السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهافت الدكتور محمد وقيع الله: ليس فى الفكرة الجمهورية نظرية لتطور الاله!!! .. بقلم: بروفيسور احمد مصطفى الحسين
نشر في سودانيل يوم 28 - 01 - 2016

فى مقال جديد للدكتور محمد وقيع الله بعنوان "نظرية تطور الاله فى الفكرة الجمهورى"، تحدث الدكتور عن ما أسماه تظرية تطور الاله فى الفكرة الجمهورية استند فيها على نص اورده مبتورا فى مقال سابق، وحتى يخرج من تهمة بتر النص، أورد النص المبتور الذى ينسف حجته التى تزعم أن الأستاذ محمود قال انه الله، وهو زعم لا يورد له معارضوه نصا واضحا يقول فيه الاستاذ محمود "انا الله"، وأقام على هذا النص المبتور نظريته المذكورة. ولكن الجديد فى المقالة الأخيرة أنها قللت كثيرا من سيل السباب الذى كان يكيله لنا الدكتور كيلا، وخفت فيها حدته وغلوائهكثيرا، وهذه واحدة من ثمرات النقاش مع الجمهوريين، التى اعترف بها مؤخرا كثير من الأخوان المسلمين، والتى يجب على الدكتور ان يحمد الله عليها، والعافية درجات. كما أن الرجل توقف عن التصحيح الاملائي لانه عرف انه يمكن ان يخطئ في الاملاء والنحو ايضا،ولعل هذا يورثه بعض التواضع ايضا. أو لعله سمع نصحيتى بالرفق بنفسه من العنت الذى يحمله لها. ولكنه عاد مرة اخرى فى مقالات اكثر توترا واقل موضوعية كعادته، وذلك فى سلسلة مقالات وصف فيها الفكرة الجمهورية بأنها الوجه الاخر للدواعش. وبما أن هذا الاتهام لا يمكن أن يصدقه أحد فى وصف الجمهوريين فاننى سأركز على نظريته حول تطور الاله فى الفكرة الجمهورية. وسيكون هذا الرد اخر كتاباتى له لأننى لا أملك من الوقت ما يمكننى من متابعة تهافته وترهاته، وكفى بالقراء حكما بيننا.
لقد اورد د. محمد وقيع الله فى مقال سابق نصا من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام وبتره حتى يستطيع ان يثبت ان الاستاذ محمود يقول عن نفسه أنه الله، وان ذاته انطبقت مع ذات الله، ثم لما اوردت له تكملة النص التى تدحض حجته استعمل النص المبنور ليخرجه بنفس الصورة المغرضة مع كثير من التهافت، ويزعم أن لدينا نظرية لتطور الاله. وقبل أن ارد على هذا الزعم الجديد احب ان الفت نظره الى تساؤلى فى المقال الساابق، والذى تغافل عنه متعمدا، ومطالبتى له "اين يوجد زعمه ان الاستاذ قال بانطباق "ذاته فى ذات الله فى النص الذى اورده". ربما يكون تغافله لضرورة "تحريرية عملية" اخرى. وحتى اكون واضحا ارجو ان أعيد عليه ما قاله هو بالنص فى مقاله. اورد الدكتور النص التالى مبتورا من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام وفهم منه ان الاستاذ محمود يزعم أن ذاته انطبقت مع ذات الله (" ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية، فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير، ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله، معاوضة لفعله، فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله ".وقد اتهمته انا بأنه تعمد بتر النص حتى تصح له النتيجة التى يريدها واوردت له بقية النص المبتور وهو (وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وانما يصبح حظه من ذلك ان يكون مستمر التكوين، مجددا حياة شعوره وحياة فكره فى كل لحظة، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه "كل يوم هو فى شأن" والى ذلك تهدف العبادة ...). وسألته (اولا يا دكتور-وأنت العالم المدقق- اين زعم الأستاذ محمود فى هذا النص أن ذاته انطبقت فى ذات الله، وأين جاءت كلمة "انطباق"؟، ام أن قولك مجرد استنتاج لدعم خلاصاتك المسبقة؟)، واتهمته بوضوح قائلا له (ثم ان الغرض اعماك – والغرض مرض- فلم تلحظ عبارة (منازل العبودية) وعبارة (لا يكون العبد مسيرا) فى النص، وهى كانت كافية لنسف زعمك نسفا من أساسه، فالأستاذ يتكلم عن العبودية وليس عن الألوهية).
