السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع الإقليمي وجنوب السودان شبح الاستسلام ام حسابات جديدة .. حدود المنطق .. بقلم: باطومي ايول
نشر في سودانيل يوم 12 - 11 - 2016

لا شك ان الواقع الماثل أمامنا يكفي جدا لقطع أي اعتقادات اخرى يصف طبيعة التعامل الإقليمي والدول الصديقة لها ولنا حول ما يحدث في ربوعنا من تطورات تسير بوتيرة يمكن تقديرها بالسريعة لدرجة يصعب للمرء ربط موضوعاتها مع بعضها البعض نسبة لتشابك التي أضحى واضحا في مسيرة التوفيق بين متطلبات الإقليم من جانب ومتطلباتنا تجاههم من طرف اخر، باعتبار ان مجريات تلك الأحداث المتعاقبة غير منفصلة فيما بينها بل ويجبر حصر التفكير المحلي في بوتقة الإقليم في شكلها الكلي والتعاطي معها على أساس الاسئلة الرادفة بماهية المصلحة المشتركة للإقليم حول وفي إطار جنوب السودان ضمن المنهج الجيوبولوتيكي أي الجغرافية السياسية المكونة للمنطقة.فمثلا عندما تنظر السلطات الأمريكية في بحث عن مدخراتها لا يفضل دولة أخرى من نظيرها في الإقليم وتتفاعل معه على حده ولا يفكر في حدودها الجغرافية بل وفي تقديري يطغي عليه مفهوم الخريطة السياسية لها دون السيادية المعَلمَة والمخروطة كنتوريا، إذ تتعامل معها باعتباره خارطة واحده فما يصيب الأخر في المنطقة تنظر إليها من حيث التأثير الإقليمي في بعدها البراغماتي.
عندما تحققت توقيع السلام في أغسطس من العام الماضي بعد مضي عامان من الاحتراب بين طرفي النزاع لجأت بذلك وأعادت المجتمعين الدولي والإقليمي ترتيب أوراقهما وفقا لظروف السياسية الجديدة الذي فرضتها نظام الاتفاقية المعنونة ب "باتفاقية حل النزاع في جنوب السودان" وطرأت مناخا مغايرا يتطلب وبشكل عاجل المواكبة اللازمة من كافة شركاء وشهود الاتفاقية وإرتقاء لمقامها تبعا لما ورد بصفحات الاتفاقية من مصالح جمة لم تغض عنها كل مصالح دول الاقليم في مجملها والموصوفين بالكيانات الصديقة لحكومة جنوب السودان (صداقة المصلحة طبعا) والتي صنعت بالتأكيد بعقول تقدم مكتسبات المصلحة على محكمات الصداقة هذا، أي بشكل أكثر دقة ان كل دول المنطقة كانت صور وجوهها ظاهرا ومتخفيا وراء حجاب إيقاف الحرب في جنوب السودان وصفت فيما بعد في تعويل آخر على إنها "مشروع تغييرا لنظام" وفي تقديري لا يمكن غض النظر عن هذا المنحنى من التفكير إذا ما تعمقنا وأسهبنا في تفاصيل هذا الاتفاق ،ولكن هذا لا يعني أن نسعى لبحث عن نوافذ غير مشروعه للخروج من هذا الالتزام المشهود عليه دوليا وهذا ما سوف نحاول التركيز عليها هنا من حالة خيبه آمل في كيفية إدراك التعامل مع ربكة المصالح التي تضمنتها جداول وفصول الاتفاقية لمن كانوا شهودا لها ،بالطبع الإشارة هنا تكمن في دول يوغندا بشكل خاص وكينيا في تعبير مصلحي متواضع واثيوبيا بوصف طموح لريادة المنطقة والسودان بشكل أكثر خصوصية باعتباره أكثرهم تضررا باستمرار الحرب او وقوفها في جنوب السودان إذا لم تحل الوضع المحلي في جنوب بشكل جزري بحكم العلاقة التاريخية.كل هذا المتعارضات اشرنا إليها في وقت سابق بان بلادنا تعتبر بمثابة منطقة تقاطع المصالح .
