محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    هجوم مليشيا التمرد الجمعة علي مدينة الفاشر يحمل الرقم 50 .. نعم 50 هجوماً فاشلاً منذ بداية تمردهم في دارفور    حمّور زيادة يكتب: ما يتبقّى للسودانيين بعد الحرب    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    تدني مستوى الحوار العام    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع الإقليمي وجنوب السودان شبح الاستسلام ام حسابات جديدة .. حدود المنطق .. بقلم: باطومي ايول
نشر في سودانيل يوم 12 - 11 - 2016

لا شك ان الواقع الماثل أمامنا يكفي جدا لقطع أي اعتقادات اخرى يصف طبيعة التعامل الإقليمي والدول الصديقة لها ولنا حول ما يحدث في ربوعنا من تطورات تسير بوتيرة يمكن تقديرها بالسريعة لدرجة يصعب للمرء ربط موضوعاتها مع بعضها البعض نسبة لتشابك التي أضحى واضحا في مسيرة التوفيق بين متطلبات الإقليم من جانب ومتطلباتنا تجاههم من طرف اخر، باعتبار ان مجريات تلك الأحداث المتعاقبة غير منفصلة فيما بينها بل ويجبر حصر التفكير المحلي في بوتقة الإقليم في شكلها الكلي والتعاطي معها على أساس الاسئلة الرادفة بماهية المصلحة المشتركة للإقليم حول وفي إطار جنوب السودان ضمن المنهج الجيوبولوتيكي أي الجغرافية السياسية المكونة للمنطقة.فمثلا عندما تنظر السلطات الأمريكية في بحث عن مدخراتها لا يفضل دولة أخرى من نظيرها في الإقليم وتتفاعل معه على حده ولا يفكر في حدودها الجغرافية بل وفي تقديري يطغي عليه مفهوم الخريطة السياسية لها دون السيادية المعَلمَة والمخروطة كنتوريا، إذ تتعامل معها باعتباره خارطة واحده فما يصيب الأخر في المنطقة تنظر إليها من حيث التأثير الإقليمي في بعدها البراغماتي.
عندما تحققت توقيع السلام في أغسطس من العام الماضي بعد مضي عامان من الاحتراب بين طرفي النزاع لجأت بذلك وأعادت المجتمعين الدولي والإقليمي ترتيب أوراقهما وفقا لظروف السياسية الجديدة الذي فرضتها نظام الاتفاقية المعنونة ب "باتفاقية حل النزاع في جنوب السودان" وطرأت مناخا مغايرا يتطلب وبشكل عاجل المواكبة اللازمة من كافة شركاء وشهود الاتفاقية وإرتقاء لمقامها تبعا لما ورد بصفحات الاتفاقية من مصالح جمة لم تغض عنها كل مصالح دول الاقليم في مجملها والموصوفين بالكيانات الصديقة لحكومة جنوب السودان (صداقة المصلحة طبعا) والتي صنعت بالتأكيد بعقول تقدم مكتسبات المصلحة على محكمات الصداقة هذا، أي بشكل أكثر دقة ان كل دول المنطقة كانت صور وجوهها ظاهرا ومتخفيا وراء حجاب إيقاف الحرب في جنوب السودان وصفت فيما بعد في تعويل آخر على إنها "مشروع تغييرا لنظام" وفي تقديري لا يمكن غض النظر عن هذا المنحنى من التفكير إذا ما تعمقنا وأسهبنا في تفاصيل هذا الاتفاق ،ولكن هذا لا يعني أن نسعى لبحث عن نوافذ غير مشروعه للخروج من هذا الالتزام المشهود عليه دوليا وهذا ما سوف نحاول التركيز عليها هنا من حالة خيبه آمل في كيفية إدراك التعامل مع ربكة المصالح التي تضمنتها جداول وفصول الاتفاقية لمن كانوا شهودا لها ،بالطبع الإشارة هنا تكمن في دول يوغندا بشكل خاص وكينيا في تعبير مصلحي متواضع واثيوبيا بوصف طموح لريادة المنطقة والسودان بشكل أكثر خصوصية باعتباره أكثرهم تضررا باستمرار الحرب او وقوفها في جنوب السودان إذا لم تحل الوضع المحلي في جنوب بشكل جزري بحكم العلاقة التاريخية.كل هذا المتعارضات اشرنا إليها في وقت سابق بان بلادنا تعتبر بمثابة منطقة تقاطع المصالح .
