بالطبع ربما كان من المعروف لكافة المراقبين والمتابعين للشأن الدارفوري أن هنالك تعنتاً ظاهراً من قبل حركات عبد الواحد محمد نور والدكتور خليل وميناوي في التفاوض مع الحكومة السودانية. هذا التعنت دون شك له أسبابه الخفية وأخري ظاهرة. الأسباب الظاهرة التي ظل يتذرع بها هؤلاء المتمردين هي عدم التزام الخرطوم بالاتفاقيات وهذه مردود عليها بما جري بشأن اتفاقية السلام الشاملة الخاصة بجنوب السودان, إذ شهر العالم بأسره كيف عملت الخرطوم علي تنفيذ الاتفاقية بنداً بنداً حتي أفضت الي قيام دولة جنوبية اعترفت بها الخرطوم ووقفت معها حتي هذه اللحظة. إذن لا صحة ولا منطق في هذا المنحي اللهم الاّ أن كان الأمر مجرد مغالطة, غير أن الأسباب الخفية- وعادة يقولون أن ما خفي أعظم – فهي خاصة بطبيعة الدعم الذي تلقاه هذه الحركات من الدول الغربية, سواء كانت الولاياتالمتحدة أو أوروبا. ولكي نعطي فقط مثلاً موثقاً واحداً في هذا الصدد فان بإمكاننا (إلغاء نظرة) علي الوثائق المرفقة بهذا التحليل والتي تثير الدهشة حقاً , ففي ديسمبر 2008, أبرمت الحكومة السويسرية- لاحظ سويسرا التي تدعي الحياد- مع حركة عبد الواحد محمد نور المتمردة اتفاقاً قضي بتقديم دعم مادي معتبر من جانب الحكومة السويسرية لحركة عبد الواحد محمد نور بمبلغ (700, 204) فرنك سويسري أي ما يعادل (185) يورو أوروبي . الغرض المعلن عنه للدعم هو تمويل ورشة عمل لفض النزاعات ولكن الهدف الحقيقي كان هو دعم وتمويل مؤتمر حركة عبد الواحد (14 -24 ديسمبر 2008) بمدينة مورتن. وقد تسبب هذا الدعم – الذي سال له لعاب قادة الحركة بمن فيهم عبد الواحد نفسه – في وقوع خلاف عميق بين قادة الحركة واحتد الخلاف أكثر فيما بين المدعو طراده والمدعو يوسف كرجكولا رئيس هيئة أركان الحركة وانتهي النزاع بوقوع الأخير في قبضة حركة د. خليل وقامت حركة خليل باعتقاله في معتقل خاص بها ولا يزال قابعاً هناك حتي الآن. هذا فقط غيضٌ من فيض فيما يخص الدور السالب والمؤسف الذي تقوم به الدول الأوروبية والذي يتسبب في إطالة أحد النزاع وصعوبة حلّه, فهي تؤجج نيران الصراع وتعمل علي دعم الأطراف المسلحة وفي الوقت نفسه تطلق دعايات إعلامية عن سؤ الأوضاع في دارفور!!