الطاغية الذي يسوم شعبه أنواع العذاب ويتمرغ هو في النعيم لسنوات طوال..لامبالياً بالويلات التي يعيشها هذا الشعب ولا بالنتائج المريرة والكارثية التي تؤدي إليها سياساته العشوائية والمتخبطة..حياة هذا الطاغية تنتهي غالبا بشكل مأساوي..نهاية تليق به ..موغلة في العذاب النفسي إن لم تكن في بعض الأحيان عذاباً جسدياً وإنتقاماً..يصل حد القتل من أولئك الذين سامهم العذاب بأنواعه..وأحياناً حسبه من العذاب النفسي بعده عن كرسي السلطة الذي ضحى بكل شيئ لأجله..كل شيءمن أجل سرمدية البقاء فيه..وجودشخصية الطاغية في النص وفي عوالم الكتابة رغم دورها البشع في الواقع ..ربما يأتي من كونها تشكل مادة دسمة للحكي عنها وحولها..اسقاطاتها النفسية.. ومقدرتها على تغيير الواقع وأن كان ذلك بقوة السلطةّ..احيانا يقدم الأدب شخصية الطاغية بصورة أقرب للكاراكتير ..واحياناً كاركتورية جدا..ولكن هل هناك صورة هزلية أكثر مما نحن فيه..على الواقع الفعلي..هل هناك أكثر مأساوية مما يفعله الطغاة( في سبيل التاج).. !!هل هناك اكثربشاعة ممايفعلونه في سبيل المحافظة على الكرسي والبقاء فيه أطول فترة ممكنة ..إذا طالعنا وثائق اوكتبا توثيقية حول ما يفعله وفعله الطغاة والمنتفعين كل المنتفعين من انظمتهم الديكتاتورية..في سبيل السلطة لهالنا مارايناها..ولاصبحت الروايات حول الطغاةمهما توغلت في السرد والتوصيف مجرد حكايات بسيطة بائسة أمام مايشيب له الولدان في الوثائق الحقيقية..والكتب المهتمة بذلك..معلومات عن كم هائل من القتل والسحل والتآمر..ممايعجز العقل البشري السوي عن استيعابها..ويجعلك تطرح تساؤلات جادة عن الجدوى ..جدوى خسارة الإنسان نفسه لمجرد ظل سلطة زائل مهما طال ..هل هو..هوس السلطة وشهوتها والتوق إليها فبمجرد أن يخطوا نحوها خطوة واحدة تبتلعهم رمالها المتحركة..مهما كان ما تقدمه المجموعات القصصية والروايات عن الطغاة في عالمنا بشكل مباشر أو إشارات ضمنية لهم يظل الواقع سادراً في لامعقوليته..وظلامه..فما الذي فعله القذافي بليبيا..وبشار بسوريا..ومبارك بمصر..ومالذي فعله ويفعله السيسي بمصر..أما نحن..فيكفي حديث المواطن البسيط عن سعر رغيف الخبز..أو ألف محل يمتلكها شخص واحد اوتلك الورشة التي أقيمت للتفاكر حول تصميم بيت والي إحدى ولايات السودان وليس الولاياتالمتحدة الأمريكية!! .. في الوقت الذي تنهار فيه كل عام منازل المواطنين في أحياء بأكملها جراء الخريف الذي يفاجئ المسؤولين كل عام!! يكفي الحديث عن العشوائيات المتكاثرة حول الخرطوم والتي تكاد تبتلعها..لتعرف كم هي الحال مزرية في الواقع أكثر من القصص والروايات... البرامج التي تعتمد على التوثيق تضيف بعداً آخر للحقائق المتسربة اصلا لدى المواطن السوداني ومنذ أمد بعيد ..إذاً أيهما أكثر دراماتيكية المجموعات القصصية والرويات التي مهما بلغ كُتابها من خيال لن يتفوقوا اوحتى يضاهوا الواقع المسرف في غيه.. ام الواقع الفعلي والحقيقي..لما يفعله الطغاة بنا..!!..