فقلق المجتمع الدولي ألان وأصدقائها في الإقليم لا يأتي من الفراغ بقدر ما هي محاوله منهم بشكل أو أخر لإظهار سعيها الجاد لطرح بدائل حلول سياسية أخرى يتضمن مصالحها بغية إدراك التراجع المحدقة مبكرا أو بالأحرى التي وبلا شك وقعت على مسيرة إنزال الاتفاقية على ارض الواقع وعرضها السياسي في جنوب السودان, الذي يفسرها تعبيرات المواقف السياسية بدرت من القيادات السياسية في البلاد وبالأخص القيادة الفعلية في سبيل تنفيذها لاتفاقية حتى ولو بشكل جزئي تعتمد قاعديا على البنود الرئيسية إذا ما قسمنا ورتب حسب الأولويات كما ورد بمتن فصولها .إذ هنالك بنود يمكن أن ترحل حتى ولو إلى وقت ما بعد الفترة الانتقالية خاصة تلكم التي تتعلق بتكييفات القانونية والذي لا تسقط بالتقادم .
فعلى ضوء هذا العرض والتعبير الباعث من مواقف المجتمع الإقليمي من المهم جدا النظر إلى تحركاتها في الفترات الفائتة من زاوية مغايرة يتيح لفرد معرفة سبر أغوار هذا الانتقالات العكسية والعابرة عبور الرياح الساكن وتثار إعلاميا أحيانا وفي حديث مبهم على إنها تصب في (المصالح المشتركة بين البلدين ) دون إشارة لها تفصيليا بوضوح ماهية هذه المصالح المشتركة برغم تأكيدية وجود أوراقا أخرى غالبا ما تمرر تحت المنضدة وفي تلك الغرف المغلقة.
وفي ذات السياق من الأخذ دعونا نحاول إجمال التبادلات الإقليمية الأخيرة فيما بين قيادات المنطقة لمعرفة تأثيراتها على المستوى المحلي وما يمكن ان تفضي لها وفي تقديري هناك ضرورة ملحة لمن هم ممسكون بزمام الأمور في بلادنا أخذها في الاعتبار بإدراك أكثر افقأ ووعي ، تستحضر عندها كل متطلبات الفكر البراغماتي القومي بتقديمها على الظنون وتوقعات مكتسبات الذات الضيقة في ظروفها الآنية الذي لا تحمل في طياتها الذاتية القومية ،على ان تتسم بشكل أكثر شمولية يتحكم فيها مضامين التفكير الاستراتيجي لمصلحة الوطن اولا وهذا في تقديري منهجا لا مناص منها لأتباعها كسلوك حياة وممارسة للعملية السياسية في شكلها الكلي بغية حماية الوطن والمواطن من خطر التفكيك المنظم وإدارتها بصورة اكثر إدراكا لمآلاتها الخافية وفقا لمناهج التعامل مع نظرائنا من الكيانات المقابلة على مستويين الإقليمي والدولي.
