استطاع الطرفان الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني – كما هو معروف – التوصل لصيغة بدت للكثير من المراقبين والمحللين السياسيين مناسبة بشأن وضع أولي لبنات الحل لنزاع أبيى. الاتفاق جري التوصل إليه فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الاثنين العشرين من يونيو حزيران الجاري ؛ بواسطة قادها الرئيس أمبيكي ، وقد قضي الاتفاق بأن أبيى شمالية، وأقرَّ انسحاب ثنائي متزامن لقوات الطرفين الحركة والوطني ، وإنشاء شرطة مجتمعية. كما قضي الاتفاق بأن تحل قوة إثيوبية (يرجح أنها كتيبة) محل القوات من الطرفين مزودة بتفويض نابع من وثيقة الاتفاق نفسه وليس مستنداً على مرجعية من المنظمة الدولية أو أى مرجعية اخري ، ثم قرر الاتفاق إنشاء وحدة إدارية بتمثيل متكافئ من الطرفين توكل إليها مهمة إدارة المنطقة لحين التوصل الى تسوية او إجراء استفتاء كما يشير بروتوكول أبيي 2004م. هذه النقاط الخمس و دون اللجوء لتجييرها لصالح طرف على حساب طرف آخر أو حساب الربح والخسارة بشأنها أن هذا ليس مهماً الآن وإنما المهم وضع أساس للحل ، ولكن بقراءة موضوعية فاحصة لهذه النقاط تتضح مؤشرات ايجابية غاية فى الأهمية والجودة . ففي ما يخص شمالية أبيي ، فان أهم ما يستفاد من هذه النقطة الإقرار ضمنياً بحق القبائل الشمالية – طالما ان المنطقة معترف بها شمالية – فى المشاركة فى التصويت فى الاستفتاء المزمع إجراؤه فيها. وهذا من شأنه نسف مغالطات الحركة الشعبية بشأن أحقية قبائل المسيرية – الشمالية الانتماء – فى المشاركة فى الاستفتاء . و فى ما يلي انسحاب جيش الطرفين ، فان هذا يقلل ان لم نقل يقضي تماماً على مسببات التوتر الأمني فى المنطقة ، فالمشكلة كانت دوماً تتمثل فى الاحتكاكات بين الطرفين، وهذه لم تعد الآن واردة. فيما يخص إحلال قوات إثيوبية فان الأهمية هنا لطبيعة تفويضها بمعني ان تفويضها ينبع من إرادة الطرفين الواردة فى الاتفاق على هدي القاعدة القانونية المعروفة (العقد شريعة المتعاقدين) ومن ثم فان بقاء أو إنهاء مهمة هذه القوات أو الأجل المضروب لوجودها يتحكم فيه الطرفان وحدهما بعيداً عن الأممالمتحدة وغيرها من المنظمات بما ينأي بالاتفاق عن اى تدخل دولي أو فرض إرادة أو أى مغالطة . و أما بشأن الوحدة الإدارية - المتقاسمة العدد بين الطرفين - فهي تعين كليهما على روح الفريق والحرص على إدارة مصالح أهل المنطقة بالتساوي بحيث يمارس كل طرف القدر المتاح له من الممارسة السياسية و الإدارية بفرص متكافئة ؛ وهم فى هذا الصدد يديرون شرطة مجتمعية تحفظ النظام الأمني الداخلي – ذي الطبيعة الاجتماعية – وهكذا فان أهمية الاتفاق تنبع من كونه تجسيد لإرادة الطرفين بما لا يختل معه حق أهل المنطقة ولا يمنح طرفاً حقاً على الطرف الآخر أو امتياز ليتأسس على ضوء ذلك الحل المناسب المبني على أسس عادلة .