مرتزقة أجانب يرجح أنهم من دولة كولومبيا يقاتلون إلى جانب المليشيا المملوكة لأسرة دقلو الإرهابية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى الشهداء .. كلمة الإمام الصادق المهدي
نشر في سودانيل يوم 28 - 03 - 2017


بسم الله الرحمن الرحيم
هيئة شئون الأنصار للدعوة والإرشاد (لجزيرة أبا)
الذكرى ال (47) لشهداء الجزيرة أبا وود نوباوي والكرمك مارس 1970م
تحت شعار: نمضي كما مضى الجدود
27 مارس 2017م – ساحة مسجد الكون العتيق بالجزيرة أبا
كلمة الإمام الصادق المهدي
بعنوان: ذكرى الشهداء
أخواني وأخواتي، وأبنائي وبناتي
السلام عليكم ورحمة الله
قابلتموني رجالاً ونساءً من كل الأعمار بحماسة وأعداد لا مثيل لها لكم مني جزيل الشكر وأعلم أن هذا الحب والإقبال ليس لشخصي ولكن للمعاني التي أجسدها والكامنة في عقولكم وقلوبكم.
كياننا هذا كيان تعب ومجاهدات لا راحات ومداهنات الرجال الخمسة الذين قادوه الأئمة محمد احمد، وعبد الله، وعبد الرحمن، والصديق، والهادي، ثلاثة منهم جمرهم نار الرصاص عبد الرحمن الذي أصيب به وعبد الله والهادي اللذين قتلا شهيدين به.
ومحمد أحمد والصديق ماتا معاناة في ريعان الشباب وأنا سادسهم حكمت بالإعدام وصودرت أملاكي مرتين وسجنت ما يزيد علي ثمانية أعوام وتعرضت ثلاث مرات لمحاولات اغتيال.
في تاريخ السودان ظاهرتان: أبا عروس الدعوة ثانياً: كأنما دماء الأنصار هي ما غسل عار البلاد وهيأ لأمجادها:
. كرري الهزيمة لا كما قال المنشد شتتوا كتل الغزاة الباغية ولكنها تحدث عن رجال كالأسود الضارية ونالوا أعجاب الغزاة وصمودهم وإقدامهم كان المقدمة الدامية لاستحقاق سيادة الوطن لأهله.
. حوادث مارس أكدت للحكومة الاتحادية أن فكرة التنازل عن سيادة الوطن مستحيلة.
. واقعة الجزيرة أبا وودنوباوي أكدت للسلطة الانقلابية المايوية أن شعارات الشيوعية لا يمكن فرضها على السودان.
. انتفاضة يوليو 1976م لقنت الحاكم الانقلابي المايوي أن الشعب السوداني لن يستكين لحكم الفرد ما دفعه للمصالحة الوطنية في 1977م المصالحة التي مهدت لانتفاضة 1985م والإطاحة بالنظام الغاشم.
في ذكرى شهداء أبا نذكر ونترحم على الشهداء كلهم الذين هم (أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ)[1] أخروياً والذين هم في تاريخ الوطن مفاتيح غسل العار وبناء الأمجاد.
