وتأتي هذه الآراء ردا على الدعوة التي أطلقها مؤخرا زعيم “حزب الأمة" المعارض الصادق المهدي إلى منح حق المواطنة للجنوبيين في الشمال وللشماليين في الجنوب بدعوى أنه سيؤسس لعلاقة أخوية بين الجانبين. واعتبر المهدي أن تثبيت هذا الحق من شأنه أن يوصل إلى حقوق أخرى تتعلق بالحريات والوضع المعيشي إذا ارتضت الحكومة مشاركة بقية الأحزاب الأخرى في دولاب الدولة “وإلا فإن في المعارضة والاحتجاج سبيلا لغاياتها". وخلال مؤتمر لأمناء الولايات بحزب الأمة، دعا المهدي إلى ما وصفها ب"تعبئة عامة" لحل مشكلات السودان، مجددا حديثه عن مهلة حتى 26 يناير المقبل لتشكيل حكومة قومية “وإلا انضم للإطاحة بالحكم واعتزل العمل السياسي". كما طالب رئيس حزب الأمة بحل سريع لأزمة دارفور، قائلا إن “مطالب الإقليم واضحة في الإقليم الواحد وغيره، والحكومة لا تريد أن تعطيهم مطالبهم". وبدا المهدي غير متفائل بمستقبل البلاد السياسي والاقتصادي في ظل الظروف الراهنة متوقعا أن يفرز انفصال الجنوب أربع سيناريوهات جميعها لا تخلو من العنف والقتال، لكن أشدها ضراوة سيكون في حال رفض أحد الطرفين نتيجة الاستفتاء، بجانب اقتتال محدود إذا قبل الطرفان نتائج الاستفتاء ولكن اختلفا فيما يجب عمله لتطبيق نتائجه واقتتال متوسط إذا قبلت الخرطوم نتائج الاستفتاء والانفصال وعملت على عرقلته، بالإضافة إلى سيناريو السلام وهو ان تقبل نتائج الاستفتاء ومعالجة كافة النقاط الخلافية بصورة عادلة. وحذر المهدي في حديثه أمام عدد من السياسيين والصحفيين من سياسة القمع والبطش في الشمال، وقال إن هذا المنطق هو نفسه الذي قاد إلى تضخم صفوف الفصائل المسلحة بصورة غير مسبوقة في السودان، مشيرا إلى أن الاقتصاد سيحاصر الحكومة لا السياسة مستبعدا أن يحظى السودان الشمالي بإعفاء الدين الخارجي لأن اللوبيات لن تسمح بذلك في الشمال فيما تمرره في الجنوب. إلى ذلك، يقوم الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بزيارة السودان غداً الثلاثاء للوقوف على سير تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وترتيبات عملية الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان المقرر يوم 9 يناير المقبل. وقال رئيس مكتب الامين العام للجامعة السفير هشام يوسف إن الزيارة تستهدف التشاور مع كبار المسؤولين في الحكومة السودانية وقادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، ومواصلة العمل مع الشريكين للوصول إلى حلول بشأن القضايا التي مازالت عالقة فيما بينهما وسبل تسويتها، كما سيقوم موسى بزيارة ولايات دارفور للوقوف على المشروعات التنموية التي تنفذها الجامعة هناك. واستعدت الجامعة العربية بوفد فني كبير من الأمانة العامة وبعض الدول الاعضاء والاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي الانتقالي يضم 80 عضواً لمراقبة الاستفتاء على حق تقرير مصير الجنوب، وسوف يصل الوفد إلى السودان في الرابع من يناير القادم. ولضمان الانتشار الجيد للوفد في اماكن الاستفتاء كلف الامين العام للجامعة مساعده لشؤون الاعلام السفير محمد الخمليشي بالتوجه الى السودان قبل وصول الوفد بيوم، للوقوف على آخر التحضيرات اللوجستية تمهيدا لنشر بعثة الجامعة لمراقبة عملية الاستفتاء، وذلك تنفيذا لقرار القمة العربية بهذا الشأن وفي ضوء مذكرة تفاهم تم التوقيع عليها بين الجامعة العربية ومفوضية الاستفتاء في شهر نوفمبر الماضي.