فالزيارات الأخيرة والتي استبق لها زيارة وفد مجلس السلم والأمن التابعة لمنظمة الاتحاد الإفريقي في يوم ثمانية وعشرون من أكتوبر الماضي والذي استغرقت ثلاثة أيام بقيادة السفيرة الكينية كاثريين ميوغاي موانغي تعد من اهم الرحلات في المنطقة ،دقت بزيارتها هذا ناقوس الخطر واقع مجريات الأحداث في البلاد واصفا حقيقة وقوفها على ما اصاب مسيرة تنفيذ حل النزاع جنوب السودان والتي زارت فيها معظم مناطق التي تأثرت بنزاعات السياسية والعسكرية والمواطنون بمخيمات الأمم المتحدة والتقت بقياداتهم لإحاطة لما يواجهونه من مشاكل متعددة حسب إفاداتها واضافت بأنها التقت أثناء زياراتها إلى جوبا برئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت والنائب الأول لرئيس الجمهورية الجنرال تعبان دينق قاي وايضا بقيادات الأحزاب السياسية والدينية ومنظمات المجتمع المدني في البلاد. زيارة السفيرة تقع ضمن المباحثات الدولية لوقوف على طبيعة المعضلات التي تواجه سير تنفيذ اتفاق السلام بعد ان تعثرت ضيف إليها الوقوف على تقارير موثوقة على أن تخرج من مؤسسات تقع ضمن مسؤولياتها الإحاطة بأمن الإقليم ككل وكمنظمة نحن جزء لا يتجزءا منها ،وهذا ما لخصتها كاثرين عندما قالت إن البلاد تواجة أزمة (توافق سياسي) مما دفعتها تطرح نداءا حول ضرورة إجراء حوارا سياسيا جامعا في منبرا جديد اخر وهذا ما ترفضها الطرف الحكومي بوجه نظر قائل أنهم ماضون قدما في تنفيذ الاتفاقية باشارة غير مباشرة ولو بصورة شكلية كما يبدو ألان والتي اعتمدت في تصوري علي منهج التمثيل السياسي والتعبير الظاهري لتركيبة مكونات حكومة الوحدة الوطنية المنصوص في إتفاقية حل النزاع .
دعوة إجراء حوار سياسي هذا اعتقد انها يتوافق بما دعا لها زعيم المعارضة المسلحة د. مشار في الخارج في وقت سابق بعد خروجه من الخرطوم في مطلع أكتوبر الماضي متجها إلى دولة جنوب إفريقيا في رحلة علاجية كما صرح والذي قال في غضون ذلك إن صمت دول الإقليم الحالي ليس إلا إعلانا ساكنا لدعم موقف النزاع المسلح ليتجدد مرة أخرى والكل متابع ان الزمن وحدها أثبتت واقع هذا الخيار بتجدد الحرب في مناطق شتى بولايات اعالي وبحر الغزال والاستوائية في ظل وجود جبهة محلية تعتقد إنها تنفذ الاتفاقية بشقيها.وفي ذات السياق من الحديث والأصوات التي بدت تتعالى لإجراء حوار سياسي على لسان زعيم المعارضة المسلحة الدكتور رياك مشار إذ قال انه التقى على هامش فعاليات ختام مؤتمر الحوار الوطني في مع الرئيس اليوغندي يوري موسفيني أثناء زيارته للعاصمة السودانية الخرطوم في منتصف شهر أكتوبر الماضي وناقشوا عدة قضايا تهم المنطق والتطورات السياسية التي حدث مؤخرا بالبلاد وأضاف قائلا أن موسفيني طرح مبادرة مفادها ضرورة إجراء حوارا سياسيا لاحتواء الأزمة السياسية في جنوب السودان مع تأكيد على تصحيح المسار السياسي التي خرجت عن عدولها في بلادنا لاحظ أن هنالك انتقالا تدريجيا لإلحاق أزمة جنوب السودان إلى مرافي لا ندري اين ستؤول وإلى متى ستتشكل مخرجاتها لتثمر لخطوات عملية برغم الإحباط الواضح لمكونات المجاورة الإقليمية.برغم ذلك تسعى دول المنطقة تجميع قواها ضمن جهود لها لفك حصار سخطهم هذا وفقا لمنهج جديد يعتمد كليا على مفهوم المصالح أهم هذه الخطوات إثارة ما قامت بة دولة كينيا مؤخرا من قرارات يتعين على الفرد النظر إليها من الزاوية الكلية. أما ما يلي نظيراتها في المنطقة فهناك في تقديري عوامل خارجية لعبت أدوارا هامة وغير واضحة المعالم في تحريك دور السودان واثيوبيا في الفترات الفائتة إذا ما فككنا وعللنا منطلقات صمتها التكتيكي في تحريك بعض الأوراق التي تصب مباشرة في مصلحة الدولة وتؤثر بدورها على امن بلادهم القومي ،فالسودان معلوم أن موقفها الأساسي تجاه جنوب السودان تكمن في رفضه التام لاحتواء حركات مسلحة تتخذ من أراضي جنوب السودان ملاذا أمنا له لمناهضة حكومة السودان والتي توصف في لغة الدبلوماسية" بالعمل العدائي" يتطلب إما معاملة الدولة