وأكبر دليل أن ونجيت بعد هزيمة أم دبيكرات أبرق زوجته يقول: "مرحى قضينا على المهدية". ولكن بعد خمسين سنة من البرقية صار الأنصار أكبر وأقوى تكوين ديني وصار الحزب السياسي الاستقلالي حزب الأمة سفينة نجاة السودان نحو تحقيق أن "السودان للسودانيين". تأكيداً لمقولة الإمام المهدي عليه السلام: "ناري هذه أوقدها ربي وأعدائي حولها كالفراش كلهما أردوا أن يطفئوها أحرقوا بها وصار أمري فاشي". ومقولة أخرى "تكون لنا في مقبل الأيام كرامة" أوضح مما نحن فيه الآن. لذلك كلما استبد في البلاد طاغية خارجي مثل كتشنر أو داخلي كالانقلابيين بدءاً بنظام عبود ثم نظام نميري ثم نظام الإنقاذ فإنهم استهدفوا هذا الكيان وجعلوا همهم الأول إبادته ولكن مع كل محاولة صار هذا الكيان من أهم معاول هدمهم وانتفض الكيان كأنما هو طائر الفينيق الذي يبعث حياً من رماده وكأنما عناه أبو الطيب:
كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
كان لأهلنا في النيل الأبيض عامة وللجزيرة أبا بصورة خاصة دور مهم في هذه المسيرة المجيدة. هاكم القصة:
1. قبل الدعوة المهدية لجأ الشيخ محمد أحمد للجزيرة حيث أقام معهده القرآني وفي غارها هجمت عليه رسالة الغيب فابرق السلطة في الخرطوم فأرسلت له من يراجعه ثم أرسلت قوة لاعتقاله فكانت واقعة الجزيرة أبا ذات النتيجة الباهرة وذات الشبه الكبير بواقعة بدر في 17 رمضان تشابهاً قال عنه شاعرنا:
يا صنو بدر في الزمان ويا أخا النصر الشهير
2. بعد هزيمة الدولة المهدية قضى الغزاة على الخلفاء وعلى القادة وعلى أبناء المهدي قتلاً أو أسراً ونجا الطفل عبد الرحمن المهدي بأعجوبة فقد أطلقت عليه النار وترك ليموت كان هذا في مجزرة الشكابة.
بعد حين طالب السيد عبد الرحمن أن يسمح له ولأهله بالاستقرار في الجزيرة أبا ولكن الغزاة رفضوا الطلب. ولكنهم واجهوا انطلاق حركات عصيان ضدهم باسم المهدية فرأوا أن يتعاملوا مع ابن المهدي لمحاسبته على تحركات الأنصار. أذنوا له بالإقامة في الجزيرة أبا ووعدوا أن يملكوه ما يعمره من أرضها.
عندما استقر ابن المهدي في الجزيرة أبا تسامع الأنصار وسمع بعضهم هواتف فاقبلوا عليه بأعداد كبيرة أقلبت قبائل أذكر منهم: المهادية، بني هلبة، البرقد، الزيادية، خزام، الحوطية، التندر. الرزيقات، المعاليا، ميمة، البرنو، الفلاتة، زغاوة، البرتي وغيرهم ولازم السيد عبد الرحمن كثير من الشخصيات أذكر منهم العمدة آدم حامد، يعقوب أبو نفيسة، بشرى بدوي، مهدي الجبلابي، الفكي آدم علي، مرجب حامد، محمد يس إدريس، الفكي مهدي هارون، الفكي رشيد، جبارة جابر خميس، وآخرون من الأعلام.
3. هؤلاء المهاجرون أقدموا تجديداً للبيعة مع الإمام المهدي واستعداداً للقتال الجهادي. ولكن السيد عبد الرحمن حفظ درس مواجهة العدو بقوة غير متكافئة. لذلك قرر الولاء لجوهر الدعوة واتخاذ أسلوب الجهاد المدني. تجاوباً مع مقولة الإمام المهدي: "لكل وقت ومقام حال زمان وأوان رجال". تنفيذاً لهذا النهج صارت الجزيرة أبا شعلة نشاط روحي، وعصبة قبائل متآخية، ومركزاً لعمل اقتصادي كبير، ومركزاً لإحياء الدعوة في كثير من أنحاء السودان.
. تعددت في الجزيرة أبا المساجد حتى صار عدد كبير منها يصلي التراويح بجزء القرآن في الليلة. وكثرت الخلاوي القرآنية أذكر منها خلاوي الشيوخ: أحمد ود البدري، وود حسونة، ومهدي هارون، وبشير البرقاوي، ويعقوب وإبراهيم الدومة. وعلي السيوري وفي هذه تتلمذت. وغيرها.
. السيد عبد الرحمن كان حريصاً على نشر التعليم المدني والديني فأسس مدرسة هي من أوائل مدارس السودان ومعهداً علمياً.
