أمامي الآن ثلاث مطبوعات كلها صادرة عن ولاية شمال كردفان، وهي تحديداً الملخص التنفيذي لوثيقة نهضة شمال كردفان ودراسة التنمية الزراعية الشاملة والمستدامة لمنطقة بارا والخيران وأم بالجي، ودليل المستثمر في ولاية شمال كردفان. وما يجمع بين هذه المطبوعات الثلاث أنها تضع الأسس العلمية الصحيحة للتنمية والاستثمار في هذه الولاية الناهضة بجهد أبنائها الذاتي المتمثل في نفير نهضة شمال كردفان. هذه الدراسات القيمة التي بذل فيها جهد مقدر يجب أن تتخذ حيالها خطوات عملية حتى تتحول إلى واقع ملموس ونافع للناس. وحسب رأي الخبراء والمراقبين والحادبين فإن أولى تلك الخطوات هي الدخول إلى عالم المستثمرين عبر بوابة وزارة الخارجية السودانية وملحقياتها الاقتصادية في دول الخليج والدول العربية والآسيوية بالتنسيق مع المجلس الأعلى للاستثمار، وذلك من أجل تعريف الراغبين في الاستثمار والمشاركة في تنفيذ هذه المشروعات الطموحة على إمكانات الولاية التي لم تستغل بعد بالطريقة المثلى بل هي مازالت بكراً. وقد أفاد الأستاذ بكري البر مسؤول الاستثمار في الولاية بقوله: «نحن على تواصل تام مع وزارة الخارجية والملحقيات الاقتصادية لكثير من الدول، وقد أودعنا ملفاً كاملاً عن الاستثمار لدى السفارات المعتمدة بالسودان، ولنا علاقة متميزة كإدارة استثمار مع السفارة الأمريكية بالخرطوم في ما يخص الصمغ العربي وإمكانية التصنيع بالسودان». وكما هو معلوم فإن تسويق الأفكار يعد أحد أهم مرتكزات التنمية وأساليب جذب رؤوس الأموال والمستثمرين، لأن العالم الآن يعتمد على التواصل في مختلف المجالات حتى تكتمل الصورة، ولهذا فقد بدأت مجموعة من أبناء الولاية من العاملين بالخارج، تحت مسمى منتدى شمال كردفان، حرصاً منهم على خدمة المصلحة العامة ومواكبة لنفير شمال كردفان الطموح، في تسويق المشروعات لكل من يمكن أن يساهم فيها. وتشمل هذه المجموعة بعضاً من القانونيين والاقتصاديين والعلماء والإعلاميين وهم الآن بصدد التخاطب مع عدة جهات وأشخاص لتنسيق الجهود حتى يسهموا في استكمال تسويق المشروعات المطروحة في الولاية، خاصة أنها مشروعات متنوعة من شأنها أن تحقق طموحات من يتولون ملف التنمية والاستثمار في الولاية، وتوفر للمواطن فرصة الاستفادة من موارده ومعطيات بيئته بشكل مربح ومستدام، وبالتالي تنهض بالمنطقة وفقاً لما يتناسب ومواردها ومهارات ساكنيها وخبراتهم. ومن هذا المنطلق نهيب بحكومة الولاية واتحاد أصحاب العمل أن يقوموا بتحرك عاجل لدراسة أسباب النجاح الذي تحقق في بعض الولايات والاستفادة من تجاربها وخبراتها في هذا الصدد، ونضرب مثلاً بالولايات الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر، حيث نشاهد الآن مشروعات استثمارية عملاقة اتاحت فرص عمل لأعداد مقدرة من سكان هذه المناطق التي تغيرت ملامحها من صحراء جرداء بعيدة عن ضفاف النيل إلى مروج خضراء تنتج القمح والعلف والخضروات، وربما تدخل الحيوان ضمن دورتها الإنتاجية قريباً، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى الناس بها. وبما أننا نتحدث عن تنمية واستثمار لا يكفي فقط أن نضع الخطط ونطرح المشروعات بل يجب أن نتبع ذلك بتحركات عملية وحملة إعلامية مكثفة حتى نسوق هذه المشروعات بكافة الطرق، وهذا يتطلب إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية لتكون المعلومات في متناول الجميع. ومن ناحية أخرى لا بد من جولات تقوم بها وفود مشتركة من الجهات الرسمية ممثلة في جهاز الاستثمار في الولاية والإدارة الأهلية واتحاد أصحاب العمل، وذلك لشرح وضع ملكية الأراضي وتحديد مواقع المشروعات التي يجب أن تكون خالية من كل الموانع والنزاعات ترسيخاً للثقة المستثمر والأطراف الأخرى. ويتطلب الأمر كذلك من الجهات ذات الصلة في الولاية نشر خريطة استثمارية واضحة تحدد فيها المساحات والمسافات وما يمكن أن يقام عليها من مشروعات سواء أكانت زراعية أو حيوانية أو غير ذلك من المشروعات الصناعية التي تناسب منتجات الولاية وطبيعة أرضها. ومن نافلة القول الحديث عن تطوير البنيات التحتية مثل الطرق وتوفير الطاقة الكهربائية ووسائل الاتصال وتبصير المواطن بضرورة التفاعل مع هذا التوجه الذي سيعود عليه حتماً بالخير والنماء. وجدير بالذكر أن هنالك دراسات وافية للتربة مع وجود مسح جيولوجي يبين كميات المياه المتوفرة في مختلف المناطق، وكل هذه المعلومات متاحة بسهولة لكل من يريد الاطلاع عليها. ويمكن تسخير المؤسسات الأكاديمية والفنية في الولاية لإجراء مزيدٍ من البحوث والدراسات العلمية بالتعاون مع بيوت الخبرة الإقليمية والوطنية من أجل أن نجعل ولاية شمال كردفان جاذبة للاستثمار، وهي فعلاً تزخر بمقومات متعددة يمكن أن تجعل منها سلة غذاء السودان والعالم العربي إذا توفرت لها الخبرة ورأس المال وقوة الإرادة السياسية وتكثيف الجهود. فشمال كردفان تتميز بخصائص وميزات تجعلها جاذبة للاستثمار، منها الاستقرار والأمن وتماسك النسيج الاجتماعي، فهي ولاية وسطية وتتوفر بها موارد إنتاجية متكاملة ومتنوعة تشمل الموارد البشرية والأرض والمياه الجوفية الوفيرة، وتتمتع بمناخ مناسب للإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي. ولا بد من استصحاب الجوانب المهمة للعملية الاستثمارية، وهي الاستقرار السياسي والوضع الاقتصادي والقوانين ومحاربة الفساد حتى لا تهزم العملية الاستثمارية برمتها. ________________________________ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.