فقلق المجتمع الدولي ألان وأصدقائها في الإقليم لا يأتي من الفراغ بقدر ما هي محاوله منهم بشكل أو أخر لإظهار سعيها الجاد لطرح بدائل حلول سياسية أخرى يتضمن مصالحها بغية إدراك التراجع المحدقة مبكرا أو بالأحرى التي وبلا شك وقعت على مسيرة إنزال الاتفاقية على ارض الواقع وعرضها السياسي في جنوب السودان, الذي يفسرها تعبيرات المواقف السياسية بدرت من القيادات السياسية في البلاد وبالأخص القيادة الفعلية في سبيل تنفيذها لاتفاقية حتى ولو بشكل جزئي تعتمد قاعديا على البنود الرئيسية إذا ما قسمنا ورتب حسب الأولويات كما ورد بمتن فصولها .إذ هنالك بنود يمكن أن ترحل حتى ولو إلى وقت ما بعد الفترة الانتقالية خاصة تلكم التي تتعلق بتكييفات القانونية والذي لا تسقط بالتقادم .
فعلى ضوء هذا العرض والتعبير الباعث من مواقف المجتمع الإقليمي من المهم جدا النظر إلى تحركاتها في الفترات الفائتة من زاوية مغايرة يتيح لفرد معرفة سبر أغوار هذا الانتقالات العكسية والعابرة عبور الرياح الساكن وتثار إعلاميا أحيانا وفي حديث مبهم على إنها تصب في (المصالح المشتركة بين البلدين ) دون إشارة لها تفصيليا بوضوح ماهية هذه المصالح المشتركة برغم تأكيدية وجود أوراقا أخرى غالبا ما تمرر تحت المنضدة وفي تلك الغرف المغلقة.
وفي ذات السياق من الأخذ دعونا نحاول إجمال التبادلات الإقليمية الأخيرة فيما بين قيادات المنطقة لمعرفة تأثيراتها على المستوى المحلي وما يمكن ان تفضي لها وفي تقديري هناك ضرورة ملحة لمن هم ممسكون بزمام الأمور في بلادنا أخذها في الاعتبار بإدراك أكثر افقأ ووعي ، تستحضر عندها كل متطلبات الفكر البراغماتي القومي بتقديمها على الظنون وتوقعات مكتسبات الذات الضيقة في ظروفها الآنية الذي لا تحمل في طياتها الذاتية القومية ،على ان تتسم بشكل أكثر شمولية يتحكم فيها مضامين التفكير الاستراتيجي لمصلحة الوطن اولا وهذا في تقديري منهجا لا مناص منها لأتباعها كسلوك حياة وممارسة للعملية السياسية في شكلها الكلي بغية حماية الوطن والمواطن من خطر التفكيك المنظم وإدارتها بصورة اكثر إدراكا لمآلاتها الخافية وفقا لمناهج التعامل مع نظرائنا من الكيانات المقابلة على مستويين الإقليمي والدولي.
فالزيارات الأخيرة والتي استبق لها زيارة وفد مجلس السلم والأمن التابعة لمنظمة الاتحاد الإفريقي في يوم ثمانية وعشرون من أكتوبر الماضي والذي استغرقت ثلاثة أيام بقيادة السفيرة الكينية كاثريين ميوغاي موانغي تعد من اهم الرحلات في المنطقة ،دقت بزيارتها هذا ناقوس الخطر واقع مجريات الأحداث في البلاد واصفا حقيقة وقوفها على ما اصاب مسيرة تنفيذ حل النزاع جنوب السودان والتي زارت فيها معظم مناطق التي تأثرت بنزاعات السياسية والعسكرية والمواطنون بمخيمات الأمم المتحدة والتقت بقياداتهم لإحاطة لما يواجهونه من مشاكل متعددة حسب إفاداتها واضافت بأنها التقت أثناء زياراتها إلى جوبا برئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت والنائب الأول لرئيس الجمهورية الجنرال تعبان دينق قاي وايضا بقيادات الأحزاب السياسية والدينية ومنظمات المجتمع المدني في البلاد. زيارة السفيرة تقع ضمن المباحثات الدولية لوقوف على طبيعة المعضلات التي تواجه سير تنفيذ اتفاق السلام بعد ان تعثرت ضيف إليها الوقوف على تقارير موثوقة على أن تخرج من مؤسسات تقع ضمن مسؤولياتها الإحاطة بأمن الإقليم ككل وكمنظمة نحن جزء لا يتجزءا منها ،وهذا ما لخصتها كاثرين عندما قالت إن البلاد تواجة أزمة (توافق سياسي) مما دفعتها تطرح نداءا حول ضرورة إجراء حوارا سياسيا جامعا في منبرا جديد اخر وهذا ما ترفضها الطرف الحكومي بوجه نظر قائل أنهم ماضون قدما في تنفيذ الاتفاقية باشارة غير مباشرة ولو بصورة شكلية كما يبدو ألان والتي اعتمدت في تصوري علي منهج التمثيل السياسي والتعبير الظاهري لتركيبة مكونات حكومة الوحدة الوطنية المنصوص في إتفاقية حل النزاع .
