استقال عدد من نواب البرلمان السوداني المنتمين للحركة الشعبية، والممثلين لدوائر جنوب كردفان. النواب المستقلين لم يتجاوز عددهم حوالي الثلاثة بينما أصرّ نواب الحركة الممثلين لولاية النيل الأزرق على البقاء على مقاعدهم. أسباب الاستقالة بحسب بيان صادر عن نواب الحركة بجنوب كردفان حصروها في خطر نشاط الحركة، وشن الحرب على الولاة ! ومن المعروف أن حظر نشاط الحركة بمسماها ووصفها القانوني القديم شأن يختص به مجلس الأحزاب الذي ينظم تسجيل الأحزاب وسببه أن الحركة الشعبية – قانوناً – لم تعد حزباً نظراً لأن حوالي (90%) من قادتها ومؤسسيها أصبحوا ضمن سيادة وجنسية دولة أجنبية هي جمهورية جنوب السودان وكل الذي طلبه مجلس الأحزاب – سواء صح قراره أم لم يصح – هو أمر بديهي ومن المؤكد أن فهمه واستيعابه سهل لدي هؤلاء النواب، بل كان من المفترض أن يستبق هؤلاء النواب أي تحرك لمجلس الأحزاب بأن يوفقوا أوضاعهم بالسرعة اللازمة ليضمنوا وجودهم في الساحة السياسية السودانية فالأمر المؤسف هنا هو أن هؤلاء النواب يغالطون الواقع ويصرون على التعامل بعملة (غير مبرئة للذمة السياسية) وهو ما يعتبر ضرباً من المستحيل. أما فيما يخص شن الحكومة السودانية للحرب على متمردي النيل الأزرق وجنوب كردفان، فان من المعلوم تماماً أن الحلو في جنوب كردفان هو الذي أطلق الطلقة الأولي ثم هرب، كما تم العثور على خطة متكاملة معدة مسبقاً للاستيلاء على كادوقلي واغتيال كافة رموز الحكومة في الولاية، أما في النيل الأزرق فان عقار وجيشه هم أيضاً من بادر بالحرب ويكفي هنا أن ذات نواب الحركة من النيل الأزرق لم يبدوا حماساً للاستقالة، فلو كان ما يقوله نواب الحركة من جنوب كردفان صحيحاً لوافقهم عليه نوابها في النيل الأزرق. إذن نحن أمام سببين لا يستندان إلى حقائق ولا على منطق. وطالما أن الحقيقة والمنطق غائبين، فان من المؤكد أن سبب استقالة هؤلاء النواب هو نوع من (التضامن) مع رفقائهم في النيل الأزرق وجنوب كردفان حتى ولو لم يقولوا ذاك صراحة. فالنائب البرلماني حتى ولو كان ينتمي لحزب معين فان الواجب يحتم عليه احترام إرادة الناخبين الذين منحوه ثقتهم، ومن الممكن أن يكون من بين هؤلاء الناخبين الذين منحوه ثقتهم من لا صلة لهم البتة بالحركة الشعبية وان الدافع الأساسي لمنحهم تلك الثقة هو قدراتهم ومؤهلاتهم لتمثيل أهل المنطقة في البرلمان، ولعل عند هذه النقطة بالذات يتحلي سوء التقدير لدي هؤلاء النواب المستقيلين فهم حصروا الأمر كله في أنهم لابُد لهم من أن يقفوا وقفه تدعم المتمردين، في حين أنهم نسوا أو تناسوا أن التمثيل النيابي يفرض عليهم العمل من أجل كل أهل المنطقة التي جاءوا منها، فإذا هم لم يفعلوا فأنهم يكونوا – عملياً – قد تمردوا على أهل المنطقة وهو بهذه المثابة تمرد، وان كان مع فارق التوصيف للتمرد!!.