لم تعد مسألة مشاهدة الأفلام الإباحية تتعلق بالخطأ والصواب فقط بقدر ما باتت مرتبطة بآثار صحية ونفسيةمدمرة. ويكفي أن نقول بأن ثلاث دول عربية هي ضمن لائحة الدول العشر الأكثر مشاهدة للمواد الإباحية لهذاالعام، إذ حلت مصر في المرتبة الثانية والمغرب في المرتبة الخامسة أما السعودية فتراجعت إلى المركز السابع. وبالتدقيق عربياً نجد أن المواد الإباحية قد وجدت طريقها إلى جميع الدول العربية، الفارق الوحيد هو معدل المشاهدةالمرتبط عادة بنوعية وسهولة الاتصال بالإنترنت في هذه الدولة أو تلك. بمعدل مشاهدة يتراوح بين خمس إلى مايقارب عشر دقائق باتت الدول العرب تعاني من حالة مرضية جماعية، لا تلقى غالباً الاهتمام الكافي لمعالجتها وللحدمن انتشارها. مشاهدة الأفلام الإباحية ظاهرة مرضية تؤدي إلى الإدمان وأضرارها النفسية والجسدية مماثلة لإدمان المخدرات.وبما أن تأثير الإدمان لا يطال الشخص المعني، فحسب بل ينعكس سلباً على المحيطين به سنعرض لكم بعضالأضرار النفسية والجسدية التي تسببها المواد الإباحية: 1– الإدمان تأثير مشاهدة الأفلام الإباحية مماثل تماماً لشرب الكحول أو تعاطي المخدرات، فعند استخدام المخدرات يزداد إفرازهرمون الدوبامين ويمنح إحساساً بالنشوة، لكن الدماغ وبعد فترة قصيرة يتكيف مع الكمية القليلة وبالتالي بحاجةلكميات أكبر.الأمر نفسه يحدث لدى مشاهدة المواد الإباحية، الكميات الكبيرة من الدوبامين التي يتم فرزها تحفزمركز الشعور باللذة بشكل كبير، وبعد تكيف الدماغ مع الكمية -وهنا نعني مدة ونوعية الأفلام الإباحية- يصبحالشخص المعني بحاجة لمزيد من الصور والتنوع. إدمان الأفلام الإباحية فوري، إذ وفق دراسات فإن الاطلاع على مادة جنسية واحدة يدفع الجسم لإفراز التستستيرونوالدوبامين والإكسيتوسين بشكل كبير. وبعد اجتياحها الدماغ وتحفيز مركز الشعور باللذة بشكل حاد، تصبح حاجةالشخص إلى محفزات أكبر لبلوغ اللذة أكثر إلحاحاً. 2– تقليص حجم الدماغ أظهرت دراسة ألمانية نشرت مؤخراً أن الرجال الذين يمضون وقتاً طويلاً في مشاهدة الإباحية يعانون من تراجعكثافة المادة الرمادية في بعض إجزاء المخ؛ ما يؤدي إلى تراجع وظائفهم الدماغية. والسبب يكمن في الصلة السلبيةبين مشاهدة الأفلام الإباحية لساعات أسبوعياً وكتلة المادة الرمادية في الجزء الأيمن من الدماغ، ووظائف القشرةالدماغية الأمامية. التحفيز المرتفع الوتيرة لمركز الشعور باللذة لا يؤدي فقط إلى تغيرات في اللدونة العصبية، بل قد يتسبب «بتدهور»الاتصالات بين البنية العصبية والقشرة الأمامية المسؤولة عن السلوك واتخاذ القرار كلما زاد معدل المشاهدة. 3– علاقة عاطفية مع عالم وهمي نعم يمكن أن تتسبب مشاهدة الأفلام الإباحية بخلق روابط عاطفية بين الشخص المعني، والمواد التي يتطلع عليها.لكنها علاقة مشوهة مع عالم وهمي مزيف يستبدل الشريكة الفعلية بصورة أو فكرة أو بمشهد جنسي. لتوضيح الصورة أكثر نعيد إلى أذهانكم تجربة العالم الروسي بافلوف الذي ربط التحفيز الخارجي بردة فعل الكلبمن خلال ربط صوت الجرس بالطعام. وبعد مدة أصبح الكلب يفرز اللعاب حين يسمع صوت الجرس رغم أنه لم يحصل على الطعام. المبدأ نفسه ينطبقعلى مدمني الأفلام الإباحية، فصوت الجرس بالنسبة إليهم هو ربط النشوة الجنسية بصورة أو فيلم لا بشخص، ومندون هذه المحفزات لا يمكنهم التفاعل عاطفياً وجنسياً. 