وبدلا من ان يدفع الدكتور التهمة عنه "بزوغانات" أو تبريرات مقنعة جديدة، او يعترف بأنه فعلا تعمد بتر النص ليصل للنتيجة الى يريدها ابتداء، برر فعله فى بتر النص وحذفه قائلا (ولداع تحريري عملي يتصل بطول المقال رأيت حذفه).ضرورة تحريرية عملية .. يا راجل!!؟ اتقى الله يا دكتور، انت تملأ مقالك بفيض من السباب والشتائم والاشعار بصورة استعراضية، وهى ليست بمهة لموضوع مقالك فهلا، حذفت ذلك الكم الهائل من الابيات الشعرية والسباب حتى توفر لنفسك المساحة التى تورد فيها النص المبتور. ان هذا النوع من خداع النفس ان جاز على الاخرين فيجب الا يجوز عليك انت لانك اعرف بها منهم، ثم ماذا عن الله الذى يعرف خائنة الأعين وما تخفى الصدور؟ ولم تخبرنا يا دكتور كيف يستقيم المعنى الاول المتعلق بانطباق ذات الأستاذ محمود مع ذات الله حتى مع ايراد النص المبتور وفيه يتحدث الاستاذ عن العبودية وليس الألوهية، ويقول ان ليس لله صورة فيكونها او غاية فيبلغها وانما حظ العبد ان يظل مستمر التجديد لحياة فكره وحياة شعوره؟ ثم انسل الدكتور من هذا المأزق الذى وجد نفسه فيه ليتبرع علينا باكتشافه المذهل عن نظرية تطور الاله فى الفكر الجمهورى. يقول الدكتور فى نظريته العجيبة (وواضح أن هذا الكلام (يعنى النص المبتور) رغم أنه جاء في صيغة الاستدراك، إلا أنه لا ينفي معنى الجزء الأول منه. ويتضح عند مزيد (يقصد مزيد من) التدقيق أنه لا يُثبِت معنى الجزء الأول وحسب، بل يؤكده ويصعد به إلى أفق أعلى من آفاق التجديف. حيث اجترح صاحبه دعوى أكبر تقول بأن الإله نفسه يكون (يقصد يكون فى) حالة تطور مستمر!وإذن فإن نظرية التطور لا تنطبق على البشر وحدهم، وإنما تنطبق على الإله كذلك! ) لماذا كل هذا التهافت يا دكتور وكان فى امكانك فقط انت تقول انا اخطأت هكذا ببساطة. وانا اريد ان ارد على هذه النظرية المزعومة بكلمات الأستاذ محمود فى مقدمة الطبعة الثامنة من كتاب "طريق محمد". ومن حسن التوفيق ان هذه الكلمات تفصل ايضا فى موضوع سير الانسان فى مراقى الكمال المعبر عنها فى النص المثبت والنص المبتور. يقول الأستاذ وهو يرد على الملحدين الذين ينكرون وجود الله:-
(وقد يرد إعتراض وجيه على ما سقنا من حجج لإثبات وجود الله وهي حجج تقوم أساسا على ما تعطيه البداهة المعاشة .. هذا الاعتراض يقول : إذا كانت البداهة المعاشة تقرر : أن لكل مصنوع صانعا ، ولكل موجود خالقا ، فمن الذي خلق الله ؟؟ هذا اعتراض قد يبدو وجيها ، لدى النظرة العجلى ، ولكنه غير وجيه ، على التحقيق ، لدى النظرة المستأنية .. ومعلوم أن الماديين يبنون على هذا الاعتراض حجتهم بأن المادة غير مخلوقة ، ولا هي تحتاج لقوة خارجها .. إنهم هم يقولون لنا : إذا كنتم ، في آخر السلسلة ، ستصلون بنا إلى موجود لا موجد له ، ثم تطلبون إلينا أن نعقل هذا ، فمن الآن ، فدعونا نقرر : أن المادة موجود لا موجد له ، ولا هو يحتاج إلى موجد .. واضح عندنا أن هذا منطق غير مستقيم .. ذلك بأن الأمور لا تقرر بهذه البساطة .. هي لا تقرر اعتباطاً ، ولا هي تقرر خبطاً عشوائياً .. الصورة هكذا : هناك ، في الوجود ، الناقص .. وهناك الكامل .. والعقل يستطيع أن يدرك