على الرغم من أن النسيان قد طواها، بعد أن ماتت في مهدها، إلا أننا لا نري يأساً من محاولة معرفة ما وصل إليه حالها حتى الآن. ونعني بها جبهة حسنين. وبالطبع قد لا يتذكر الكثيرون جبهة حسنين هذه ولذا ننعش ذاكرتهم عنها بأنها جبهة كونها على محمود حسنين في لندن، قبل أشهر، قال أن هدفه من تكوينها إسقاط النظام في السودان. جبهة حسنين وقبل أن تدب فيها الروح دخلت في إغماء بسبب إحجام القوى السياسية عن الدخول فيها لسببين: أولهما: أنها جبهة جرى تكوينها في الخارج (لندن) مع أن العمل السياسي وفق المناخ الديمقراطي المتاح الآن في السودان ممكن أن يتم في الداخل وما من شك أن أي (حزب عاقل أو لديه أدني قدر من العقل) لن يغامر بالدخول في جبهة (تعمل من الخارج) في الوقت الذي فيه تقتضي الوطنية والممارسة السياسية النظيفة العمل هنا من الداخل. كانت تلك أول ( حجة سياسية منطقية) فاجأت حسنين وأحبطته إحباطاً سياسياً كبيراً. ثانيهما: أن حسنين وجه الدعوات حتى مع عدم معقوليتها (القوى معنية) غالبها لا يملك وزن جماهيري مما أثار ضده الجميع وينضاف لذلك أن حسنين ومع انه سياسي عريق ولديه خلفية قانونية أعلن طرحة عن (استخدام كافة الوسائل) – هكذا كان تعبيره – لأجل إسقاط النظام في الخرطوم ويندرج بالطبع تحت هذه العبارة العمل المسلح، ومن الطبيعي أن يعتبر الساحة المعارضون بالداخل أن عملاً كهذا فضلاً عن استحالته بحكم التجارب السابقة يصنع من يقفون خلفه تحت طائلة القانون لأنه بمثابة إعلان حرب على الدولة وليس الحكومة، كما أن الحكومة حكومة منتخبة وتملك شرعية. تضافرت هذه الأسباب لتقضي على جبهة حسنين ولكن ما سبب اجترارنا هنا – مضطرين – لهذه السيرة؟ السبب أن الجبهة على قلة من شاركوا في تكوينها ما لبثت أن تصدعت فظهر جسم جديد مناوئ لها في القاهرة، كما أن حسنين وجد نفسه (وحيداً) في العاصمة البريطانية لندن وقضي فيها (شتاءً قاسياً وموحشاً) لم يجد من يؤنس وحشته فيه من الرفاق وباحثي المجد السياسي من الخارج. لهذا فقد بذل جهوداً للتواصل مع بعض أصدقائه عبر الانترنت وأخيراً فكر حسنين في العودة إلى السودان، وهو في حالة تردد وتنتاشه هواجس من (شماتة) رفقائه وانتقادات رجال حزبه الاتحادي، فهل يصل الرجل حاملاً وريقات فشله الصفراء ويخلد للراحة، أم يظل في متاهته التي جرفه لها حماس لا يشبه سنين عمره وخبرته السياسية؟