. كانت الفلاحة مطرية ولكن في منتصف العشرينيات في القرن الماضي قرر الزراعة المروية لمحصول نقدي القطن ولزراعة البساتين وفي الحالين رفضت السلطات أن تعطيه رخصة لذلك بحجة أن النيل الأبيض لا يصلح لهذه الزراعة المروية. ولكنه نجح بصورة جعلت الجزيرة أبا مكاناً لتدريب الذين ساهموا في تعمير كل المشاريع الخصوصية في النيل الأبيض وفي النيل الأزرق.
مدوها بالخولية، والمحاسبين، وأمناء المخازن، والكتبة، وسواقي الوابورات ما جعل القطاع الخاص لإنتاج القطن يساوي نصف إنتاج مشروع الجزيرة بركات المعروف.
في البداية أقام الإمام عبد الرحمن مع مزارعي الجزيرة أبا من المهاجرين علاقات إنتاج أبوية ثم وبعد صدور قانون سحب مياه النيل الذي جعل المزارع شريكاً طبق نظام الشراكة وتدل الحسابات أن ما ناله المزارع بموجب النظام الأبوي اكبر مما ناله بالشراكة.
. وصارت الجزيرة أبا مركزاً لإنتاج الصناعات الحرفية كصناعة الجلود والنسيج.
صارت الجزيرة أبا مركزاً تنموياً مهماً في السودان وصارت بقعة مباركة من تآخي القبائل والأمن الطوعي ما جعلها قدوة تربوية اجتهدت حكومات الطغيان أن تفكك هذه الحضارة ورغم ذلك صار لأبناء وبنات الجزيرة أبا طابعاً إيمانياً ووطنياً واجتماعياً خاصاً حتى عندما أجبرتهم ظروف المعيشة للنزوح لمناطق أخرى في السودان وفي خارج السودان فإنهم احتفظوا بطابع خاص مميز.
4. وصارت الجزيرة أبا عمقاً شعبياً مع غيرها من أقاليم الوطن لكثير من حركات الوطن المصيرية:
. عندما تواطأ الغزاة وأبرموا بروتوكول صدقي بيفن في 1946م كان الإمام عبد الرحمن في الجزيرة أبا ومن هناك انطلقت مقاومة البروتوكول حتى هزم.
. وفي الجزيرة أبا قام نشاط ضد الدكتاتورية الأولى بقيادة الفريق إبراهيم عبود داعماً للمعارضة في المركز وعقد مؤتمر الوكلاء 1963م الذي ابرم ميثاقاً لبناء الوطن في المستقبل.
. وعندما وقع انقلاب مايو 1969م وهو انقلاب هدفه جعل السودان ولاية تابعة للمعسكر الشرقي كان الإمام الهادي في الجزيرة أبا. ومن هناك أعلن رفض الانقلاب.
تجمع الأنصار وآخرون من الإسلاميين والوطنيين في الجزيرة أبا بهدف مقاومة النظام الانقلابي.
استلم الإمام الهادي رسائل من كثيرين: من الشريف حسين الهندي في الخارج يناشده أن يقوم بحركة مقاومة، كذلك أرسل له ضابط يقول: "أن أي تحرك ضد الجزيرة سوف ترفضه القوات المسلحة، ورسالة من سياسي يقول له: "إذا هوجمت الجزيرة فإن البلاد سوف تقوم بإضراب عام". ولكنني كنت مطلعاً على تقارير أمن النظام وأنا داخل المعتقل في شندي فأرسلت للإمام الهادي أقول: "إن النظام مستعد للهجوم علينا تؤازره دولتا ميثاق طرابلس لذلك نؤجل مواجهته ونختار الزمان والمكان المناسب". ولكن النظام استغل مظاهرة معارضة له في الكوة لهجوم بالطيران والدبابات والأسلحة الثقيلة ضد كل مواقع الجزيرة أبا المدنية وسكانها العزل تدعمه حكومتان في مصر وفي ليبيا. هكذا كان الهجوم الغادر وعندما تحرك محتجون في أم درمان أصلوهم جاحم نيران.
قرر الإمام الهادي أن توازن القوى لا يسمح بالمقاومة وكلف الأخ خالد محمد إبراهيم أن يرفع علماً أبيض أما هو فاتجه مهاجراً نحو أثيوبيا بعد أن وعد بالعودة مستقبلاً.
