فاروق أبو عيسى القيادي بالتجمع الوطني والشيوعي القديم، انتقد الحركة الشعبية لعدم انسحابها من جلسة اجازة قانون الاستفتاء الاسبوع الماضي، أسوة بانسحاب كتلة التجمع ودارفور والشرق والاحزاب الجنوبية، ونسى أو لعله تناسى أن الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في سفينة واحدة، يودان الوصول بها الى بر الامان، رغم العواصف والرياح والامواج العاتية، فاروق ابو عيسى المحامي الضليع يعلم جيداً أن الانسحاب من جلسات البرلمان لا يعني تسجيل رأي، ولكن مناقشة الاجندة والتصويت عليها سواء سلباً أو ايجاباً أو الامتناع عنه هو بينه اسس الديمقراطية التي يتشدق بها هو ورفاقه الميامين، ابو عيسى جاء للمجلس الوطني اثر اتفاق (القاهرة) المبرم بين الحكومة والتجمع وليس عبر صناديق الاقتراع وبالتالي ابو عيسى مفروض على الشعب السوداني لحين اشعار آخر، وابو عيسى دائماً ما يصف الحكومة بالدكتاتورية ومصادرة حق الآخر في التعبير، هي بذاتها الحكومة التي وقع معها اتفاق ودخل بموجبها الاجهزة التنفيذة والتشريعية بالدولة، وما دام هي دكتاتورية فمن باب اولى يصبح ابو عيسى وتجمعه (المشتت) دكتاتورياً لأن من يضع يده على يد دكتاتور يصبح دكتاتورياً، وذلك تمشياً مع المثل القائل (ان القرين الى المقارن ينسب)، ولته فعل ما فعلته الاستاذة (فاطمة احمد ابراهيم) (اتفقت معها أم اختلفت)، وقدم استقالته من المجلس الوطني ولكن كما قالت (فاطمة) مخصصات ومكتسبات النواب تجعل نواب التجمع يقبعون داخل القبة ليس لمصلحة الجماهير ولكن تبقى المصلحة الشخصية. ما يفعله التجمع اليوم بزيادة (النار حطب) وما تسلكه احزاب المعارضة من (صب مزيد من الزيت على النار) ما هو الا سلوك اعتادت عليه في كل العهود الديمقراطية الثالثة التي مرت على البلاد، وهنالك ثلاثة نماذج سجلها التاريخ كنقاط سوداء على دفتر الديمقراطيات، وكلها حدثت نتاج الكيد السياسي فيما بين الاحزاب ولم تكن مصلحة الشعب السوداني واحدة من تلك الاسباب، اولها حدث في الديمقراطية الأولى 1955م عندما طلب (عبد الله بك خليل) رئيس الوزراء في ذلك الحين من الفريق (ابراهيم عبود) القائد العام للجيش استلام السلطة وذلك بعد المناوشات والمكايدات بين حزب الامة والشعب الديمقراطي، فكان تفكير (خليل) ان يستلم العسكر السلطة بمبدأ (عليّ وعلى أعدائي)، فكان أن استلم جنرالات الجيش السلطة في 17/نوفمبر/1958م وتم الاستيلاء عليها بكل سهولة لأنها كانت بمثابة (التسليم والتسلم). والانموذج الثاني حدث في الديمقراطية الثانية في 1964م عندما قامت الجمعية التأسيسية بطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان وأعلنت حله على خلفية أن احد كوادره اساء الرسول (ص) واهل بيته، ولجأ الشيوعي الى القضاء والذي حكم بدوره ببطلان قرار البرلمان الا أن الاجهزة التنفيذية والتشريعية رفضت تطبيق القرار، مما حدا بمولانا بابكر عوض الله تقديم استقالته من رئاسة القضاء. الأنموذج الثالث والذي كان يمثل قمة الكيد السياسي الحزبي حدث في عهقد الديمقراطية الثالثة 1985م والتي اتفقت فيها الأحزاب السياسية على تسمية مرشح واحد هو (المحامي حسن شبو) ليترشح أمام الترابي مرشح الجبهة الإسلامية القومية في دائرة الصحافة، جبرة، بغرض اسقاطه بحدجة مشاركته في نظام نميري وبالفعل سقط الترابي بينما نال حزبه أغلبية مقاعد الخريجين. هذه النماذج غيض من فيض مما كانت تمارسه الأحزاب من فعل سياسي خلال ما تسميه بالعهود (الديمقراطية) وما تفعله الآن من فوضى ومشاكسات ومكايدات مع اقتراب مواعيد الانتخابات ما هي الا بروفات لمسرحيات سيئة الاخراج ستحدق في المستقبل القريب. وتحالف أحزاب (التناقضات) اليوم لا يجمعها برنامج اللهب وراء السلطة دون رؤية سياسية واضحة. السؤال الذي يفرض نفسه لشاهدي ذلك العصر او الذين قرأوا عنه متى جمع الود بين حزب الامة والحركة الشعبية؟ ومتى تحالف الحزب الشيوعي مع حزب الترابي؟ والذي – أي الشيوعي – دائماً ما كان يتهمهم بالمتاجرة بالدين والتشكيك في ذمتهم المالية ونقضهم للعهود، حتى الأحزاب اليسارية الصغيرة كان يتهمها الحزب الشيوعي بسرقة برامجه وشعاراته. إذن على ماذا تواضعت هذه الاحزاب وعلى ماذا اتفقت سادتي (ان اللبيب بالإشارة يفهم). نقلاً عن صحيفة الرائد السودانية 3/1/2010م