الناقص ، وأن يحدده .. وهو يستطيع ، بالمقارنة ، أن يدرك ما هو أكمل منه ، وهو أيضاً يستطيع أن يلاحظ أن الناقص يتطور نحو الكامل - العقل يستطيع أن يدرك الناقص ، وهو يستطيع أن يدرك الكامل ، نسبي الكمال .. وهو أيضاً يستطيع أن يتصور الكامل ، مطلق الكمال .. إننا نحن ، إذن ، كما قررنا ، نعرف الناقص ، ونشاهده يتطور في مراقي الكمال النسبي .. وواضح عندنا أن كل كمال فوقه كمال أكمل منه .. ونستطيع ، من ثم ، أن يمتد بنا الخيال في متابعة الكمال إلى غير نهاية .. فهناك إذن كمال غير متناه .. هذا الكمال غير المتناهي نستطيع أن نتصور وجوده ، وإن عجزنا عن الإحاطة بكيفية وجوده .. ونستطيع أن نسميه : (( الكمال المطلق )) ذلك بأنا إنما عجزت عقولنا عن الإحاطة بكيفية كماله لأنعقولنا (( معقولة )) بمعطيات الحواس ، والمطلق غير معقول ( غير مقيد ) . (( فالمعقول )) هنا إنما هو من العقال .. ومن العلم أعني من علمية المنهج ألا ننكر (( المطلق )) لأننا نجهل كيفية إطلاقه .. وإنما يجب أن نقره ، وأن نؤمن به ، وأن نصبر عليه ، ريثما نعلمه .. ولن يجئ يوم يكون علمنا بالمطلق علم إحاطة .. وإلا لماكان (( مطلقاً )) ..ووجود (( المطلق )) هو أس الرجاء في نظرة التطور ، ذلك بأن حياتنا إنما تتطور من (( الناقص )) إلى الكمال النسبي ، وهي تطلب الكمال (( المطلق )) .. وهذا يعني أن ليس هناك حد لكمال حياتنا..المادة غير العضوية ناقصة ، والمادة العضوية - الخلايا الحية - أكمل منها - فالنملة أكمل من الشمس .. والمادة العضوية ، في الحيوات الدنيا ، في مرتبة النمل والذر ، ناقصة ، وحياة الحيوان الثديي ، مثلاً ، أكمل منها .. وحياة الحيوان الثديي ناقصة ، وحياة الإنسان أكمل منها .. وحياة الإنسان (( الجاهل )) ناقصة ، وحياة الإنسان ((العالم )) أكمل منها .. وكل من كان (( أعلم )) فهو (( أكمل )) ممن هو دونه (( وفوق كل ذي علم عليم )) .. وحياة أعلم عالم تقصر دون العلم (( المطلق )) .. وهي ، من ثم ، نسبية الكمال لنسبية علمها ، وهي تتطور في المراقي تطلب (( العلم المطلق )).. والعلم المطلق علم يدرك العقل وجوده ، ويستطيع أن يتصوره ، وأن يؤمن به ، وأن يسعى في تحصيله .. هذا العلم المطلق هو علم الله .. وهو الله .. فللناقص خالق ، ومن ههنا جاء نقصه ، لأنه محتاج لغيره .. وللكامل ، نسبي الكمال ، خالق ، ومن ههنا جاء نقص كماله ، لأنه محتاج لغيره أيضا .. وليس للكامل ، مطلق الكمال خالق لأنه ، لإطلاق كماله ، لم يكن مسبوقاً بعدم ، ولا هو ملحوق بعدم ، ولا هو محتاج لغيره .. ولإنهاض هذه الحجة يرد في القرآن : (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله.. والله هو الغني الحميد )) .. فنحن ، حين نقرر ، في آخر السلسلة ، أن هناك موجوداً لا يحتاج إلى خالق ، إنما نقرره على صورة يقبلها العقل ، بل يستحيل عليه أن يقبل غيرها .. ومن ههنا فإن ما تعطيه البداهة هو ، في حقيقته ، أمر يبلغ من الدقة مبلغاً عظيماً .. هذا ، وغني عن القول أن الخالق واحد ، للناقص وللكامل نسبي الكمال .. وإنما تقرر وحدة الخالق وحدة الوجود ..). انتهى النص وانا ارجو ان يقرأه الدكتور ويخرج لنا بنظرية جديدة!!
