بعد أن أسدل الستار علي وحدة السودان بصورة نهائية وأنزل العلم السوداني من ساريته بجوبا انطوت بموجب ذلك علاقة السياسة بالجغرافيا حيث أصبح الوطن دولتان بينهما حدود ومصالح مشتركة الانسياق معها يعني وجود دبلوماسية مقتدرة مصحوبة بإرث سياسي واقتصادي واجتماعي متميز رغم أن الكثيرين من السودانيين بشقيهما الشمالي والجنوبي ينظرون للانفصال من زاوية أنه سياسي فحسب الأمر الذي يشير الي جودة ومتانة الأواصر الاجتماعية والوشائج والروابط التي تجعل من شعبي الجنوب والشمال عنوانا للترابط والتآخي ما لم تفسد السياسة كل جميل. وما حدث من إعلان لدولة الجنوب التي تحمل الرقم 54 إفريقيا و193 عالميا عن الشمال يدعو لتقليب صفحات ما يمكن أن يحدث في مستقبل علاقة الشمال بالجنوب في ظل انفتاح الأخير حتي تجاه أعداد السودان كدولة إسرائيل التي شوهد علمها في ساحة الاحتفال التي أعدت لإعلان دولة الجنوب واعترف جمهورية جنوب السودان بإسرائيل وإقامة سفارة وتمثيل دبلوماسي لها في جوبا يعني أن إسرائيل قد تفكر في تأليب جل الأوضاع ضد السودان.. الأمر الذي قد يعجل بذوبان ما يحدث بين جنوب وشمال من سياسي وعلاقات اجتماعية ما كان لها أن تنفصل عن بعضها لو لا تداعيات ما كان لها أن تنفصل عن بعضها لو لا تداعيات سياسة وأجندات اختلط خاصها بعامها. وانفصال الجنوب عن الشمال فرصة بحسب مراقبين بين الحزبين الحاكم في الخرطوم وجويا لإدارة دفة الأمور دبلوماسيا وسياسياً حتي يتمكن الشعبان من التسامي فوق جراحات الانفصال. وما أكده سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان ورئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير من إشارات بيضاء لدي مخاطبتهما لفعاليات احتفالات جوبا باستقلال الأولي عن الثانية يشير الي إمكانية حدوث علاقة دبلوماسية متميزة يمكن عبرها تجاوز مطبات كثيرة أبرزها قضايا أبيي والديون الخارجية والبترول والجنسية. ورغم حرص المجتمع الدولي علي تجاوز الوطني والحركة لهذه القضايا عن طريق التباحث المشترك, إلا أن الدبلوماسية يمكنها حسم الأمور خاصة حينما تتعذر طرق الحل السياسي. وافتتاح الشمال لسفارته بالجنوب وتسمية عوض الكريم الريح كقائم بالأعمال هناك من شأنه أن يجعل كرة التوافق السياسي والدبلوماسي تقفز فوق ملعب التطبيع . في وقت يري فيه مقربون من الراهن السياسي أن ما حدث بحق السودان جريمة لا تغتفر وحمل بيان صادر عن مركزية حزب التحرير أن ما حدث بشأن انفصال البلاد جريمة نكراء وخيانة لقسم أدته الحكومة بالمحافظة علي وحدة البلاد وتجنيبها ويلات الانقسام وحديث كهذا من شأنه أن يقود لتأزيمات تكلف الشمال والجنوب كثيرا في ظل وجود منبر السلام العادل الذي يعد وفقا لمخططات رئيسه الطيب مصطفي أكبر معوق لعملية التطبيع بين الدولتين. وعلي الرغم من أن جنوب السودان والسودان كدولتين تعاهد رئيسيهما علي متانة وجودة العلاقات وغيرها إلا أن خبراء سياسيين أشاروا الي ضرورة أن يتعامل الشمال مع الجنوب وفق ما تقتضيه المرحلة من تداعيات خاصة بعد أن قال الجنوبيون كلمتهم وقرروا الانفصال كدولة كاملة السيادة. وقال البروفيسور إبراهيم ميرغني الخبير السياسي والأكاديمي بجامعة الزعيم الأزهري ان أراد الشمال دبلوماسية متميزة مع الجنوب لابد به من أن يعترف اعترافاً كاملاً بدولة جنوب السودان وأن يتعامل معها كجارة دون أي استثناء.. في وقت قال فيه أنه لا يعتقد أن تقود الدبلوماسية الجنوب والشمال الي بر الأمان. لابد الدبلوماسية الشمالية غير مستوعبة الذي حدث وأن الجنوب لم يصل لمرحلة السيادة الكاملة. وهذه نافذة يري من خلالها ميرغني تعثر الدبلوماسية في قيادة الدولتين في المرحلة الراهنة والمقبلة لما هو أنفع وأجدي. ويسير الي ان العقلية الشمالية تجاه الجنوب تحتاج لكثير من التصحيحات.. الي جانب اعتقاد الشمال بأن الجنوب ما زال في أحضانه هذا في حد ذاته مضر بالعلاقة بين الدولتين.. وتوقع ميرغني لإسرائيل وأمريكا وكينيا تأثيرات كبيرة علي تحديد خارطة التعامل بين الشمال والجنوب خاصة كينيا التي تعد الملاذ الآن للجنوبيين الذين ما زالوا عالقين في بعض الموانئ الشمالية باعتبار أن ذلك يقود الي انهيارات كثيرة تجعل مواطني الجنوب ينظرون لكينيا باعتبارها منفذاً يتطلب التعامل معه بدبلوماسية مرنة تسهم في حل المشكلات العالقة بين الشمال والجنوب وشدد ميرغني علي ضرورة أن يحترم الشمال الجنوب كدولة كاملة السيادة والريادة ولديها المقدرة علي أن تكون دولة كغيرها من الدول الإفريقية, لذلك وفقاً لما ذكره ميرغني نجد أن طبيعة التعامل الدبلوماسي ما بين جوباوالخرطوم متاحة لإزالة أكثر من صورة مع مسح كامل لما هو متشكل في العقلية الشمالية تجاه الجنوب... وهل تفلح الدبلوماسية في قيادة الدولتين الي بر الأمان؟!. نقلا عن صحيفة الحرة السودانية 11/7/2011م