4- تدمير العلاقة الحقيقية الكسل، زوال الرغبة بفعل جنسي حقيقي، الملل، الأنانية.. هذه بعض الآثار الجانبية لمشاهدة الأفلام الإباحية.فالاعتياد على نمط معين من المشاهد الجنسية تؤدي إلى قلة اهتمام الرجل بشريكته التي لا تشبه ولا تتفاعل معه كماتفعل نجمات الأفلام الإباحية. وعليه فإن ما تقدمه الشريكة لم يعد كافياً، ما يؤدي إلى توتر في العلاقة؛ لأن اهتماماتالرجل أصبحت في مكان آخر. وهكذا تجد الشريكة نفسها في مرحلة التشكيك إما بنفسها أو بشريكها الذي فقد رغبتهفي التواصل معها جنسياً وعاطفياً. الكسل والملل والأنانية من أكثر التأثيرات شيوعاً، فالحياة الجنسية العادية تشعره بالملل والتواصل الحقيقي بات فيأسفل لائحة اهتماماته. هو خمول لا يسعى خلف الروابط العاطفية، وأناني يسعى -رغما عنه- لإشباع رغباته بسرعةووفق الطريقة التي اعتاد عليها. الجنس بات عملية تتطلب الكثير من الجهد؛ لكونها تتضمن الشريكة التي لهاحاجاتها ومتطلباتها مقارنة بفعل الوصول إلى النشوة من خلال الاهتمام بنفسه فقط حين يشاهد الأفلام الإباحية. 5– العنف والاكتئاب يتعاطى الرجل عادة مع مشاهدة الأفلام الإباحية على أنها «مكافأة» لنفسه بعد يوم عمل مرهق طويل، وقد يلجأ إليهالشعوره بالوحدة، أو للهروب من واقع مؤلم يعيشه. لكن متعة النشوة سرعان ما تتحول إلى شعور بالاكتئاب، تكونبدايتها مع الشعور بالذنب؛ لإقدامه على كسر المحظورات الدينية والاجتماعية؛ لتتحول لاحقاً إلى سيل جارف منالإحباط والكآبة. عملية تخدير المشاعر مؤقتاً بنشوة سريعة وحادة، يزول أثرها، ولا يبقى له سوى الفراغ العاطفي. ولعل أكثر الآثارالجانبية خطورة لمشاهدة الأفلام الإباحية هي العنف، والانحدار لمستويات لم يخيل للشخص المعني يوماً أنهسيصل إليها. والعنف مرتبط مباشرة بالإدمان. فالتحفيز الذي يحصل عليه الرجل من مشاهدة الأفلام الإباحية يصبح غير كاف بعدفترة؛ ما يدفعه إلى البحث عما هو أكثر جرأة وإثارة. وهكذا ينتقل من أفلام جنسية «طبيعية» إلى الأكثر إثارةفالاكثر غرابة؛ حتى يصل به إدمانه إلى انخراطه في عوالم جنسية ملتوية غير طبيعية افتراضياً ولاحقاً واقعياً. 6– التمهيد للخيانة الفعلية الخيانة الفعلية تبدأ دائماً بالخيانة الفكرية، ومشاهدة نساء أخريات يمارسن الجنس بشكل متكرر تجعل فكرة التواجدمع امرأة أخرى أكثر قبولاً مع مرور الزمن. وما كان محرماً بالأمس سيصبح حكماً مقبولاً اليوم، وبالتالي التمهيدالنفسي والفكري لفعل الخيانة يجعل الإقدام عليه أكثر سهولة. 7– آلام جسدية تتسبب مشاهدة الأفلام الإباحية بشكل متكرر بآلام جسدية متنوعة. منها آلام الظهر والصداع. كما تتسبب بالأرقوبالتالي الشعور بالإرهاق الذي ينتج عنه عصبية في المزاج، وسرعة الغضب وقلة تركيز. ويمكن إضافة ضررالعيون وذلك لكثرة التحديق في شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر أو الهاتف. إن مشاهدة الأفلام الإباحية ليست بأمر بسيطيمكن التعامل معه بخفة، بل هي مشكلة كبيرة يجب التعاطي معها بحس كبير من المسؤولية؛ لأن أضرارها لاتنحصر بالشخص المعني فحسب، بل تطال كل من يحيط به. المعادلة بسيطة دقائق معدودة من اللذة الجنسية الوهمية، وما يرافقها من آثار جانبية مدمرة، أم حياة طبيعية مليئةبالروابط العاطفية والجنسية بحلوها ومرها.. الخيار لكم. سيدتي