تعرض الدكتور البرادعي، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير في مصر, عندما ذهب للتصويت على التعديلات الدستورية في منطقة «المقَطَّم» قي القاهرة لهجوم كاسح وللضرب بالحجارة والقطع المعدنية وطُرد شرَّ طرده هذا مع أنه اعتقد ذات يوم قريب، على اعتبار أنه مبعوث العناية الأميركية, أنه سيكون نجم ميدان التحرير وأنه سيكون مرشح رئاسة الجمهورية الذي لا منافس له لكن كل هذه الأوهام ذهبت أدراج الرياح وثبت أن الأميركيين وأحصنتهم الجديدة مكروهون في المنطقة مع أنهم سارعوا إلى تقديم أنفسهم على أنهم حاضنة هذا ال»تسونامي» الثوري الذي يجتاح المنطقة. قبل ذلك ذهبت هيلاري كلنتون، في آخر زيارة لها إلى القاهرة, إلى ميدان التحرير وهي تعتقد أن مظاهرة «مليونية» ستكون في استقبالها وأن هتافات الإشادة بالرئيس باراك أوباما ستصل إلى سقف السماء لكنها وعلى عكس ما توقعت وجدت ساحة خاوية إلاّ من بعض المارّة الذين نظر بعضهم إليها بشزر ونظر البعض الآخر بعدم اكتراث. وهذا يؤكد ويثبت للمرة الألف أن الأميركيين لا يعرفون هذه المنطقة ولا أمزجة أهلها وأنهم لا يدركون أن المقاس الذي يُقاسون به في الشرق الأوسط هو مقاس القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي وأن الدور الذي قاموا به لإقصاء مبارك وإجباره على الرحيل ليس مقدراً لا من قبل شباب ميدان التحرير ولا من قبل الشعب المصري طالما أن واشنطن تترك الإسرائيليين يسرحون ويمرحون كما يشاؤون وتغمض أجفانها إزاء كل هذا القمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني وإزاء هذا الاحتلال الذي بقي هو الوحيد في الكرة الأرضية كلها اللهم باستثناء الاحتلال الأميركي في أفغانستان وفي العراق. وأيضاً فإن ما يجب أن تعرفه واشنطن هو أن كل هذا الدور الذي تلعبه في الجماهيرية والذي عنوانه حماية الليبيين من نظام لا مثله ولا شبيه له لا في التاريخ القديم ولا في التاريخ الحديث، سيواجه لا بحمدٍ ولا بشكور وذلك لأن مربط الفرس هو صراع الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية ولأن التزام الأميركيين بإسرائيل,التي تحتل أراضي غيرها والتي تمارس اضطهاداً على الشعب الفلسطيني لم يمارسه المحتلون في ذروة الاستعمار الغربي لمعظم دول العالم ليس غير مفهوم وفقط بل وهو يشكل تحدياً لمشاعر العرب كلهم وفي مقدمتهم أصدقاء أميركا نفسها. والغريب أن إدارة أوباما التي تبنَّت وصفة جورج بوش (الابن) التي عنوانها الفوضى الخلاّقة ل»دِمِقْرطَة» المنطقة العربية دون غيرها قد اعتمدت بعض القوى التي لا تؤمن بالديموقراطية وتريدها لسفرة واحدة فقط وبعض «أطفال الأنابيب» الذين تحولوا إلى أبواق لهذه الفوضى غير الخلاقة ولهذا فقد تعرض البرادعي إلى ما تعرض له لأنه يعتبر في مصر مبعوث العناية الأميركية والسبب أن الموقف من أميركا تحدده القضية الفلسطينية ويحدده الصراع في الشرق الأوسط وليس المجموعة التي التقى بها جورج بايدن في آخر زيارة له إلى بلدنا المملكة الأردنية الهاشمية. إن أميركا هي التي تُكرَّه العرب بها فهي تدخل إليهم من خلال أبواب وأبواق سيئة وهي تتعامل معهم بوجهين وجهٌ مع إسرائيل واحتلالها وقمعها للشعب الفلسطيني ووجه من خلال قوى متخلفة وغير ديموقراطية وأيضاً من خلال مراكز الدراسات الوهمية و»أطفال الأنابيب» الذين تحولوا ببركات المساعدات الأميركية السخية إلى منظرين وناشرين وأصحاب كتب ولذلك فإنها ستبقى تتساءل وتسأل :لماذا يكرهوننا.. وكل هذا مع أنه قيل لها آلاف المرات أن مربط الفرس هو القضية الفلسطينية وأنكم ستبقون مكروهين في المنطقة ما دام أن موقفكم من قضية فلسطين هو هذا الموقف وما دام أنكم لا تدخلون دول هذه المنطقة من أبوابها الفعلية والحقيقية. المصدر: الرأى الاردنية 22/3/2011