انسحاب كتلة الحركة الشعبية من كتلة المجلس الوطني أمس الاول هو إستمرار لمحاولاتها المتكررة لتأجيل الانتخابات بعد ان تسببت فى تأخيرها أكثر من عشر أشهر حينما إعترضت على اجراء التعداد العام الماضي و تسببت فى تأخير اعلان نتائجها عدة أشهر بسبب اعلان بعض قادتها رفض نتائجه رغم ان المسئول عن التعداد فى الحركة (أزاياأشول) هو أحد كوادر الحركة و لم يتحفظ على اى من اجراءات التعداد هناك ، بل انه وقع على النتيجة قبل اعلانها فى اجتماعات الرئاسة الاخيرة . الغريب ليس مواقف نواب الحركة ، لكن الغريب هو ان من قادوا الانسحاب و ظلوا يعطلون اجراء الانتخابات هم باقان اموم و ياسر عرمان و كلاهما ظل يزايد بالحول الديمقراطي و يتهم المؤتمر الوطني زوراً و بهتاناً بأنه لا يريد اجراء الانتخابات ، الأغرب من ذلك ان الانسحاب جاء احتجاجاً على ايداع قانون الصحافة و المطبوعات رغم ان المسودة التى عرضت على النواب هي ذات المسودة التى طرحتها الحركة فى اجتماعات اللجنة المشتركة و أصرت عليها حتي تمت اجازتها فى اللجان ثم مجلس الوزراء . لكن بحسابات السياسة فان الحركة ليس أمامها خياراً سوي تعطيل الانتخابات بعد ان أكدت المؤشرات و واقع الجنوب ان الحركة مهما بذلت من جهود فى الفترة المتبقية لن تحصل على اكثر من 70 دائرة جغرافية فى الجنوب و الشمال بعد فشلها فى حكم الجنوب و تحويل ثلثي الفترة الانتقالية الى صراعات بين القبائل و القيادات بتقريب هذا و بابعاد ذاك اعتماداً على موارد النفط ، رغم ان اول ما يتعلم التلميذ فى مرحلة الاساس انه لا يمكن الاعتماد على مورد واحد ، و حتى الموارد الضخمة التى حصلت عليها بعد ارتفاع اسعارها لم توظف فى التنمية و الخدمات و انما صرفت على القيادات . و نتيجة لهذا فان واقع الجنوب يرثي له بعد ان تدهورت الحالة الامنية و تمردت القبائل على الحركة بعد احساسها بالظلم و المحاباة التهميش و زيارتنا العام الماضي لجوبا أكدت ما ظل يردده الاعلام حيث لم نر تغييراً فى وقاع الناس و تحولت مدينة جوبا الى ثكنة من ثكنات الجيش الشعبي رغم ان اتفاقية الترتيبات الامنية نصت على مواقع لتجميع جيش الحركة لم يلتزم بهاالجيش، كما أن الضغوطات الاقتصادية بعد تدني اسعارالبترول حولت ولايات الجنوب الى ولايات حرب و القبائل تتقاتل لانتزاع حقوقها و الجيش الشعبي يتحول لتحصيل الضرائب و الرسوم .