الدكتور أمين حسن عمر وزير الدولة برئاسة الجمهورية رجل ذو أفق واسع وفقيه دستوري يشهد له بذلك جولاته وصلاته في ساحات التفاوض وقبل ذلك جهده السياسي منذ أيام جامعة الخرطوم حتى رئاسته لهيئة الإذاعة والتلفزيون وقيادته لوزارة الإعلام فقد كنت أتحاور معه حول معظم قضايا الساعة عبر أثير موقع الفيسبوك الذي ربطنا وذات يوم سألته عن جدوى الاتفاق المؤود بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والمؤتمر الوطني ممثلا لحكومة السودان فكان معه لجهة انه سيوسع دائرة المشاركة ويوقف نزيف الخلافات ومتحفظا عليه نظرا للرفض الذي جوبه به الرأي العام وعندما سألته عن الاعتراف بقطاع الشمال أجاب بأنهم سودانيون ولهم الحق في ممارسة حقهم السياسي والدستوري وفق القانون وربما لا يؤثر علي المصلحة العليا للبلاد ..كانت هنالك جهات عدة تضغط علي الحكومة لإنهاء هذا الاتفاق من داخل الحزب وخارجه لأنه سيكون (شوكة حوت )في حلق الوطن و(مسمار جحا)لدولة أجنبية لا تضمر خيرا للوطن وكل هذا تم عبر توعية الرأي العام وتبصيره بما يمكن ان يحدث وكانت الحكومة أو جهات فيها تسعي لتوسيع وتسويق ها الاتفاق لاتقاء شر ماهو اسوأ من التنازلات وتجميل صورة الاتفاق والطرف الموقع عليه وهو مالك عقار ممثلا لحزب الحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة تارة تسوق الاتفاق من منظور (ان جنحوا للسلم فاجنح لها )لأهل الداخل وبمفهوم (الوطن يسع الجميع )لمن هم خارج الكيان الحاكم . لكن بعد جملة من الخطوات الهوجاء واللامسؤولية والتصرفات العدائية بحق الشمال صار الدفاع عن أي حق لعقار أو الحلو أو عرمان اومن يواليه ضربا من ضروب الخيانة فقد زار الأمين العام لقطاع الشمال بالحركة ياسر عرمان الكيان الإسرائيلي والتقي الشخصان أكثر الشخصيات الأمنية الصهيونية تطرفا في الاستخبارات العسكرية والمخابرات الخارجية (الموساد )ووزير الخارجية رائد العنصرية والنازية الجديدة وفي ذات الجانب يسعي الأمين العام للحركة لتدمير الإسلام في السودان ويقول ان تمدده يهدد السلام والأمن الدوليين وان الإسلام في السودان يهدد الكيان الصهيوني ووجوده وختم كل هذه التخبطات باتفاق كاودا الذي أكمل فيه مع حركات دارفور المسلحة خطتهم لإسقاط النظام وفي ذات الاتجاه يصرح رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار بان الحديث عن دولة إسلامية أو عربية يعني العودة الي الحرب . يري معظم مواطنو الشمال منذ إعلان استقلال الجنوب وما رافقه من أشياء استفزازية كإنزال العلم بطريقة مهينة ووصف الشمال بأنه مستعمر يرون بأنه يجب إزالة كل مالا علاقة بالجنوب وعلي وجه الخصوص فلوله السياسية متمثلة في ما يسمي ب(الحركة الشعبية لتحرير السودان –قطاع الشمال )هذا اذا لم يلتزم الجنوب بعلاقات حسن الجوار والكف عن التصرفات العدائية لكن دولة الجنوب منذ استقلالها لم تقم ببادرة حسن نية واحدة تجعل الحكومة تسير في خط التطبيع السياسي والوجداني الكامل بل أسهمت بكل مافي وسعها في إثارة البلبلة والقلاقل لجارتها الشمالية في جنوب كردفان والنيل الأزرق واحتضنت حركات دارفور المسلحة وفقا للوعد الذي قطعه سلفاكير في خطاب الاستقلال والذي قال فيه بالحرف (أقول لمواطني دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان بأننا لن ننساكم ).وهو فعلا لم ينساهم فقد قدم لهم الموت والنزوح والتخريب والدمار بما سلطه عليهم من أناس لا يهمهم سوي إتباع ما هو مرسوم بعواصم الغرب لتفتيت السودان وكسر شوكته . حتى قبل الانفصال وفقدان قطاع الشمال لسنده وكرت الضمان (نيفتاشا ؟)كانت هناك عدة أزمات تتفجر داخل قطاع الشمال للحركة الشعبية منها فشله في صناعة قاعدة جماهيرية ن دعاة السودان الجديد وكذلك تصاعد الخلافات بين منسوبي الحركة في الشمال واتهام القواعد للقيادة بممارسة نوع من الجهوية والعنصرية في إسناد المهام السياسية العليا وكذلك غياب الشفافية واستئثار الشيوعيين والجنوبيين بالمناصب والامتيازات .