المتمعن في مشاهدة النسخة السودانية من الفيلم الاشهر تاينتك قد يفقد صوابه ان لم يفقد صبره من قبل ويغادر مقعد المشاهدة من غرابة ما يجري ، خصوصا ان كان له قلب او حضر الفيلم الاصلي الحائز علي جوائز الاوسكار والسمعة الحسنة . فركاب السفينة التي تتحدي بزعم صانعيها وثقة الركاب كل اسباب الغرق والفقر والعجز الانساني في الفيلم الاصلي حق لهم ان يستجيبوا الي توجيهات القبطان التي آخرت الاجلاء الي حين التيقن من ان المستحيل صار حقيقة ، ثم من بعد حق لهم ان ينقسموا ما بين هارب فورا ومتباطئ منشغل باللهو والمتعة وممانع لا يزال يثق في التاينتك ومصدوم يرفض ان يصدق ما يراه . اما النسخة السودانية فامرها اعجب .. فالسفينة فيه مختطفة ، وغالب الركاب انقسموا من اول الفيلم بين مقاوم ومناضل للخاطفين فاعل وآخر سلبي وجمع غفير اختاروا ان يهادنوا الخاطفين علي اساس انهم استولوا علي سفينة في بحر من الخطير فيه التنازع علي دفة القيادة خوف الغرق ، خاصة وان موجز الرحلة القدرية في اول الفيلم السوداني بينت ان صراعا طويلا استدام دائما علي الدفة من مجموعات متعددة كان همها الاساسي السيطرة علي مخازن المون وفرض وجهة نظرها في اليات التوزيع ونصيب الافراد مما كان يميل دائما للمسيطرين علي الدفة ومن يرضون عنه ، ولم يعدم الخاطفون ابطال التاينتك السوداني من ابهار وانصار وهم ان قيادتهم تختلف جدا عن كل السابقين ، وانهم اصحاب المبدأ الحق واصحاب وجهة وطريق وخريطة وليس في صفوفهم ابدا من يرغب في مونة السفينة المحدودة بل همهم الغنائم التي سيفوزون بها بعد بلوغ وجهتهم المثالية ، وهكذا نجحوا في استقطاب اعداد مقدرة ونوعية من ركاب السفينة مكنوهم من بسط سيطرتهم وحصر من ينازعونهم الرؤية والقيادة مكانا ضيقا ، واشاعوا من بعد في ركاب السفينة ان سفينتهم سارت لا تبالي بالرياح بما حباها الله به من اخلاص وتقوي وتميز طاقم القيادة . المثير لدهشة المشاهد ممن له قلب كما اسلفنا او قدر له وشاهد نسخة التاينتك الاصلية ، انه من بعد اصطدام السفينة السودانية بجبل الثلج العائم وانشطارها الي نصفين واتضاح كل العلامات المؤكدة الي بدء غرق السفينة وعجز كل وسائل السلامة فيها عن منع الغرق ، وبعد انهيار اكذوبة اسم التاينتك والسفينة التي لا تبالي بالرياح ، وفي مشهد عجيب لم يحتوه فيلم التاينتك الاصلي للمفارقات الكبري بين القصتين .. اندفع عدد ممن ظلوا معارضين لطاقم الخاطفين طوال الفيلم عكس اتجاه الجموع الهالعة معلنين في هذه اللحظة الفاصلة من عمر السفينة انحيازهم التام للقيادة وايمانهم بان السفينة لن تغرق ابدا ، ويحار المشاهد من منظر قطاعات ممن والوا طاقم الاختطاف يهربون في كل سلعة ينجون بانفسهم ويكشفون زيف دعاوي الطاقم التي ادعاها طوال زمن ابحاره وحتي الارتطام والانقسام ، لكن رغما يسبح بعض عتاة من ظلوا طوال الرحلة يعارضون الي دفة القيادة يعدون الركاب باستمرار الرحلة الي حين ان يلتقوا المسيح والجنة مع من تبقي من طاقم القيادة . حتي هذه اللحظة ونسبة لاني وبعض من جيراني لم نحتمل مشاهدة باقي الفيلم .. اذ ان مشاهد اخري من السفينة الغارقة كانت تثير من الفزع والرعب والاسي في نفوسنا ما لا يحتمل ان يترك فرصة لمتابعة الكوميديا السوداء بالجانب الطافي بعد من السفينة فغادرنا قاعة المشاهدة ، ولا ادري بعد هل الاوقع في نفسي مشاهد الحزن الاليمة ام مفارقات منازعات الدفة الغريبة ؟؟ عامر الحاج هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته