ما إن أعلنت حركة العدل والمساواة المتمردة في إقليم دارفور عن عودة زعيمها خليل إبراهيم إلى مواقع قواته بالإقليم، حتى سارعت القوات المسلحة السودانية للتقليل من تلك العودة، بينما انقسم آخرون بين متوقع لعودة الحرب ومستبعد لها. فعلى الرغم من استضعاف الحكومة السودانية للحركة بعد زوال نظام العقيد الليبي معمر القذافي والتي كانت تعتبره الممول الرئيسي لها، تبدو الحقيقة أن العدل والمساواة لا تزال تملأ حيزا عسكريا وسياسيا في الإقليم. وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية الصوارمي خالد سعد أكد أن عودة زعيم الحركة لدارفور لن تشكل أي خطر على أمن الإقليم، مؤكدا تقهقر الحركة عقب زوال نظام القذافي. لكن خليل العائد لتوه لدارفور بعث برسائل جديدة اعتبرت تحذيرية في حد ذاتها. وقال للجزيرة نت عبر مستشاره للعلاقات الخارجية أحمد حسين آدم، إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم لم يستفد من الدروس والعبر التي أدى بعضها لانفصال الجنوب، مؤكدا أن استمرار المنهج الحالي للحزب "سيمزق البلاد". تمسك بالسلام واتهم خليل المؤتمر الوطني بالإفلاس واستخدام الشعب السوداني كرهينة. لكنه عاد وأكد أن الحركة لا تزال تتمسك بالسلام كخيار إستراتيجي. وقال للجزيرة نت عبر الهاتف من مقر إقامته إن استمرار نهج المؤتمر الوطني "يعني ضرورة توحيد الجهود لإحداث تغيير حقيقي يمنع تجزئة البلاد"، قاطعا بعدم التفاوض في الدوحة من جديد "تأسيسا على ما أعلنه المؤتمر الوطني من وقف للتفاوض". وأكد أن وفد الحركة جلس في العاصمة القطرية لفترة طويلة بما يكفي لمعرفة كل ما يجري من حوله بما في ذلك ما أسماه بالمؤامرة التي احتجز بموجبها رئيس الحركة في ليبيا. وقال إنه لم يكن في ليبيا بإرادته "وحينما توفرت الإرادة عادت الأمور إلى نصابها"، راهنا عدم اشتعال الحرب من جديد برغبة المؤتمر الوطني في إيجاد حلول حقيقية للأزمة. جحيم جديد لكن المؤتمر الوطني الحاكم، والذي قلل تأثير العودة على مجمل الأوضاع في دارفور أو السودان، قال إن زعيم الحركة "قد هرب من جحيم إلى جحيم أكبر"، مشيرا إلى أن خليل إبراهيم يتحدث بمعنويات متدنية للغاية. وقال مستشار وزارة الإعلام ربيع عبد العاطي إن الحركة ستحاول البحث عن مخارج ومنعرجات جديدة لإيجاد موطئ قدم لها بدارفور، مؤكدا أن انهيار نظام القذافي سيشكل كافة نقط الضعف في حسم الحركة، بحسب قوله. واعتبر عبد العاطي أن خليل أصبح بلا مأوى "وسيبحث بالتالي عن مأوى جديد قبل أن يعمل على تحريك الأوضاع التي تسيطر عليها الحكومة". وأشار إلى أن الحركة "لن تجد ممولا جديدا يمنحها القوة لمواجهة الرافضين للحرب بدارفور ناهيك عن الحكومة". اهتمام دولي غير أن المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أشار إلى وجود اهتمام دولي بإدماج حركة العدل والمساواة في وثيقة سلام الدوحة، مؤكدا وجود شعور محلي بين مواطني الإقليم باتجاه الحركات المسلحة نحو السلام. وقال للجزيرة نت، إن عودة خليل "لا تعني بالضرورة عودة الحرب أو تأجيج الصراع في الإقليم"، مشيرا إلى أن ذلك"ربما يكون نوعا من الضغوط الإيجابية نحو الحل السلمي للأزمة". وربط خاطر تحقيق السلام في الإقليم بتخلي حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن إصراره على عدم إجراء أي حوار مع من تبقى من الحركات المتمردة بدارفور. واعتبر المحلل السياسي أن قبول المؤتمر الوطني الحاكم مبدأ الحوار سيجنب البلاد كثيرا من المشكلات.