المضيفة بالمثل او محاربة الدولة في حد ذاتها ومقاطعة المعاملات الذي ترمي لبناء علاقات معها خاصة عندما تكون تلك المعارضة تعتمد على استخدام النزاع المسلح ضد نظام الحكم وتقود نزاعا عسكريا ،وهذا في اعتقادي ما طفح بكيل عوامل الثقة بين الدولتين قبل وبعد إعلان إستقلال جنوب السودان إذ طغت منهج التآمر المتبادل برغم الانكار المترتب عن ذلك على التفكير الايجابي بين الحكومتين حتى أرهقت خزينتهما خاصة الجنوب سودانية نسبة لعدم وجود بدائل لمصادر دخلها لكن يبدو ان الأمور ألان على وشك أن تأخذ نصابها من التقدير المتزن خاصة بعد ان اصدر الولايات المتحدة الأمريكية بيانا في عشرين اكتوبر من العام الجاري يدعو فيها حكومة جنوب السودان في إشارة واضحة ومباشرة بضرورة ان تتخلى بدعمها لقوات الحركة الشعبية قطاع الشمال وطردهم من اراضي جنوب السودان والتي لاقت قبولا واسعا من قبل المراقبون والمهتمون بالشأن العلاقات بين الدولتين بل لدى الحكومتين كواحد من العوامل المساهمة في عدم الاستقرار السياسي والعلاقاتي في المنطقة. لكن يظل أزمة الثقة حاضره وعالقا لإحراز خطوات جريئة في هذا ملف ما لم يكون هنالك تعبيرا خالصا يخاطب كل المفارقات التي نمت طرديا مع تطور النزاع. لكن برغم من ذلك يظل ذاك الدور المركزي للسودان في الإقليم تتجلى مكانتها لا محال وتبدو ذلك واضحا في طبيعة التحالفات الآخذ في تشكل الان ليس على مستوى الإقليم فحسب بل على مستوى القارة ككل ،لاحظ تأثير السودان على كنغو أثناء إجلاه لزعيم المعارضة وايضا تشاد الذي اصبحت محكمة بإتفاقيات امنية وضف إليها جنوب افريقيا وكينيا التان اصبحتا وكلاء الدول الغربية في الاقليم واثيوبيا التي عكف السودان لطي صفحات الماضي والمضي قدما في خلق حسن الجوار مع إحراز تقدما في بعض الملفات الاستراتيجية كالمياة التي باتت على الاطلاق مصدرا لنزاع المصري الاثيوبي والسودان بينهما وسيط متعاون يبحث عن مصالحه كل هذا الخيوط اصبح السودان لاعبا اساسيا لا يمكن تجاوزها عند مناقشة قضايا الاقليم ويبدو واضحا من خلال الانفراج الامريكي السوداني. دعونا نركز قليلا في النقطة الاساسية التي قصدنا ان نجملها هنا والتي حاولنا فيها وباستفاضة تقدير دور السودان المركزي في كيفية إدارة ملفات المنطقة الشائكة الان خاصة فيما يتعلق بجنوب السودان والذي شغلت دول الاقليم اكثر مما ينبغي نسبة لظهور اطراف جديدة في اقليم بداءات تتدخل بقوى.
وهنا نشير لزيارة الرئيس الكيني اهورو كينياتا إلى السودان في التاسع وعشرون إلى ثلاثين من اكتوبر الماضي التي في تقديري تصب في ذات المنحى لمناقشة قضايا المنطقة ككل يتضح ذلك في إشارة الرئيس الكيني عقب خواتيم مباحثاته ان العلاقات الكينية السودانية لم تتأثر بقيام دولة جنوب السودان ، كمحاولة منه لوصف الأزمة الجنوب سودانية بتعبير أكثر دبلوماسية وهذا في تصوري دلالة قاطعة على ان الطرفان ناقشتا في كواليسهم التطورات السياسية في جنوب السودان خاصة ما يلي الاتفاقية الأخيرة والذي لعبت كينيا فيها دورا فعالا والسودان في دور (الجِد) الأكبر .والمتابع يجد ان هناك بالفعل مياءا تجري من تحت عن وحول الواقع الجاري ،تمظهرت بعد ان أعلن الرئيس الكيني في خطوة لافته سحب قواته المشاركة مع قوى حفظ السلام جنوب السودان في الاول من نوفمبر الجاري فور عودته من السودان والتي تبلغ قوامها حوالي ألف ومائتان وتسعة وعشرون جندي، كتعبير لرفض قرار بانكي مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة المنتهية دورته القاضية بإدانة وإعفاء الكيني جونسون موغو كيماني قائد قوات حفظ السلام واتهامه بالتقاعس في اداة واجبة لحماية المدنيين أثناء النزاع الأخير.هذا الخطوة يجئ والوضع المحلي في البلاد ملتهبة والأمور تسير في طريق مقلق مع تطور الوضع الأمني في عاصمة جنوب السودان ناهيك من المناطق الأخرى خاصة إذا ما استحضرنا مشروع المجتمع الدولي بضرورة نشر قوات الحماية في وقت سابق لقيام بمهام حفظ الأمن في البلاد .