إدعاء الدكتور، وإدعاء غيره، سرقة الأستاذ من ابن عربى، لا دليل له عليها والا فليثبت لنا أن ابن عربى قال بالرسالة الثانية، او تطوير التشريع، او الأمة المؤمنة والامة المسلمة، او الاسلام اسلامان، هذا ولا انفى ورود بعض معارف الصوفية فى الفكرة اللجمهورية لانها معارف لدنية يحصلونها فى سيرهم خلف النبى، دون ان يكون أخذها صوفى من اخر، فاذا ورد قول لصوفى فى كتابات الاستاذ فلا يعنى هذا ان الاستاذ سرقه منه، الا اذا كان من الممكن ان نقول اناينشتائن سرق من نظرية نيوتن حينما استخدم بعض مقولاتها فى نظرية النسبية. العلم الروحى والعلم التجريبى الحديث يبنى على بعضه يا دكتور وهذا ما يجب ان تعرفه انت بالضرورة. أما تفسير الايات التى ذكرتها صحيح ومناسب لمن قيلت لهم فى وقتها، ولكنها لا تحجنا لانها لا تناسب وقتنا. ولذلك احب لك ان تعرف - وانت اكيد لا تعرف كما هو ظاهر من ايراد هذه التفسيرات- ان القران يحوى علم الله المطلق ولا يمكن ان تحويه اللغة العربية التى هى مجال التفسير، فهى لا تمثل الا مدخلا عليه، وقد ضاقت مواعين اللغة بكثير من معاني القران فأصبحت اشارات فى شكل حروف التهجئ التى أفتتحت بها بعض السور المكية. فالقران لذلك لا يستقصى بفهم اللغة العربية واساليبها وحدها، والا كان المستشرقون محيطين بعلم الله المطلق، وفيهم من اجاد فهم اللغة العربية وتفسير القران اكثر من بعض اهله، ولكن معانى القران تفهم بالتوحيد - وهو صفة الموحد بكسر الحاء وليس بفتحها- فتفسير النبى عليه الصلاة والسلام للقران لأصحابه كان فى مستوى فهمهم ومقدرتهم وثقافة عصرهم، اليس هو القائل "نحن معاشر الانبياء امرنا ان نخاطب الناس على قدر عقولهم". ولكى أسوق لك دليلا لذلك من تفاسير اصحاب رسول الله، عليهم رضوان الله، فقد فسر ابن عباس اية "والنجم اذا هوى" بقوله "ذهب نورها وسقطت فى البحر"، ونحن نعلم الان أن اصغر نجم اكبر من كوكب الأرض. ولا تثريب على ابن عباس فى تفسيره للاية فقد اجتهد فى اطار علوم عصره، ولكن التثريب لمن يقول بصحة ذلك التفسير لاية و"النجم اذا هوى" الان.
