قد يبدو من سياق الأحداث الجارية الآن فى جنوب كردفان وما أسفرت عنه من تمرد لمجموعة عبد العزيز الحلو ، أن رفيقه فى الحركة والي النيل الأزرق الفريق مالك عقار أكثر تعقلاً و توازناً كونه حاول التدخل لمعالجة الأزمة، ورفض مبدأ التمرد ، وتعهد بعدم إطلاق طلقة واحدة فى ولايته. و لكن عقار – للأسف الشديد – ليس بهذه الوداعة، ذلك أن الكل يذكر فى العام الماضي أن عقار هو الذى ابتدع العبارة الحربية غير الديمقراطية (النجمة أو الهجمة) و التى تعني ببساطة شديدة جداً أن يتم رفض نتيجة اى انتخابات لا توافق هوي الحركة الشعبية وان يكون (الفوز بالقوة) . فان كان عقار له صلة وثيقة بأحداث جنوب كردفان وما جري فيها من (هجمة) فأقلها انه ابتدع الشعار وربما يكون دعا له فى السر و إن بدا (حملاً وديعاً) فى العلن سواء فى إطار تقسيم ادوار مقصود أو حتى لمجرد التمويه و (البوليتيكا) . هذا القول لا نلقيه على عواهنه ، فقد تسني لنا فى متابعاتنا فى (سودان سفاري) الوقوف على اجتماع جرت وقائعه فى النيل الأزرق قبل أيام ضم السيد الصادق المهدي مع الفريق مالك عقار . وأول ما تلاحظ فى هذا الصدد ان الرجلين ما من جامع سياسي يجمع بينهما ، فهما على طرفي نقيض تماماً أيدلوجياً و حتى استراتيجياً ، ولكن الرابط الذى يربط بين الرجلين هو أن كليهما بدا بمواقف متذبذبة أو شديدة التناقض ، فالسيد الصادق المهدي مشهود له ومعروف عنه انه متعدد ومتناقض المواقف ، تارة تجده على موائد قوي جوبا، و فى المساء نفسه يكون على مائدة المؤتمر الوطني ، وحيناً يجري محادثات (هامسة) مع قوي معارضة ، و فى ذات اللحظة تكون لديه ذات المحادثات الأخفض همساً مع المؤتمر الوطني ! عقار قريب من هذه التقاطعات السياسية و ربما أن هذا ما جمع الاثنين لتكون خلاصة ما توصلا إليه انه إذا ضُويق عقار من جانب المؤتمر الوطني فان عقار (يشعلها) فى النيل الأزرق لأغراض تنفيذ هذه الخطة ، فقد تم إنشاء آلية للتنسيق بين الطرفين الأمة و الحركة . وطمأن عقار ضيفه المهدي بأنه (جاهز لاحتلال الدمازين)! هذه الوقائع جرت فى النيل الأزرق واعتقد الرجلان أنها (طي الصدور) و فى (أدني درجات سلم الأسرار وبئره السحيقة )! فالمهدي شديد اللهفة لحراك يلعب فيه دوراً ، وشديد الحذر بشأن عدم افتضاح أمره لدي الوطني كونه يجري معه محادثات ربما تفضي لإشراكه فى السلطة. لقد أدمن المهدي الأكل فى كل الموائد ، وربما وجد بغيته وضالته الآن فى الفريق عقار الذى يسعي هو الآخر للأكل فى كل الموائد ، المهم هو أن يكونا حاضرين دائماً بصرف النظر عن الوليمة و صاحب الوليمة!