بكل تأكيد القارئ للامور يجد ان كينيا بهذا الخطوات يعيد إستراتيجية علاقاتها مع جنوب سودانية بمراجعة دقيقة ستتبين خطوطها في اوقات لاحقة وهذا يبدو واضحا إذا ما اخذنا ما جرى مؤخرا بما قامت بها السلطات الكينية في حق الناطق الرسمي باسم د. رياك مشار جيمس قديت من إبعاده وتسليمة الى حكومة جنوب السودان والذي لاقت بدوره إدانات واسعة من قبل المنظمات الإنسانية الدولية على رأسها منظمة العفو الدولية بان ما اتخذته السلطات الكينية من خطوات غير سليمة وغير موفقة بحكم الواقع السياسي.كينيا بهذا الخطوة يبعث برسالة صريحة تصف نفض اليد من أزمتنا المحلية وتعبر عن عدم وقوفه بأي طرف من الأطراف المتنازعة في البلاد كمنهج جديد للتعامل مع ملف جنوب السودان.وهذا طبعا إذا لم نوحي فكرة ان الخطوة التي أبدتها ذى علاقة بمفاهيم الامن القومي ومدارك السيادة الوطنية مما يعني ان يمكن تجميله من منطلقات الاستراتيجية الكينية الجديدة التي تتفرع من استراتيجية الاقليم في شكلها الكلي الذي لن يغيب عنها مواقف كل دول الجوار التي بداءت تلوح في الافق.
وفي ذات المضمار نجد ان دولة اثيوبيا ليس بعيدا من هذا الخلل الإقليمي وان علاقاته مع جنوب السودان كانت على حافة الهاوية لتنهار ولكن مرابط الاتفاقية التي خرجت من باطن اراضية هي التي اثرت في الحفاظ على محاولات جرها لمنعطف خطير جراء ممارسات جديدة كانت لها الرأي في دفع الطرفان للوصول إلى معاهدة او أتفاق ثنائي ليس هذه المرات حول إتفاقية حل النزاع بل عن العلاقة الخاصة بين الدولتين،أتضح تماما أثناء زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لجوبا اواخر أكتوبر المنصرم توج باتفاقيات اقتصادية وسياسية أهمها الأمنية ،لاحظ ما الذي يدفع اديس ابابا بتوقيع جنوب السودان على اتفاقية امنية إذا لم نقل ان هناك ما يشغل التفكير الاثيوبي خاصة في ظروف شهد اثيوبيا قيام مظاهرات ومجموعات يمكن ان ترتقي لقيام بعمليات عدائية ضد النظام الاثيوبي الحاكم.
في معلومات غير مؤكده يتهم إثيوبيا جنوب السودان بدعم هذه المجموعات المعارضة لها بوكالة غير مباشر من مصر في خطوه لتأجيج الاستقرار الإثيوبي الآخذ في نمو مضطرد في مجال استغلال مورد المياه.هذا الإشكالية ربما هي التي دفع اثيوبيا لضبط علاقتها مع جنوب السودان بإتفاقية امنية بغية جعل الامر دليلا في المستقبل وتعليق وشاحة دعم المعارضة الاثيوبية في جنوب السودان وفضح الوكيل الاساسي ،تأكد ذلك لما قام وفد حكومي مصري بزيارة جوبا بعد اقل من اسبوع يوم اثنين من نوفمبر الجاري برئاسة وزير الري المصري محمد عبدالعاطي وكالعادة وصلت الطرفان الى إتفاق جديد لتعزيز التعاون بين البلديين في مجال المياة وقيام بمشاريع في مناطق كبويتا وبعض مناطق بحرالغزال ،لكن يتسأل المرء حول إمكانية قيام المشاريع في تلك المناطق المزكورة في ظل التعقيد الامني الماثل الذي يصعب من الحركة وهذا في تقديري امر مستحيل ويدعو الشك في مصداقية الزيارة والاسباب الذي دفع مصر لقيام بهذه الزيارة الخاطفة وهذا لا يعني وينفي وجود دور فاعل تقوم بها الحكومة المصرية في مجالات مختلفة.