دعوة إجراء حوار سياسي هذا اعتقد انها يتوافق بما دعا لها زعيم المعارضة المسلحة د. مشار في الخارج في وقت سابق بعد خروجه من الخرطوم في مطلع أكتوبر الماضي متجها إلى دولة جنوب إفريقيا في رحلة علاجية كما صرح والذي قال في غضون ذلك إن صمت دول الإقليم الحالي ليس إلا إعلانا ساكنا لدعم موقف النزاع المسلح ليتجدد مرة أخرى والكل متابع ان الزمن وحدها أثبتت واقع هذا الخيار بتجدد الحرب في مناطق شتى بولايات اعالي وبحر الغزال والاستوائية في ظل وجود جبهة محلية تعتقد إنها تنفذ الاتفاقية بشقيها.وفي ذات السياق من الحديث والأصوات التي بدت تتعالى لإجراء حوار سياسي على لسان زعيم المعارضة المسلحة الدكتور رياك مشار إذ قال انه التقى على هامش فعاليات ختام مؤتمر الحوار الوطني في مع الرئيس اليوغندي يوري موسفيني أثناء زيارته للعاصمة السودانية الخرطوم في منتصف شهر أكتوبر الماضي وناقشوا عدة قضايا تهم المنطق والتطورات السياسية التي حدث مؤخرا بالبلاد وأضاف قائلا أن موسفيني طرح مبادرة مفادها ضرورة إجراء حوارا سياسيا لاحتواء الأزمة السياسية في جنوب السودان مع تأكيد على تصحيح المسار السياسي التي خرجت عن عدولها في بلادنا لاحظ أن هنالك انتقالا تدريجيا لإلحاق أزمة جنوب السودان إلى مرافي لا ندري اين ستؤول وإلى متى ستتشكل مخرجاتها لتثمر لخطوات عملية برغم الإحباط الواضح لمكونات المجاورة الإقليمية.برغم ذلك تسعى دول المنطقة تجميع قواها ضمن جهود لها لفك حصار سخطهم هذا وفقا لمنهج جديد يعتمد كليا على مفهوم المصالح أهم هذه الخطوات إثارة ما قامت بة دولة كينيا مؤخرا من قرارات يتعين على الفرد النظر إليها من الزاوية الكلية. أما ما يلي نظيراتها في المنطقة فهناك في تقديري عوامل خارجية لعبت أدوارا هامة وغير واضحة المعالم في تحريك دور السودان واثيوبيا في الفترات الفائتة إذا ما فككنا وعللنا منطلقات صمتها التكتيكي في تحريك بعض الأوراق التي تصب مباشرة في مصلحة الدولة وتؤثر بدورها على امن بلادهم القومي ،فالسودان معلوم أن موقفها الأساسي تجاه جنوب السودان تكمن في رفضه التام لاحتواء حركات مسلحة تتخذ من أراضي جنوب السودان ملاذا أمنا له لمناهضة حكومة السودان والتي توصف في لغة الدبلوماسية" بالعمل العدائي" يتطلب إما معاملة الدولة المضيفة بالمثل او محاربة الدولة في حد ذاتها ومقاطعة المعاملات الذي ترمي لبناء علاقات معها خاصة عندما تكون تلك المعارضة تعتمد على استخدام النزاع المسلح ضد نظام الحكم وتقود نزاعا عسكريا ،وهذا في اعتقادي ما طفح بكيل عوامل الثقة بين الدولتين قبل وبعد إعلان إستقلال جنوب السودان إذ طغت منهج التآمر المتبادل برغم الانكار المترتب عن ذلك على التفكير الايجابي بين الحكومتين حتى أرهقت خزينتهما خاصة الجنوب سودانية نسبة لعدم وجود بدائل لمصادر دخلها لكن يبدو ان الأمور ألان على وشك أن تأخذ نصابها من التقدير المتزن خاصة بعد ان اصدر الولايات المتحدة الأمريكية بيانا في عشرين اكتوبر من العام الجاري يدعو فيها حكومة جنوب السودان في إشارة واضحة ومباشرة بضرورة ان تتخلى بدعمها لقوات الحركة الشعبية قطاع الشمال وطردهم