بدأت مظاهر الحرب الاقتصادية والتي تتم عبر التصريحات بين الشمال والدولة الجديدة تظهر..فبعد حرب العملات التي دار رحاها بين الشمال والجنوب أبان مفاجأة الشمال للجنوب بطباعة عملة جديدة، بعد أن أعلن الجنوب عن طرحه لعملته الجديدة، على أثر عدم الوصول إلى اتفاق فيما يخص العملة، نذرت حرب جديدة بالظهور فيما يخص رسوم نقل نفط الجنوب عبر الشمال، حيث دفعت حكومة الخرطوم في الورقة التي تقدم بها رئيس اللجنة الإفريقية للوساطة ثامبو أمبيكي بأن تكون قيمة المعالجة للنفط 2,8 دولار للبرميل و 5،6 دولار للمناولة على أن تكون قيمة إيجار الخط 22،8 للبرميل الواحد، الا إن حكومة الجنوب رفضت هذا المقترح واعتبرته على لسان وزيرها للسلام، والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم بأنه (سرقة في وضح النهار). واعتبر وزير الطاقة الأسبق د. شريف التهامي أن ما اقترحه الشمال على الجنوب ليكون رسوم عبور النفط يقوم على أسس ومعايير معينة، مشيراً الى أن رسوم عبور النفط من دولة لأخرى أمر متعارف عليه عالمياً، مؤكداً على أن الرسوم المقترحة من الشمال قابلة للتفاوض. ونوه إلى أن الرقم الذي وضعته إدارة النفط بالشمال يمكن في مقابلة أن تأتي إدارة النفط بالجنوب برقم مقابل له إلى أن يصل الطرفان إلى رقم محايد، ويقع في مصلحة كل مهما. وأضاف في حديثه ل(الأخبار) بأن هذه الأرقام قابلة للنقاش، لجهة أن الذين اقترحوا الرقم هم من ذوي الخبرة في ذات المجال، ورفض التهامي ما أسماه – زعل باقان – وأكد على أن مبدأ ((الرسوم)) قائم عالمياً في كل مناطق إنتاج البترول. وضرب التهامي مثالاً لذلك بالنفط الذي يذهب عبر بحر قزوين إلى تركيا، والغاز الذي يذهب من السعودية الى سوريا. وعد الرسوم بأنها ليست ((بدعة)) ابتدعها الشمال للجنوب وقال: (اذا كان هذا الرقم مرتفع فليأت الأخوة بالجنوب برقم أقل منه). وزاد (فليأت باقان بحجته). فيما يري رئيس لجنة الطاقة بالمجلس الوطني السابق أسحق جماع أن أرقام نقل النفط تتفاوت من دولة إلى أخرى، موضحاً أن هنالك سعراً يكون للنقل بالإضافة إلى رسوم ((سيادة)) يتم فرضها. لافتاً إلى وجود معايير عالمية يمكن الاستناد عليها. واعتبر جماع السعر المقترح من الشمال ليس كبيراً اذا تمت مقارنته مع رسوم الدول الأخرى. وقال أن الرقم الذي ينقل به النفط من تشاد الى الكاميرون قدره 15،5 دولار منوها إلى أن الأنبوب لا يتبع لتشاد، ونوه الى أنه في حالة السودان فالأنبوب يتبع للدولة. وأعترض جماع على تصريحات باقان لجهة أنها لا تستند على مبررات علمية أو منطقية في هذا الشأن، مشيراً إلى أنها تصريحات سالبة. واعتبر أن اتفاق الطرفين حول المبلغ هو الجل لهذه المجادلة سواء باستنادهم على المعايير العلمية أو غيرها. مشيراً الى أن المعيار العالمي لا يلزم الطرف الثاني بالأخذ به. وشبه الرسوم بالأسعار التي توجد بالأسواق فكل تاجر يستطيع أن يبيع بأعلى أو أقل من السعر المحدد. ونبه إلى أن الشمال هو الذي له القدح المعلي في استكشاف النفط واستخراجه. ووصف رفض الجنوب بعدم دفع قيمة مناسبة لإيجار الخطوط ونقل النفط بنوع من الإجحاف والظلم الذي يمارسه الجنوب نحو الشمال اذا أخذ في الاعتبار أن الشمال تحمل الديون الخارجية لوحده. وعن المعيار العالمي لنقل بترول الجنوب والذي حدده باقان ب 32 سنتاً (أقل من دولار) رفض جماع في حديثه ل (الأخبار) أن تكون هذه هي القيمة، مبرراً رفضه الرسوم المستخدمة في تسيير الخط كمركز تكلفة تقترب من العشرة دولار، ونبه إلى أن رسوم النقل في السودان بصفة عامة مرتفعة ومكلفة، منوهاً إلى أن ذلك بسبب طبيعة النفط المنتج في الدولة وخاصة منطقة ((عدارييل)) واتسامه بالثقل لوجود شمع عال به، مما يستدعي نوعاً من التسخين من اجل نقله وسيره في خطوط الأنابيب. وأضاف أن تسليمه للبواخر لا يتم في بواخر عادية، وإنما بواخر خاصة بهذه النوعية. وأشار الى ان ذلك يعني أن تكلفة النقل ستكون أعلي من نقل أي نفط عادي. وبحسب ما نشرته وكالات أمي الأول فان جنوب السودان حض الحكومة في الخرطوم على عدم الدخول في ((حرب اقتصادية)) بشان العملة وفرض ((رسوم)) على عبور النفط. وأعلن وزير السلام بجنوب السودان باقان اموم للصحفيين في جوبا أن المفاوضات بين شمال وجنوب السودان حول مسائل ترتبط بالانفصال، والتي تم تعليقها قبيل إعلان استقلال الجنوب، ينبغي أن تستأنف قريباً، لكن ذلك سيحصل في مناخ من التوتر المتنامي، حيث اتخذت كل من جوباوالخرطوم إجراءات أحادية حول النفط والعملة، وبحسب أموم، سيتعين على جنوب السودان من الآن فصاعداً دفع 22,8 دولاراً عن كل برميل نفط خام لتصدير إنتاجه عبر أنبوب نفط الشمال الذي يمثل الطريق الوحيد للتصدير وقال، ((إنها بكل بساطة سرقة في وضح النهار، ودعا باقان الخرطوم إلى عدم الدخول في حرب اقتصادية مع جنوب السودان. نقلاً عن صحيفة الأخبار 27/7/2011م