محامى وباحث فى القضاء الجنائى الدولى لم تكن هنالك علاقة ملتبسة بين المنظمات الدولية اكثر من العلاقة بين مجلس الامن والمحكمة الجناية الدولية ومصدر هذا الالتباس يعود الى سبب واحد هو انه لا لا تربطهما وشائج قانونية تجعل اى منهما يرتبط بلآخر . فمجلس الامن يستمد تنظيمه القانونى من ميثاق الاممالمتحدة بينما تستمد المحكمة الجناية الدول تنظيمها القانونى من اتفاقية روما. من خلال قراءة ميثاق الاممالمتحدة المنشىء لمجلس الامن واتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية نجد انه لا توجد علاقة عضوية بينهما اى ان المحكمة الجنائية ليست واحدة من مؤسسات الاممالمتحدة التى ينتمى اليها مجلس الامن مثل محكمة العدل الدولية مثلا ، ووفقا لهذا النظر فانه لاسلطة لمجلس الامن على المحكمة الجنائية الدولية بالرغم من الصلاحيات الواسعة التى منحها ميثاق الاممالمتحدة له فى سبيل الحفاظ على السلم الامن الدوليين ،كما هو الحال فى النظام الاساسى لمحكمة العدل الدولية والذى نصت عليه المادة (35\2) [1] ، فبحسب هذه المادة فان مجلس الامن يمتلك صلاحيات واسعة على لتحديد الكيفية التى تمكن الدول من اللجوء اليها بحيث لا تستطيع الدول بحسب المادة المذكورة من اللجوء اليها الا بعد استيفاء الشروط التى حددها مجلس الامن ، وهذه العلاقة ناتجة من كون ان محكمة العدل الدولية هى احدى منظمات الاممالمتحدة وان مجلس الامن هو الجهة التى فوضها ميثاق الاممالمتحدة لحفظ الامن والسلم الدوليين فكان لابد من النص على هيمنة مجلس الامن على عمل تلك المحكمة. اما فيما يختص بالمحكمة الجنائية الدولية فانه ان لا توجد مثل تلك العلاقة بسبب ان تلك المحكمة ليست واحدة من منظمات الاممالمتحدة كما هو الحال فى محكمة العدل الدولية ولا توجد لمجلس الامن –بالرغم – من الصلاحيات الواسعة التى منحت له بموجب ميثاق الاممالمتحدة اىة سلطة على عمل المحكمة الجنائية بموجب ميثاق الاممالمتحدة . لم تعدم الدول الكبرى – وهى الدول الخمس ذات العضوية الدائمة فى مجلس الامن – لم تعدم حيلة لبسط بعض الهيمنة بواسطة مجلس الامن على المحكمة الجنائية الدولية ، فبالرغم من ان المحكمة الجنائية الدولية قد انشأت بموجب اتفاقية دولية بين الاعضاء الموقعين على نظامها الاساسى ، وبالرغم من ان تلك الاتفاقية لا تكون ملزمة الا للاطراف الموقعين عليها فقط ، الا ان واضعوا النظام الاساسى للمحكمة الجنائية قد اوجدوا نصا يعطى لمجلس الامن الحق فى احالة الحالات التى يرى فيها مجلس الامن انتهاكا للامن والسلم الدوليين الى المحكمة الجنائية الدولية بغرض التحقيق فيها ومحاكمة المتهمين ان كان هنالك وجه للاتهام والمحاكمة ، ويرى بعض بعض فقهاء القانون الدولى ان وجاهة هذا الرأى تأتى من ان مجلس الامن مكلف بموجب ميثاق الاممالمتحدة بآداء مهام كبيرة وهى الحفاظ على الامن والسلم الدوليين ، وان المجلس فى سبيل انجاز هذه المهمة يتصرف نيابة عن المجتمع الدولى ويملك فى نفس الوقت اتخاذ اية تدابير يراها مناسبة لتحقيق هذا الهدف ............ وصفوة القول هو ان جهود مجلس الامن وكذلك جهود المحكمة الجنائية الدولية تصب كافة فى مجرى واحد وتسعى لتحقيق ذات الهدف وهو الحفاظ على الامن والسلم الدوليين . [2] ، ويبدو ان وضع نص المادة (13\2) والذى يعطى الحق لمجلس الامن باحالة اية حالة للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها كان مستندا على هيمنة مجلس الامن على كافة الاوضاع الامنية فى العالم بموجب تلك الصلاحيات الواسعة التى منحت له فى الميثاق للقيام بأى تدبير من شأنه الحفاظ على الامن والسلم الدوليين وهى سلطات لا حدود لها فى رأى الدول الكبرى لانها تريد ان يكون المجلس مخلب القط الذى يفعل لها ما تريد فى هذا العالم ، ولا يخفى على احد بان