من اراضي جنوب السودان والتي لاقت قبولا واسعا من قبل المراقبون والمهتمون بالشأن العلاقات بين الدولتين بل لدى الحكومتين كواحد من العوامل المساهمة في عدم الاستقرار السياسي والعلاقاتي في المنطقة. لكن يظل أزمة الثقة حاضره وعالقا لإحراز خطوات جريئة في هذا ملف ما لم يكون هنالك تعبيرا خالصا يخاطب كل المفارقات التي نمت طرديا مع تطور النزاع. لكن برغم من ذلك يظل ذاك الدور المركزي للسودان في الإقليم تتجلى مكانتها لا محال وتبدو ذلك واضحا في طبيعة التحالفات الآخذ في تشكل الان ليس على مستوى الإقليم فحسب بل على مستوى القارة ككل ،لاحظ تأثير السودان على كنغو أثناء إجلاه لزعيم المعارضة وايضا تشاد الذي اصبحت محكمة بإتفاقيات امنية وضف إليها جنوب افريقيا وكينيا التان اصبحتا وكلاء الدول الغربية في الاقليم واثيوبيا التي عكف السودان لطي صفحات الماضي والمضي قدما في خلق حسن الجوار مع إحراز تقدما في بعض الملفات الاستراتيجية كالمياة التي باتت على الاطلاق مصدرا لنزاع المصري الاثيوبي والسودان بينهما وسيط متعاون يبحث عن مصالحه كل هذا الخيوط اصبح السودان لاعبا اساسيا لا يمكن تجاوزها عند مناقشة قضايا الاقليم ويبدو واضحا من خلال الانفراج الامريكي السوداني. دعونا نركز قليلا في النقطة الاساسية التي قصدنا ان نجملها هنا والتي حاولنا فيها وباستفاضة تقدير دور السودان المركزي في كيفية إدارة ملفات المنطقة الشائكة الان خاصة فيما يتعلق بجنوب السودان والذي شغلت دول الاقليم اكثر مما ينبغي نسبة لظهور اطراف جديدة في اقليم بداءات تتدخل بقوى.
وهنا نشير لزيارة الرئيس الكيني اهورو كينياتا إلى السودان في التاسع وعشرون إلى ثلاثين من اكتوبر الماضي التي في تقديري تصب في ذات المنحى لمناقشة قضايا المنطقة ككل يتضح ذلك في إشارة الرئيس الكيني عقب خواتيم مباحثاته ان العلاقات الكينية السودانية لم تتأثر بقيام دولة جنوب السودان ، كمحاولة منه لوصف الأزمة الجنوب سودانية بتعبير أكثر دبلوماسية وهذا في تصوري دلالة قاطعة على ان الطرفان ناقشتا في كواليسهم التطورات السياسية في جنوب السودان خاصة ما يلي الاتفاقية الأخيرة والذي لعبت كينيا فيها دورا فعالا والسودان في دور (الجِد) الأكبر .والمتابع يجد ان هناك بالفعل مياءا تجري من تحت عن وحول الواقع الجاري ،تمظهرت بعد ان أعلن الرئيس الكيني في خطوة لافته سحب قواته المشاركة مع قوى حفظ السلام جنوب السودان في الاول من نوفمبر الجاري فور عودته من السودان والتي تبلغ قوامها حوالي ألف ومائتان وتسعة وعشرون جندي، كتعبير لرفض قرار بانكي مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة المنتهية دورته القاضية بإدانة وإعفاء الكيني جونسون موغو كيماني قائد قوات حفظ السلام واتهامه بالتقاعس في اداة واجبة لحماية المدنيين أثناء النزاع الأخير.هذا الخطوة يجئ والوضع المحلي في البلاد ملتهبة والأمور تسير في طريق مقلق مع تطور الوضع الأمني في عاصمة جنوب السودان ناهيك من المناطق الأخرى خاصة إذا ما استحضرنا مشروع المجتمع الدولي بضرورة نشر قوات الحماية في وقت سابق لقيام بمهام حفظ الأمن في البلاد .
