تحليل فرعي التوجهات المستحدثة و المصطنعة ،و التى تبنّتها حركة دكتور خليل برهنِها لمفاوضات الدوحة بتأجيل الانتخابات لا تقف عند حدود كونها عملاً غير مسئول و خارج الاطار السياسي الصحيح ،و لكنها تتجاوز ذلك لتثبت أنه و حتى لو أمكن التوصل لاتفاق سلام مع حركة د. خليل و حركة عبد الواحد نور فان المعضلة تظل قائمة بشأن وزن هذه الحركات سياسياً و إمكانياتها لأداء دور مقدر فى عمليات البناء ،و إستدامة السلام و الاستقرار فى الاقليم . وما من شك ان مجيئ حركة د. خليل للتفاوض - بعد طول تمنع و تعنت- بعد هو فى حد ذاته نقطة ايجابية ،و لكن ما يفسد هذه النقطة أن تسعي الحركة لتحميل البلاد بأسرها وزر تمنعها و تعنُّتها الذى طال سنوات ، فلو جئنا لمقايسة الطرف المتسبب فى إطالة أمد النزاع و المعناة فى دارفور ، فان حركة خليل لها نصيب أعلي ،و بإمكاننا الجزم أن حركة خليل لولا حاجتها الضاغطة و الماسة لاطلاق سراح محتجزيها لدي الحكومة السودانية ،و لولا فقدانها للمأوي فى تشاد ، و قلة الدعم اللوجستي الذى كان من قبل يأتيها رغداً عن طريق تشاد ، لما جنحت للسلم ، بل ظلت تراهن على تغييرالمعادلة فى مستواها المركزي باستخدام الآلية العسكرية كما فعلت فى هجومها الفاشل على العاصمة الخرطوم فى العاشر من مايو العام قبل الماضي 2008 . إذن يفرض المنطق ان تتحمل حركة خليل القدر الاكبر من التعطيل مع علمها المسبق ان اتفاقية السلام الشامل الموقعة فى نيفاشا 2005 قررت ومنذ خمسة سنوات ان الانتخابات العامة ستجري فى العام الرابع ! إن احتجاج حركة خليل تارة بكثرة الحركات المتمردة و رغبتها فى إحتكار التفاوض ،و تارة بضرورة تأجيل الانتخابات العامة هى كلها احتجاجات واهية الغرض منها محاولة الحصول على اعلي قدر من المكاسب السياسية لا يسمح وزن الحركة السياسي لها بأن تناله . ومن الممكن - إذا كانت للحركة فعلاً إرادة سياسية جادة و مخلصة- أن يتم الفراغ من المفاوضات فى بحر هذا الاسبوع – كما تم مع حركات أخري ، ومن الممكن ان تجري معالجة بشكل ما لوضع الحركة ، على ان يتاح لها لاحقاً ان تخوض الانتخابات ،لأننا إذا أردنا ان نكون حريصين و موضوعيين فان كافة الحركات الدرافورية المسلحة هذه إنما إختطفت مشكلة دارفور و عملت على مفاقمتها – كل حسب مصالحه – و فتحوا الباب لأيادي خارجية بالتوغل فى الازمة ،وهم يعلمون ان أى عمل ديمقراطي يجري فى الاقليم سوف يضعهم أمام امتحان حقيقي. نحن جميعنا نتشوق للسلام فى دارفور ولكن ليس من المنطق فى شئ إرضاء حركة دارفورية متمردة على حساب عملية سلام شاملة سبقتها ، و فيها بنود و جداول زمنية واجبة الاحترام و ملزمة!