ولكن في طريق الهجرة أسر الإمام ومن معه وهم في الأسر قتل الإمام وخاله محمد أحمد مصطفى وحبيبه سيف الدين الناقي. صمود الإمام الهادي ومن معه من الشهداء موقف عظيم في سجل التاريخ الديني والوطني في السودان.
كانت الهجمة بقوة ساحقة ضد مدنيين عزل فارتكبت جريمة لا تتقادم ولا تنسى. ومن نتائج هذا الظلم الفادح هجرة عدد كبير من أنصار الله إلى أثيوبيا حيث أقاموا معسكرات نادر مثيلها في التاريخ وصاروا هم بعد هجرة أخرى إلى لبيبا أساس انتفاضة 2 يوليو 1976م التي وإن لم تحقق مقاصدها لسبب مهم هو أن العنصر العسكري النظامي الذي وعد بالمشاركة فيها تقاعس. كانت هذه الانتفاضة مثلاً رائعاً في البسالة والإقدام وقوامها مواطنون سودانيون شوه النظام عطاءهم. ولكن انتفاضة يوليو 1976م أقنعت النظام أن أفعاله القمعية لم تقض على المقاومة لباطله ما جعله يتجه نحو المصالحة في 1977م المصالحة التي مهدت لانتفاضة رجب/ أبريل 1985م والإطاحة بالنظام المايوي.
5. كان النظام الديمقراطي العائد بعد الانتفاضة قد قام بمشروعات تنموية وخدمية مهمة بيانها نشرناه وقطع شوطاً في مشروع السلام لإنهاء حرب الجنوب في مؤتمر قومي دستوري يعقد في 18/9/1989م لإبرام سلام بلا تدخل أجنبي وبلا تقرير مصير. وخطط لتحقيق مشروع إسلامي قومي يوفق بين الواجب والواقع ويحفظ لغير المسلمين حقوقهم الدينية وحقوق المواطنة.
هذه المسيرة تعرض لها انقلابيون بمشروع رفع شعارات إسلامية ولكنه بعد 28 سنة حقق انفصال الجنوب. وإشعال حروب في دارفور وفي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وجعل السودان تحت وصاية قوى دولية تمارس عبر 63 قرار مجلس أمن بموجب الفصل السابع وها هو يقف مدافعاً عن السلطات بلا مشروع حضاري وبلا أية أيديولوجية سوى أجهزة أمنجية لدعم السلطة.
6. كل الذين حكموا السودان بالقوة كان من أهدافهم تركيع القوى الشعبية الحية وبالنسبة للجزيرة أبا الحرص على محو خصوصيتها لتصير كأي بقعة أخرى بلا خصوصية. هذا ما حرص على تحقيقه نظام مايو.
ولكن عندما قرر نظام مايو إرجاع الحقوق المصادرة لأهلها ابلغني رئيس النظام بذلك فقلت له كون لجنة فنية لتوزيع أصول دائرة المهدي للورثة ولكن للجزيرة أبا ومجمع بيت المهدي خصوصية لذلك تخصص ملكية أبا لأهلها ويخصص بيت المهدي وقفاً للأنصار.
وهذا ما التزمت به اللجنة المكلفة برئاسة المراجع العام السيد حسين عبد الرحيم.
ولكن انقلاب 30 يونيو هو تابع نظام مايو في الحرص على محو خصوصية الجزيرة أبا وتابعه في ممارسات أخرى من مجازر على المدنيين ما دفع به نحو مساءلة دولية. وبالنسبة للجزيرة أبا قرروا محو خصوصيتها بتأميم الجزيرة بدل تمليكها لأهلها وهو قرار كيدي لأن الورثة قد تنازلوا لأهلها. نحن نرفض هذا الكيد وسوف نعمل على استرداد خصوصية الجزيرة أبا عندما يحكم السودان دستور ديمقراطي.