تكوين مجلس الامن وطريقة اتخاذ القرارت فيه يجعل من الدول الخمس الكبرى مهيمنا على كل ما يحدث العالم ومن بينها الحروب والنزاعات الدولية منها والداخلية ليس بالتدخل المباشر او غير المباشر لحسمها بل بتقديم المتهمين فيها بانتهاك القانون الدولى الانسانى الى المحكمة الجنائية الدولية . ان العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس تبدو علاقة عكسية وذلك ان العلاقة بين كل المؤسسات الدولية ومجلس الامن تأخذ شرعيتها من ميثاق الاممالمتحدة والذى هو بمثابة دستور للمنظمات الدولية ، وهو الذى جعل من مجلس الامن الجسم الذى يسيطر سيطرة كاملة على كل الاوضاع الامنية فى العالم ، والفصل السابع من الميثاق هو الذى يضفى الشرعية الدولية على كل ما يقوم به المجلس فى سبيل الحفاظ على الامن والسلم الدوليين ، اما فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية فان النظام الاساسى لها هو الذى خول مجلس الامن فى احالة الحالات التى يرى انها مخلة بالامن والسلم الدوليين وهو اقحام للمجلس فى عمل المحكمة الجنائية وذلك ان هيمنة المجلس على الاوضاع الامنية بموجب الفصل السابع من الميثاق قصد به فى المقام الاول الجوانب السياسية لحفظ موازين القوى التى افرزتها الحرب العالمية ، وتخضع كل القرارت التى تصدر من المجلس الى تفاهمات بين الدول الخمس الدائمة العضوية لتحقيق مصالحها دون النظر الى مصالح بقية الدول ودون النظر كذلك الى مصلحة العدالة الدولية ودوننا عشرات القرارات التى اصدرها المجلس ضد مصلحة كثير من الشعوب وضد العدالة واحقاق الحق ̧ ويرى بعض الفقهاء ان منح مجلس الامن حق الاحالة يعنى واقعيا ان هذه المسألة تظل رهينة بارادة اعضاءه الدائميين ومن ثم فهى تعد سلاحا ذو حدين ، اذ كما يمكن بواسطته تقرير الحالة بالاتفاق فهو يؤدى ايضا الى الاتفاق على حماية بعض الدول او الدول الاعضاء نفسها فى مجلس الامن او مواطنيها وبالتالى فاننا نواجه مسألة عدم المساواة وعدم تطبيق الشرعية القانونية من حيث المتابعة [3] ، وان كان هذا الامر قد قبل به العالم لانه يتعلق بمصالح مجموعات قد لا تجد من يوحد كلمتها فى مواجهته فانه من الصعب تطبيقه على افراد حيث تتم احالة النزاع من مجلس الامن الى المحكمة الجنائية عن طريق التصويت وتغليب المصالح الذاتية للدول ، وان هذا التصويت ربما يؤدى الضغط على الدول لاتخاذ موقف معين عن طريق التلويح بسيف المحكمة الجنائية الدولية . اردنا القول بان مجلس الامن ما كان له ان يكون واحد من الآليات التى تحدد اختصاص المحكمة , دون تحديد للاسس التى يحيل بها المجلس ذلك النزاع الى المحكمة خلاف تهديده للمن والسلم الدوليين مما يعد اطلاقا ليد مجلس الامن مستندا الى الفصل السابع من الميثاق فى احالته للنزاعات الى المحكمة الجنائية الدولية ، وبذلك تصبح المحكمة الجنائية الدولية واحدة من ادوات مجلس الامن التى يعالج بها النزاعات، ويصطدم هذا النظر بكيفية انشاء المحكمة الجنائية الدولية حيث انها جاءت الى الوجود عن طريق اتفاقية دولية ، ولم تتكون بقرار من هيئة الاممالمتحدة كأحد تنظيماتها المتخصصة ، ولا بقرار من مجلس الامن وفق سلطاته تحت الفصل السابع من الميثاق، وبهذا فان نص المادة (13\2) الذى ينظم العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الامن قد اقحم فى النظام الاساسى بغير مسوق قانونى مستند الى ميثاق الاممالمتحدة ، وبغير رضى من كثير من اطراف تلك الاتفاقية حيث ان الهدف الاساسى منه هو تكريس سيطرة الدول الكبرى على كل ما يحدث داخل الدول ، وحتى تستطيع التدخل فى الوقت الذى تستشعر فيه وجود خطر على مصالحها الاستراتيجية ، او حتى للضغط على الدول لاتخاذ المسار الذى يتوافق مع تلك المصالح . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.