بكل تأكيد القارئ للامور يجد ان كينيا بهذا الخطوات يعيد إستراتيجية علاقاتها مع جنوب سودانية بمراجعة دقيقة ستتبين خطوطها في اوقات لاحقة وهذا يبدو واضحا إذا ما اخذنا ما جرى مؤخرا بما قامت بها السلطات الكينية في حق الناطق الرسمي باسم د. رياك مشار جيمس قديت من إبعاده وتسليمة الى حكومة جنوب السودان والذي لاقت بدوره إدانات واسعة من قبل المنظمات الإنسانية الدولية على رأسها منظمة العفو الدولية بان ما اتخذته السلطات الكينية من خطوات غير سليمة وغير موفقة بحكم الواقع السياسي.كينيا بهذا الخطوة يبعث برسالة صريحة تصف نفض اليد من أزمتنا المحلية وتعبر عن عدم وقوفه بأي طرف من الأطراف المتنازعة في البلاد كمنهج جديد للتعامل مع ملف جنوب السودان.وهذا طبعا إذا لم نوحي فكرة ان الخطوة التي أبدتها ذى علاقة بمفاهيم الامن القومي ومدارك السيادة الوطنية مما يعني ان يمكن تجميله من منطلقات الاستراتيجية الكينية الجديدة التي تتفرع من استراتيجية الاقليم في شكلها الكلي الذي لن يغيب عنها مواقف كل دول الجوار التي بداءت تلوح في الافق.
وفي ذات المضمار نجد ان دولة اثيوبيا ليس بعيدا من هذا الخلل الإقليمي وان علاقاته مع جنوب السودان كانت على حافة الهاوية لتنهار ولكن مرابط الاتفاقية التي خرجت من باطن اراضية هي التي اثرت في الحفاظ على محاولات جرها لمنعطف خطير جراء ممارسات جديدة كانت لها الرأي في دفع الطرفان للوصول إلى معاهدة او أتفاق ثنائي ليس هذه المرات حول إتفاقية حل النزاع بل عن العلاقة الخاصة بين الدولتين،أتضح تماما أثناء زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي لجوبا اواخر أكتوبر المنصرم توج باتفاقيات اقتصادية وسياسية أهمها الأمنية ،لاحظ ما الذي يدفع اديس ابابا بتوقيع جنوب السودان على اتفاقية امنية إذا لم نقل ان هناك ما يشغل التفكير الاثيوبي خاصة في ظروف شهد اثيوبيا قيام مظاهرات ومجموعات يمكن ان ترتقي لقيام بعمليات عدائية ضد النظام الاثيوبي الحاكم.
في معلومات غير مؤكده يتهم إثيوبيا جنوب السودان بدعم هذه المجموعات المعارضة لها بوكالة غير مباشر من مصر في خطوه لتأجيج الاستقرار الإثيوبي الآخذ في نمو مضطرد في مجال استغلال مورد المياه.هذا الإشكالية ربما هي التي دفع اثيوبيا لضبط علاقتها مع جنوب السودان بإتفاقية امنية بغية جعل الامر دليلا في المستقبل وتعليق وشاحة دعم المعارضة الاثيوبية في جنوب السودان وفضح الوكيل الاساسي ،تأكد ذلك لما قام وفد حكومي مصري بزيارة جوبا بعد اقل من اسبوع يوم اثنين من نوفمبر الجاري برئاسة وزير الري المصري محمد عبدالعاطي وكالعادة وصلت الطرفان الى إتفاق جديد لتعزيز التعاون بين البلديين في مجال المياة وقيام بمشاريع في مناطق كبويتا وبعض مناطق بحرالغزال ،لكن يتسأل المرء حول إمكانية قيام المشاريع في تلك المناطق المزكورة في ظل التعقيد الامني الماثل الذي يصعب من الحركة وهذا في تقديري امر مستحيل ويدعو الشك في مصداقية الزيارة والاسباب الذي دفع مصر لقيام بهذه الزيارة الخاطفة وهذا لا يعني وينفي وجود دور فاعل تقوم بها الحكومة المصرية في مجالات مختلفة.
