منذ أن أوصدت الشقيقة تشاد بوابتها في وجه زعيم حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم قبل حوالى عامين وحرمت عليه أراضيها وفاءً واخلاصًا واستجابة للتطورات الموجبة في ملف العلاقة بين الخرطوم وانجمينا وقتها وجدت دبلوماسية «المنديل الابيض» طريقها الى قلب وعقل القيادتين في كلا البلدين ولهذا لم يعد خليل يفكر مجددًا بالعودة الى انجمينا ولا انجمينا نفسها راغبة في عودته طالما ان الأجواء بين السودان وانجمينا تمت تنقيتها تمامًا من كل الشوائب.. منذ ذلك التاريخ لم يجد زعيم العدل والمساواة ملاذًا او متكأ آمنًا إلا ان يتجه الى طرابلس العاصمة الليبية فيحتضنه القذافي ويفتح له مستودعات الاسلحة ليس حبًا في خليل او حركته وانما خدمة لاجندته وطموحاته الذاتية فالرجل كان قد نصب نفسه ملكًا لعموم ملوك افريقيا وشعوبها فظل القذافي في هذا الحلم يضخم لذاته ويصدر من الأفكار والمبادرات والأطروحات السياسية ما يدعم به احلامه هذه ويبدو انه يريد من خليل أن يكون أحد أدواته في تحقيق هذا الحلم اذا افلحت حركة العدل والمساواة في بناء دولة خاصة بها في دارفور .فإذن ما بين القذافي وخليل مصالح وطموح وقضايا تأبى ان تنتهي فصولها قبل أن تستكمل مقاصدها ومبتغاها فالكل يحلم بامبراطوريته وسلطانه.. ولكن القذافي لم يعد هو القذافي بكامل زخمه فسقط سلطانه وصولجانه واصبح كذلك في مهب الريح. هذا التغيير الذي بدأت مسيرته قبل اكثر من ستة اشهر حتمًا ستكون تأثيراته واسقاطاته قاسية على زعيم العدل والمساواة فما عادت طرابلس تحتضنه في فنادقها بل اصبح من فلول المرتزقة الافارقة الذين ناصروا القذافي وحاربوا الى جواره والآن يطاردهم ثوار التغيير في ليبيا « بيت بيت .. ودار دار.. وزنقة زنقة» لكن الرجل يبدو أن خياراته قد باتت محدودة إن لم تكن قد تلاشت هذا ما يراه الأستاذ عبد الله آدم خاطر المحلل السياسي والخبير في الشأن الدارفوري حيث قال في حديثه ل«الانتباهة» أن الاتجاه العام لحركة العدل والمساواة أن تفكر في العودة لاستكمال حلقات التفاوض مع الحكومة السودانية وفق ما سمحت به وثيقة الدوحة من هوامش لإلحاق بقية الحركات والفصائل المسلحة بأجواء السلام والتفاوض.. ولكن خاطر يعتقد ان مصير خليل نفسه اصبح غامضًا وغير معلوم وجهته التي يمكن ان يلجأ اليها خصوصًا ان كثيرًا من قيادات الحركة اصبحت تؤمن بالفهم الذي يتحدث بأن قضية العدل والمساواة تجاوزت خليل وانها تمضي الآن في سبيلها دون المرجعية السياسية والفكرية لخليل. وذهب الأستاذ عبد الله آدم خاطر في حديثه ل«الإنتباهة» الى أن الحركة ومن خلال المناقشات والمدافعات بين قادتها اصبحت شبه مستقلة وانها موجودة في مناطق عديدة من السودان لايبدو أن رابطها مع زعيمها بذات الروابط القديمة والقوية، واضاف خاطر ان خيارات قادة العدل والمساواة لن تتجاوز المحافظة على فرصتهم للحاق بوثيقة الدوحة وان هذا هو الخيار الأميز وان اي خيار غير ذلك سيكون فيه قدر من المغامرة بالحركة. واستبعد الأستاذ عبد الله ان تكون هناك جهة او دولة اخرى لديها الرغبة في ان تفتح ابوابها لحركة العدل والمساواة وبالتالي فإنها من المتوقع ان تعاني من انقطاع الدعم والمساندة التي كانت تتمتع بها من العقيد معمر القذافي رغم ان هذه الحركة ظلت تدعي انها معتمدة في عتادها العسكري على ما تكسبه من غنائم في معاركها مع الجيش الحكومي في دارفور.. وفي السياق ذاته يرى الدكتور فاروق أحمد آدم أحد أبرز الخبراء في قضية دارفور أن التغيير الجذري الذي قلب الأوضاع في ليبيا لن يكون تأثيره على حركة العدل فحسب وانما على مجمل ملف قضية دارفور ولم يستبعد كذلك أن تنشأ حالة من التنازعات بين الإرادة الوطنية والأجنبية داخل حركات دارفور خاصة حركة العدل والمساواة نتيجة لما جرى في الجماهيرية الليبية من تحولات، وقال الدكتور فاروق ل«الإنتباهة»: لكننا في دارفور نتطلع ان يكون خيار هذه الحركات الانحياز لخيار الإرادة الوطنية والرهان في ذلك على الداخل وليس الخارج ذلك ان وثيقة الدوحة فيها متسع للتسوية الوطنية والمقنعة لكل الاطراف. وفي تحليله لمستقبل العدل والمساواة بعد رحيل القذافي يعتقد فاروق انه ومن خلال متابعاته لملف دارفور فإن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا الى جانب دولة الجنوب الوليدة لها مواقف معلنة ضد الإسلام في السودان ولكن دولة الجنوب هذه وبحسب ما جاء في وثيقة كاودة الأخيرة فإن ابواب الجنوب ستظل مشرعة لخليل وحركته وهذا ما نعتبره نحن خيارًا غير صحيح وانما الخيار الافضل هو العودة لحضن الوطن والتعاطي مع كافة الخيارات الاخرى المطروحة بالداخل الامر الذي يفرض على حركة العدل ان تعدل في اولوياتها وتُعلي من شأن الإرادة الوطنية وان تدرك ايضًا أن العلاقات يجب ان تبني بين الشعوب وليس بين الأنظمة والزعماء، وقال الدكتور فاروق: نحن بدورنا نتطلع الى ان تلعب الارادة الشعبية في ليبيا دورًا محوريًا في الاستقرار ووقف الحرب بدارفور والتي لم تعد لها حجة موضوعية او منطقية لاستمرارها.. وكان البرلمان قد عبّر امس عن بالغ سعادته بسقوط القذافي وقال إن حركة العدل ستنتهي بمجرد التعهد الأول بتوفير الدعم المالي واللوجستي. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 25/8/2011م