في تقديري زيارة الوفد المصري تفسر حالة القلق التي اصابها بزيارة الوفد الاثيوبي لجوبا ذادت وتفاقمت بوصول جنوب السودان لاتفاق امني (مقلق) مما يعني ذلك ان الحكومة المصرية تريد ان تستفيد من التأخم الاثيوبي بالبلاد مقابل دعم جنوب السودان في المحافل الدولية وافتكر ان هذا افتراء ومحاولة غير سديدة ولا تصب في مصلحة الظروف السياسية التي تمر بها البلاد الذي يتطلب ادوارا إيجابيا لنهض بجنوب السودان كما ان نحن لستنا قي حاجة لخلق اشكالا مع دولة ما خاصة اثيوبيا في ظل التعقيد المحلي.
جل هذا الخطوات والانتقالات الظاهرة والعابرة بحدود جنوب السودان تؤكد ان الاقليم ودول المنطقة في حالة ربكة رهيب في كيفية تحديد مصالحها وتريد ان تثبت بذلك خصوبة الاراضي الجنوب سودانية لتصفية الحسابات بين الدول يتضح ذلك في تسارع الدول وتواردها تجاه البلاد .مما يعني ان الاقليم بداءت تفكر في مرحلة ما بعد إنهيار الاتفاقية أي بشكل اخر إنهم إستسلموا لحديث القائل ان إتفاقية حل النزاع جنوب السودان (إنهار) ولا سبيل للصبر عليها مع العجز المصاحب لإعلانها (إنهياريتها) رسميا ويبدو ذلك واضحا من موقف السودان الذي اعلنة الرئيس بشير بانه يمهل فترة معينة حتى ديسمبر القادم حكومة جنوب السودان لطرد الحركات المناهضة له وإلا سياتي هو لقيام بذلك كانما متناسيا ان هنالك إتفاق ضمن كيفيات طرد هذه القوات مما يشير ذلك ان هناك منهجا جديدا في طريقها لتتبلور لتحكيم واقع العلاقة الجديدة بين جنوب السودان ودول الاقليم.
إذا خلاصة لما حاولنا وصفها هنا نجد ان هناك مواقف متشابها لدول الاقليم وتفكيرا شاغلا حول مايجري في البلاد وإتفاقا غير معلن او قل غير رسمي بحكم المزاج الاقليمي العام بضرورة إعادة تشكيل واقع علاقاتنا معهم في الاقليم بغية التركيز على المصالح الوطنية لهم كتعبير ضمني لما اصابهم من عدم الوثوق في أي مبادرات جديدة لإنقاذ الاتفاقية من الانهيار هذا يتضح لك إذا فكرت في النقاط التي اسهبنا فيها كل على حد كينيا واثيوبيا ويوغندا والسودان والكنغو التي تعتبر من اكثر دول الاقليم تاثرا بما يجري بالبلاد.
إذا كل هذه المواقف في تقديري يكفي في تصوير واقع المنطقة الذي بداءت تتكون في خطوطا متوازية مع إتفاقية السلام نتيجة للعجز الواقع عليهم بأمكانية إنقاذ جنوب السودان من إنهياره الكامل والتي ترتبط إرتباطا طرديا بمستقبل الاتفاقية السلام ، فطرح قيام حوار سياسي جامع كما هو متفقا علية دول المنطقة ليس إلا إعلانا للاستسلام وبداية جديد لأعادة التفكير في إستراتيجية دول المنطقة لدعم جنوب السودان التي تعتبر بمثابة (حسابات جديدة).
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.