في تقديري زيارة الوفد المصري تفسر حالة القلق التي اصابها بزيارة الوفد الاثيوبي لجوبا ذادت وتفاقمت بوصول جنوب السودان لاتفاق امني (مقلق) مما يعني ذلك ان الحكومة المصرية تريد ان تستفيد من التأخم الاثيوبي بالبلاد مقابل دعم جنوب السودان في المحافل الدولية وافتكر ان هذا افتراء ومحاولة غير سديدة ولا تصب في مصلحة الظروف السياسية التي تمر بها البلاد الذي يتطلب ادوارا إيجابيا لنهض بجنوب السودان كما ان نحن لستنا قي حاجة لخلق اشكالا مع دولة ما خاصة اثيوبيا في ظل التعقيد المحلي.
جل هذا الخطوات والانتقالات الظاهرة والعابرة بحدود جنوب السودان تؤكد ان الاقليم ودول المنطقة في حالة ربكة رهيب في كيفية تحديد مصالحها وتريد ان تثبت بذلك خصوبة الاراضي الجنوب سودانية لتصفية الحسابات بين الدول يتضح ذلك في تسارع الدول وتواردها تجاه البلاد .مما يعني ان الاقليم بداءت تفكر في مرحلة ما بعد إنهيار الاتفاقية أي بشكل اخر إنهم إستسلموا لحديث القائل ان إتفاقية حل النزاع جنوب السودان (إنهار) ولا سبيل للصبر عليها مع العجز المصاحب لإعلانها (إنهياريتها) رسميا ويبدو ذلك واضحا من موقف السودان الذي اعلنة الرئيس بشير بانه يمهل فترة معينة حتى ديسمبر القادم حكومة جنوب السودان لطرد الحركات المناهضة له وإلا سياتي هو لقيام بذلك كانما متناسيا ان هنالك إتفاق ضمن كيفيات طرد هذه القوات مما يشير ذلك ان هناك منهجا جديدا في طريقها لتتبلور لتحكيم واقع العلاقة الجديدة بين جنوب السودان ودول الاقليم.
إذا خلاصة لما حاولنا وصفها هنا نجد ان هناك مواقف متشابها لدول الاقليم وتفكيرا شاغلا حول مايجري في البلاد وإتفاقا غير معلن او قل غير رسمي بحكم المزاج الاقليمي العام بضرورة إعادة تشكيل واقع علاقاتنا معهم في الاقليم بغية التركيز على المصالح الوطنية لهم كتعبير ضمني لما اصابهم من عدم الوثوق في أي مبادرات جديدة لإنقاذ الاتفاقية من الانهيار هذا يتضح لك إذا فكرت في النقاط التي اسهبنا فيها كل على حد كينيا واثيوبيا ويوغندا والسودان والكنغو التي تعتبر من اكثر دول الاقليم تاثرا بما يجري بالبلاد.
إذا كل هذه المواقف في تقديري يكفي في تصوير واقع المنطقة الذي بداءت تتكون في خطوطا متوازية مع إتفاقية السلام نتيجة للعجز الواقع عليهم بأمكانية إنقاذ جنوب السودان من إنهياره الكامل والتي ترتبط إرتباطا طرديا بمستقبل الاتفاقية السلام ، فطرح قيام حوار سياسي جامع كما هو متفقا علية دول المنطقة ليس إلا إعلانا للاستسلام وبداية جديد لأعادة التفكير في إستراتيجية دول المنطقة لدعم جنوب السودان التي تعتبر بمثابة (حسابات جديدة).
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.