أما قول الدكتور بما سماه مغالطة فيما يتعلق بامر التسيير والتخيبر فاحب ان اهديه هذه الاية الكريمة (والله خلقكم وما تعملون) وتفسير احد اساتذته من السلفيين(الشيخ محمد بن صالح العثيمين) لها، فى اجابة لمن سأل عن الاية هكذا: (فضيلة الشيخ: خلقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] هل أفعال العباد من سيئات وحسنات مخلوقة، بارك الله فيكم؟) فكانت اجابة الشيخ (قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] هذه فيها قولان للعلماء: قول أن (ما) مصدرية، والمعنى: خلقكم وخلق عملكم، وعليه يجري سؤالك: هل عمل الإنسان مخلوق أم لا؟ و أنه مخلوق لله لا شك، عملك من صفاتك، أليس كذلك؟ عمل الإنسان من صفاته الحركات .. السكنات .. ذهاب .. مجيء من صفاته، والإنسان نفسه مخلوق وصفات المخلوق مخلوقة لأنها تابعة له، فالله سبحانه وتعالى خلقك، وأفعالك من صفاتك؛ فتكون صفاتك مخلوقة لله كما أن ذاتك مخلوقة لله. الوجه الثاني أو القول الثاني في الآية: أن (ما) هنا اسم منصوب، أي: خلقكم وخلق الذي تعملونه، والذي يعملونه ما هو؟ أصنام ينحتونها، كما في الآية التي قبلها: قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:95-96] يعني: والذي تعملونه، وهي هذه الأصنام التي ينحتونها بأنفسهم، فإذا كانت هذه الأصنام مخلوقة فكيف يصح أن تكون معبودة؟!) (المصدر: موقع الاسلام العتيق http://islamancient.com/play.php?catsmktba=21322). والقول بأن الانسان مخير بمعنى ان له ارادة مستقلة من ارادة الله، هو من الشرك الغليظ. فاذا كانت ارادتك تنفذ احيانا ضد ارادة الله تكون قد وضعت ارادتك بازاء ارادة الله. زاذا كانت ارادة الله تنفذ دائما ، وهذا هو الحق، فانت مسير. يقول تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ). يعنى لو كان فيها ارادات نافذة عديدة غير ارادة الله لفسدت السماوات والارض. وهذا موضوع طويل ارجو ان ترجع فيه لكتاب الرسالة الثانية لتجد فيه التوضيح المؤثق الذى ظهر مشوشا فى اجابة الشيخ. واخيرا فان استاذية د. الامين داؤود ظاهرة فى براعتك فى السباب الذى كدت ان تتفوق فيه على استاذك.
ارجو ان اعلمك بأننى لن ارد على أى شئ تكتبه بعد الان، فقد قلت انت كلما تريد قوله وفهمتك، وقلت انا كلما اردت قوله لك وارجو ان تكون قد فهمته، ولنترك الحكم الاخير للقراء الذين هم السبب الأساسى فى ردى على مقالاتك. وبما أن الموضوع انزلق الى جدال عقيم كما لاحظ بعض القراء، وتعاف نفسى مثل هذا الجدال، فقد رجانى هذا البعض من القراء ان اتوقف عن هذا الجدال العقيم وابدأ فى شرح الفكرة الجمهورية لمصلحة الشباب الحائر الذى أضحت تتلقفه الجماعات المتطرفة باسم "الاسلام" الذى يدعو له د. محمد وقيع الله واشباهه. وأخيرا ارجو ان اقرر فى خاتمة هذا المقال ان الفكرة الجمهورية هى دعوة لطريق محمد صلى الله عليه وسلم وتقليده تقليدا واعيا فيما يطيق السالك من عبادته واسلوب حياته، فاذ فعل ووفقه الله فىى ذلك، فان المعارف التى تشكل على عقل الدكتور ستتفجر فى قلبه شلالامصداقا لقوله تعالى. ولذا فالمعارف التى وردت كتب الاستاذ محمود وغيره من الصوفية انما هى ثمرة هذا التقليد الواعى، ولن يفهمها الا من كانت له قدم فى التقليد النبوى او كان صافى النية مفتوح القلب مشروح الصدر.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.