وحرصاً على دور الجزيرة أبا الفريد كنا وقد اتفقنا مع الدعم الايطالي لتطوير أبا كأنموذج للتنمية الريفية الزراعية والحيوانية. والسمكية والصناعة وإقدام الكنديون لإقامة معهد فني لتدريب الكوادر لإدارة تلك النهضة. هذا المخطط عصف به قيام الانقلاب ولكن مهما طال الزمن سوف نواصل:
أعاذلتي مهلاً إذا ما تأخرت قوافلنا حتماً فسوف تعود
ولا بد من ورد لظما تطاولت ليالي سراها واحتواها البيد
7. أيها الأحباب جميعاً من العاصمة ومن أبا ومن النيل الأبيض ومن سائر بلاد السودان حرصنا أن نلبي الدعوة لإحياء ذكرى الشهداء وهم شهداء في قضايا الدين والوطن لذلك تناولنا ما تناولنا من قضايا وسوف نعود للنيل الأبيض مرة أخرى قريباً إن شاء الله تلبية لمؤسسة حزب الأمة في النيل الأبيض ضمن حملة التعبئة المقررة في الهبة الناعمة الهادفة لنظام جديد نظام قومي لا يعزل أحد ولا يهيمن عليه أحد حتى حكام اليوم يشاركون فيه بحجم حقيقي لا الحجم الذي نفخه التمكين الظالم وسوف تكون المساءلات عادلة وغير انتقامية.
وفي الزيارة القادمة سوف نفتتح دار الحزب بكوستي مع الإشادة بهذا الجهد القيم والذي يرجى أن تقتدي به الولايات الأخرى.
زيارتنا للولايات تبشر بصبح جديد وسائل تحقيقه حوار باستحقاقاته أو اعتصام سياسي جامع يعبر الشعب عن طريقه عن تطلعاته المشروعة حتى تتحقق.
استحقاقات الحوار الوطني واضحة هي:
أولاً: اعتبار الحوار الداخلي الذي انتهى في العاشر من أكتوبر 2016م ملزماً للذين اشتركوا فيه ولكن يهم الشعب منه تنفيذ التوصيات بشأن بسط الحريات وضبط جهاز الأمن والالتزام بتنفيذ ما وقع عله النظام الحاكم من خريطة الطريق الأفريقية.
ثانياً: خريطة الطريق تتطلب إجراءات تهيئة المناخ المناسب وهي بسط الحريات، ووقف العدائيات، وانسياب الإغاثات الإنسانية، وإطلاق سراح المحبوسين وتبادل كافة الأسرى.
ثالثاً: الاتفاق على مهام إجرائية هي أجندة إقامة الحكم القومي، وأجندة اتفاقية السلام، وأجندة الملتقى للدستور القومي المنشود.
بعد الاتفاق على تلك المهام والأجندات ينقل الحوار إلى داخل الوطن.
وفي آخر لقاء لنا مع قوى نداء السودان اتفقنا على إستراتيجية شرعت ابشر بها منذ عودتي.
قال بعض الناس ولكن ما جدوى هذا الحوار الجامع ما دامت فصائل المعارضة تنوء بخلافات؟
أقول بثقة إذا أوفى النظام بما عليه من التزامات فنحن سوف نحتوي أية مزايدات ونحدد موقفاً حوارياً موحداً. وأناشد الإخوة في الحركة الشعبية قبل لقائهم الإسراع باحتواء المشاكل التنظيمية وعدم إدخال تقرير المصير في المزايدات فالجبال تكوين مختلط وتجربة الجنوب صادمة.
هذه هي المصالحة الوطنية التي يرجى أن يطالب بنجاحها كل مواطن غيور.
ختاماً: أجزل الشكر لهيئة شئون الأنصار لتنظيم هذا المشهد. وأجزل التقدير لحزب الأمة بالنيل الأبيض للمشاركة فيه. ولأهلنا في أبا والنيل الأبيض والفئات الدينية والسياسية المشاركة أجزل التقدير. وللشهداء الذين غسلوا بدمائهم العار وساهموا في أمجاد الدين والوطن رحمة الله ورضوانه وهم (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا)[2]. ولأهلهم ولنا جميعاً حسن العزاء.
[1] سورة آل عمران الآية (169)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.