بعد الانفصال تراكمت الإشكالات السياسية وفقدت الحركة الأم مشروعها المتمثل في سودان واحد يحكم بإطار علماني وكان قطاع الشمال في طريقه لان يصبح قوة سياسية من قوي الداخل حتى ان اتفاق أديس أبابا –انف الذكر –وقع مع تنظيم الحركة الشعبية املاً من الطرف الحكومي في ان يتغير السلوك السياسي للحركة التي لم يدون أنها تعتاش من الخيانة وهذا ما جنته الحكومة لاحقا لكن الأحداث الأخيرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق نسفت كل مساعي الحكومة في انتشال هذا القطيع من هوس السلاح والارتماء في حضن الخارج . يوم أعلن الرئيس البشير القائد الاعلي للجيش حالة الطوارئ وفقا لنصوص الدستور وإعفاء الوالي السابق مالك عقار من منصبه الذي أتي إليه بانتخابات مشكوك في نزاهتها لكن الوطني تغاضي عنها لتكون عربون صداقة لم يحافظ عليه ولم يرده جميلا للوطني فقد هاجم بقواته مدينة الدمازين وأسفر هجومه عن سقوط قتلي وجرحي مدنيين وعسكريين واثر هذا العمل المضاد علي الأمن الوطني جاءت خطوة إعفائه خطوة في الاتجاه الصحيح وكان ينبغي ان تحدث قبل هذا وكان الأكثر صحة وشجاعة من هذه الخطوة هو تعيين اللواء ركن يحيي محمد خير قائد الفرقة الرابعة حاكما عسكريا لولاية النيل الأزرق وهو ما مكنه من وضع الأمور في نصابها الصحيح بدلا من التمسك بما يقال عنه عقلانية وتريث وهي الكلمات التي جعلت نيفاشا سيفا مسلطا علي رقابنا حتى انتهاء الفترة الانتقالية وبعدها .. قامت القوات المسلحة بدور كبير في تطهير مدينة الدمازين من كل الساعين نحو تقويض القانون والدستور ومروعي المواطنين وكبدت مليشيات قطيع الشمال خسائر عسكرية فادحة هذا بالإضافة للخسائر السياسية بانفضاض الناس حولها بعد ان علموا ان نواياها ليست هي المضي في طريق السلام كما يصرح عقار بذلك لكنه نسف كل ذلك وبدأت إرهاصات الحرب تبرز من بين كلماته ومن فلتات لسانه انه دعا الشباب دعوة صريحة للاستعداد للحرب فكانت الانشقاقات تنهك جسد حركته المشوش،.حيث ان نصف أعضاء مجلس وزراء ولايته من الحركة الشعبية قد سلموا أنفسهم للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية وكذلك عشرات الضباط والجنود انشقوا عنه اعتراضا علي حربه المتهورة ضد الدولة وعلي المستوي الأمني والعسكري اكتشفت الأجهزة الأمنية وجود "طابور خامس "داخل المؤتمر الوطني الحاكم ضبطت بحوزتهم وثائق ومستندات وخرائط تخص الهجوم الذي نفذ وتؤكد بأنهم من المخططين الذين يعملون لصالح جيش الحركة الشعبية ويتعاونون مع مالك عقار منهم عبد الغني دقيس القيادي بالوطني والذي ذكره الحاكم العسكري للنيل الأزرق اللواء يحيي محمد خير بالاسم ونعته وشركاءه "بالخونة " كانت الحركة الشعبية بقطاعيها الشمالي والجنوبي تستقطب منسوبيها بشعارات التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وبسط الحريات العامة وغيرها من الشعارات البراقة لكن بعد أحداث جنوب كردفان والنيل الأزرق سيشعر بالعار كل من يدعو باسم قطيع الشمال في أراضي الشمال لأنه لم تترك الحركة لمنسوبيها شعارا يتكئون عليه فهم قد خرقوا قواعد الأمن والسلام بالبلاد وروعوا وقتلوا وشردوا واستخدموا البندقية سبيلا للحل السياسي وتعاونوا مع دولة أجنبية ضد مصالح شعبهم ووطنهم وكرسوا الثقافة العنف وحرضوا علي تقويض الدستور وتعطيل مصالح الناس فليس هناك من سبيل لإرجاع الحركة كحزب سياسي في الشمال وان حدثت تسوية سياسية افلت بموجبها عقار وغيره من العقاب المستحق فبلا شك ستكون هذه من ستقصر عمر المؤتمر الوطني في السلطة لأنه سيكون حينها قد فقد أخر مياه وجهه وأرهق كل كرامته علي ما يسمي بالحركة الشعبية لتحرير السودان ! أخيرا يمكننا القول بان قطيع الشمال قد انتهي رسميا وشعبيا واحرق إعلاميا بشكل لا يمكن معالجة آثاره .والمطلوب من المؤتمر الوطني الحاكم ان يلقن أعداء الوطن درسا في التعامل مع هذا القطيع وذلك بالتعامل مع هذا القطيع وذلك بالتعامل باقصي درجات الشدة مع أي فعل سياسي او عسكري يبدر من هذه الفئة لان مشوار الكيد السياسي والعسكري بيننا ودولة الجنوب ما زال في أوله ودولة الجنوب الآن ترمي هذه الفقاعات وبالونات الاختبار مثل عقار وعرمان والحلو وهم تعودوا علي ان يكونوا كباش فداء ومستبعدين لسياسات الحركة الشعبية الجنوبية التي بينها وبين الرشد مئات السنوات الضوئية . نقلا عن صحيفة الأحداث بتاريخ :13/9/2011