أخيرا وبطريقه رسمية لا مجال للتشكيك فيها ،فان المتمرد الدار فوري عبد الواحد محمد نور فقد حق الإقامة في العاصمة الفرنسية باريس فقد انتهت صلاحية جواز سفره السوداني واستحال عليه الحصول علي تجديد من السفارة السودانية هناك.من جانبه فان السلطات الفرنسية –الشديدة الحساسية والصرامة في قضايا الهجرة –فشلت هي الأخرى في (مجاملة )عبد الواحد ومخالفة قوانينها الهجرية والسماح له بالبقاء علي أرضها ،اذ المعروف عن الحكومة الفرنسية ان قوانين الهجرة فيها تصل الي مرحلة التقديس .وقد تسبب هذا الوضع في اضطرار عبد الواحد للسفر الي اريتريا –بحسب أنباء تناقلتها وكالات الأنباء –ومن هناك طار الي الجنوب ،دون ان يعرف كيف سيتصرف وأين سيقيم وكيف يرتب أوضاعه .ويمكن القول –استصحابا لهذا الحدث –ان عبد الواحد بهذه المثابة صار مماثلا لرفقائه المتمردين ميناوي ود.خليل في فقدان المأوي وقاعدة الانطلاق ،فميناوي كان يحاول الحصول علي حق لجؤ سياسي الي بريطانيا ولم يوفق في مسعاه ،وضاقت به ارض الجنوب ،بعد ما شعر ان الحركة الشعبية حتى ولو سمحت له بالإقامة فهي لا محالة سوف تضطر لطرده مرة أخري عاجلا أم أجلاً .الدكتور خليل هو الأخر فقد أنجمينا وبعدها فقد طرابلس ويحاول أيضا الذهاب الي الجنوب او كمبالا ولكنه يدرك مخاطر ومستحقات خطوة خطيرة كهذي .وهكذا ثلاثة متمردين وفي وقت واحد متزامن صاروا هائمين علي وجوههم ،يسالون الدول إلحافاً ويتسوّلون الحكومات لكي تمنحهم أقامة ولو علي سبيل اللجؤ السياسي .ومن المؤكد ان سفر عبد الواحد الي اسمرا كان في إطار بحثه المضني عن إقامة ولو مؤقتة دفعا لهذا الحرج السياسي الكبير .ولعل الأمر يبدو مؤلما للغاية بالنسبة لعبد الواحد لأنه كان شديد الاعتداد بأنه يقيم في عاصمة أوربية مؤثرة (باريس )ولديه صلات بمسئولين فيها (خاصة وزير الخارجية كوشنير )ولديه أيضا (حماية خاصة )فضلا عن كونه (ورقه سياسية رابحة ) ! كل هذا الآن تبدد وتبدل مع تبدلات الظروف والمعطيات وصار الشاب المتعنت مشردا ًسياسياً علي نحو مفاجئ ربما لم يتحسب له او يتوقعه ،وتبدو مشكلة عبد الواحد اعقد وأكثر سؤاً لأنه فقد أيضا وجوده في معسكرات النازحين المكان الذي ظل موضع فخر له ،فقد درج علي إرسال أشرطة مسجلة لهذه المعسكرات يقدم فيها وعوداً لمؤيديه البؤساء ما لبثت إن أصبحت هذه الوعود مثار تندر وسخرية لديهم .عبد الواحد محمد نور طاف عليه طائف سياسي احرق مراكبه خلفه ولم يعد يملك مركبا يعبر بها المحيط الهادر من الأزمات أمامه .ولم يعد سوي مجرد واحد !!ليس لديه وثائق ثبوتيه سارية المفعول ولا عنوان ولا محل إقامة معروف !