هو سوء التقدير دون شك، وسؤ اختيار التوقيت وقراءة المشهد السياسي العام التي أوردت باثنين من القادة الدارفوريين – ميناوي وإمام – إلى العودة التي يمكن القول أنها (طوعية) للتمرد وحمل السلاح من جديد. الأول – ونعني ميناوي – هو الأتعس حظاً بالنسبة إلى رجل وقع على اتفاق أبوجا في 5/5/2006م، ووقتها كان عمر اتفاقية نيفاشا عاماً ونصف تقريباً، والمجتمع الدولي شديد الاحتفاء بالاتفاق، وتسنم منصباً لم يسبقه عليه احد من دارفور، على الأقل حملة السلاح، ووجد ميناوي نفسه مسئولاً أيضاً عن سلطة دارفور الانتقالية بكاملها وكان من حقه – بنص الاتفاق والقانون – أن يعقد الاجتماعات واللغاءات لولاة دارفور ويصدر القرارات، ويتجول ويتفقد، بل كان من حقه – بوصفه الرجل الرابع في هرم السلطة السيادية على مستوي الدولة – أن يترأس جلسات مجلس الوزراء اذا ما حدث أن غاب الرئيس، ونوابه، وقد حدث ذلك لأكثر من ثلاثة مرات وميناوي غائب او مشغول بشارع البلدية حيث كان مقره الرسمي واهتمامه بقضايا حرسه وجنوده!! الثاني – وهو ابو القاسم امام – فقد ترأس حكومة غرب دارفور كوالي، وعلي صغر سنه وقلة خبرته الا أنه اكتفى فقط بمذاق المنصب دون مسئولياته ولذا لم يستطيع الاحتمال حين اقتضت الضرورات أن ينال منصباً أقل!! ويبدو أن امام ليس بقارئ جيد للتاريخ ولا متابع حصيف للشأن السياسي السوداني اذ يكفي أن ينظر ليجد السيد علي عثمان محمد طه نائباً للرئيس، بعد أن كان في يوم من الأيام (نائباً أول). لقد كانت المفارقة في تمرد الرجلين بمثابة (سبة في وجههما)، أبو القاسم تمرد لأنه لم يجد منصبه السابق عقب التشكيل الجديد الذي جاء بعد الانتخابات!! وظل يلوح بالتمرد – كوسيلة ضغط – متجاهلاً نصائح قادته ومعاونيه في تنظيمه الدارفوري. والحكومة من جانبها أدركت أن هذا الرجل رجل مناصب فقط، وليس رجل للأداء التنفيذي والواجب الوطني لهذا لم تعر تهديداته التفاته . ميناوي هو ماذا كان يحبها هل كان يريد أن يحتفظ بالاتفاقية والمنصب السيادي القومي والتنفيذي الإقليمي ثم القوات؟! ثم يحتفظ أيضاً بالحق الشكوى والنقد من غير جدوي ومن ثم أكل الكيكة والاحتفاظ بها؟ من المؤكد أن كل من ميناوي وإمام قد تمردا عملياً فميناوي اعتصم بجوبا – بدون حسابات واقعية جادة – وتخلي عن الاتفاقية وتخلي أيضاً عن فصيله، كل الذي فعله هو أخذه لحفنة من الجنود او الحراس ولم تهتم به الحكومة وقطعت عليه الطريق بتعينها للشرتاي جعفر عبد الحكم مسئولاً تنفيذياً لإقليم دارفور. أما أمام فقد خرج بجواز سفر مزور – انظر كيف تتردي الزمة السياسية – وذهب إلى الحدود اليوغندية في انتظار الخطط التي أعدها موسفيني!! الآن كل من ميناوي وابو القاسم في يد موسفيني وتحت عباءته وهما لا يدريان أنهما أصبحا دمي في يد استخبارات دولية وان موسفيني نفسه دمية اكبر قليلاً فهما وان الخطط التي أعدت غير مأمونة العواقب!!