) في بلادي ، رغم ان الماساي قبيلة رعوية مشهورة في دولة كينيا ، ومن اشهر مناطقها الطبيعية واكثر جاذبية للسياح لمناظرها الخلابة والجذابة في ذات الوقت ، وهي منطقة تسمي نغونغ هيلز ( تلال نغونغ) ، قد يكون التناقض في المقارنة ، لكن علينا ان نعلم ( الزول الساي ) في وطننا السودان ، هو الانسان الذي لا قيمة له في وجهة نظر الحكومة ، ولا يعتبر انسانا في الاصل ، والدولة تطارده ان يخدم في الشرطة والمليشيا والجيش ، تجبره علي الذهاب الي مناطق العمليات في دارفور وجبال النوبة والنيل ، وتدربه علي حرب العصابات في العاصمة الخرطوم والولايات ليقتل ويغتال ويعذب كل من هو خارج التعريفة الوطنية للطاعة الاسلامية ، الدولة المتطرفة للحرب والمتعطشة لسفك الدماء ، تلزمه ان يحارب رغما عن انفه ، وتزج به في ادغال الحرب ، كما فعلت مع الاطفال صغار السن في جبال النوبة ، عندما هربت القوات الحكومية من امام قوات الجيش الشعبي في الجبال ، تركت وراءها الاطفال صغار السن ، يعانون الفشل والخيبة المفاجأة ، هم ما دون سن الثامنة عشر ، القانون يمنع تجنيدهم ، ولا يهمها ذلك في شئ ، ان الاطفال لا بواكي عليهم ، ولا احد من كبارالحكومة يهتم لامره ، ولا انقاذهم ، ان التحرير المعروف حسب القراءة السياسية هي التضحية بالصغار في حرب الحفاظ علي الحكم ، لا تعني شيئا لهم ، فالهزيمة في تلودي ودلدكو وبعض المناطق في الجبال تعبير ان القوات الحكومية هزمت ، وقتل الكثيرون ، بعد الفرار من ارض المعركة ، تعتبر حسب الاعراف العسكرية ان هذه المؤسسة باتت مثل مشروع الجزيرة الزراعي ... هناك خبر انتشر في مدينة بورتسودان الساحلية في شرق السودان ان جهاز الامن منع بعض الاسر ان تقيم تعازي لابنها الذين راحوا ضحايا حرب النظام في جبال النوبة ، وبعد اشاعتها اخبارا انها علي وشك القضاء علي الحركة الشعبية في جبال النوبة ، لكن العكس هو الصحيح ، والفيديو الذي لقي رواجا ومشاهدة في مواقع التواصل الاجتماعي كافة ، اكد ان قوات الدعم السريع المخصصة للدخول الي كاودا هربت ، وتركت وراءها العتاد العسكري والقتلي والجرحي في ارض المعركة ، والاحتفال الذي اقامه الجيش الشعبي مع مواطني المنطقة ، هو الدليل الابرز علي تساقط قوات الدعم السريع ، والضجة الاعلامية الكبيرة ، ماهي بالونة مضروبة لا تستطيع ان الصمود لايام ، ( المحرش ما بقاتل ) هكذا يقول المثل الشعبي في السودان ، فابناء مدينة بورتسودان ضحايا التحريض العسكري للقتال في جبال النوبة ، وهم ضحايا عقلية المليشيات ، هم ضحايا الفرز الحربي ، هم ضحايا التجييش العنيف ، هم ضحايا الفوضي الامنية في السودان ... وجهاز الامن يمنع اسرهم ان تعزي عليهم ، بحجج ان الوضع العسكري تحت السيطرة ، والقوات مازالت قادرة علي عمل الكثير، واستعادة كاودا ، كانها انسحبت منها تكتيكيا في وقت ما ، واوهام الصلوات في كاودا ما زالت قائمة ، كأن الصلاة فيها هي اخر الاماني لهم ، ولا مكان طاهر للصلاة الا في هذه ( الكاودا) العصية علي السجود والتركيع في عهد اسلاميو بني الانقاذ ، ما ذنب الاهالي ان لا يقيموا سرادق عزاء للابناء المساكين في مدينة بورتسودان الساحلية ، يقضي قادة النظام اوقاتهم الجميلة علي الساحل للترفيه ، والمتعة واكل السمك باسعار الدولار ، ويحرموا الاخرين والثكالي من البكاء فقط والتعزية بسعر الجنيه السوداني المتسارع في الهبوط كل يوم ، والبكاء في السودان له ضريبته الوطنية القاسية جدا ، ومن اراد ان ينتبح عليه ان القيام بذلك سرا ، وليس علي العراء والهواء الطلق، فالعراء للتبرز فقط .. ومن قتلوا في جنوبطوكر في التسعينيات ، لم يبكي عليهم الا من صاحب الوجيعة ( بس) ، هذا يعني ان ماتوا هناك ماتوا ( ساي ) مع الاعتذار علي اسر الضحايا ، جهاز الامن هو من اضطر الاخرين لكتابة هذا ، هم لا يعنون له شيئا ، الا ما كان مانعا لقيام سرادق العزاء ، وحتي لا تنكشف مسرحية الصيف الحاسم امام الجمهور الذي يترقب مشهدا واحدا للنصر المزعوم ، ولا يريد ان تعرف بقية الاسر ان ابناءهم تركوا جرحي وقتلي علي الارض ، وهي تهرج في الاعلام ان النصر قادم لا شك الا في قلوب المرجفين ، والطابور الخامس وحدهم ، لا نصر اذا ، ولا صيف حاسم اذا ، ولا صلاة في كاودا ، هم منعوا العزاء للضحايا في الحرب ، فكيف يحققوا نصرا ، اليس هذا عارا عليهم في المقام الاول ، والخوف من قيام العزاء ، هو مصاحب لهبوط معنويات المليشيات المقاتلة ، او المأجورة كما يقول الكثيرون من قادة الحركات المسلحة والاحزاب السياسية ، وبسبب نقدها للمليشيات تعرض قادتها للاعتقال والسجن ، والتهديد ثم الملاحقة ، ان العزاء قد اقيم يوم ان كذبت السلطات انها ضباطها الذين اسرتهم حركة العدل والمساواة في دارفور ، قد لقوا نحبهم ، وقالوا لاسرهم انهم استشهدوا ، هم لم يستشهدوا ، هم اسري لدي الحركة ، وصرحوا بذلك في فيديوهات مسجلة في موقع حركة العدل والمساواة الالكتروني ، بماذا سترد الحكومة علي الفيديوهات لاسرهم ، الا ان تصفهم بانهم طابور خامس ، وهذا مستحيل .. لا يكترث الامن اطلاقا لاصوات امهات ضحايا بورتسودان من قوات الدفاع الشعبي ، وهي معروفة بمليشيات تمارس عملها العسكري الان تحت غطاء القوة الجبرية الدعم السريع ، لا سرادق عزاء اقيمت في المدينة من اجلهم ، ولا كاودا الاستراتيجية اقيمت فيها الصلاة ، لا صلاة ولا عزاء ، كيف تفهم هذه الرسالة الامنية ؟ ، انها الخسارة اذا . لكم منا الحزن المشترك بيننا في وطن يرفض ان نحتفل ، ويرفض ان نعزي ايضا ، اذا ماذا نسمي ذلك ؟؟..