من المؤسف أن دوائر صنع القرار في عالمنا العربي والإسلامي لم تدرك بعدُ الأبعاد الخطيرة لمواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت (مثل تويتر وفيس بوك وغيرهما) وبالتالي لم تتعامل معها بعدُ بالمستوى اللائق بها كونها سلاحا إعلاميا ومؤشرا اجتماعيا وسياسيا شديد الخطورة يمكنه أن يؤثر في المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لدولنا ويحدد حاضرها ومستقبلها، فمازالت مراكز صنع القرار في دولنا تتعامل مع تلك المواقع الإلكترونية بسطحية شديدة وبتهميش عجيب، وهذا الوضع يشبه تماما من يتسلح بالسيف والرمح لمواجهة عدو مجهز بدبابات وصواريخ وطائرات أسرع من الصوت! مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت هي أخطر مصدر للمعلومات عن شعوب العالم كلها، كما أنها أخطر وسيلة لاستثارة الشعوب ولإشعال فتيل الثورات الشعبية ولقيادة وتوجيه الرأي العام في التفاعل مع مختلف القضايا، ومن هذا المنطلق تحرص المعاهد والجامعات ومراكز الدراسات في الدول المتقدمة على إخضاع تلك المواقع بكل ما فيها من معلومات هائلة الحجم للبحث والتحليل لمعرفة توجهات الرأي العام في كل دولة من دول العالم ووضع قواعد للتعامل مع شعوبها لتصبح أداة طيّعة لتنفيذ مخططات القوى العظمى في العالم للسيطرة على مقدرات الشعوب وثرواتها، وبعض نتائج تلك البحوث والدراسات والتحليلات تنشر في وسائل الإعلام العالمية ومنها ما نشر مؤخرا حول دراسة أجراها مجموعة من علماء الاجتماع في جامعة كورنل الأمريكية لتحليل أمزجة وتوجهات رواد موقع التواصل الاجتماعي الشهير (تويتر) كمقياس للمزاج العالمي، حيث قاموا بدراسة 509 ملايين تعليق من 2,4 مليون مستخدم في 84 دولة خلال عدة أشهر من العام الماضي وتوصلوا إلى نتائج هامة جدا نشروها في مجلة (ساينس) العلمية في عددها الصادر يوم الخميس الماضي، مؤكدين أن ((موقع تويتر القائم منذ خمسة أعوام والذي يسمح لمستخدميه ببث تعليقات يمثل فرصة غير مسبوقة لدراسة السلوك الإنساني والتفاعل مع الحياة الفعلية بتدرج زمني ساعة بساعة ويوما بيوم على مدار العام والقيام بذلك على مستوى السكان بالملايين عبر العالم)). ليس هذا فحسب، بل تتيح مواقع التواصل الاجتماعي للعلماء معرفة مدى انتشار الأمراض النفسية بين مستخدمي تلك المواقع، ما يعني إمكانية استغلال أجهزة الاستخبارات بعض المصابين بتلك الأمراض في تنفيذ عمليات تخريبية أو اغتيال بعض الشخصيات أو ارتكاب الجرائم المروّعة، كما تتيح تلك المواقع معرفة مدى انتشار الأمراض العضوية والأزمات الاجتماعية والاقتصادية في جميع دول العالم وهي معلومات خطيرة للغاية يمكن استغلالها ضد الشعوب والحكومات الأخرى لإخضاعها لسيطرة تلك الأجهزة ومن يقف وراءها. مواقع التواصل الاجتماعي هي السلاح الأقوى والأكثر فتكا في القرن الحادي والعشرين، وإذا لم تسارع حكوماتنا إلى التعامل معها بما يتناسب مع أهميتها وخطورتها فإننا سنخسر أهم معركة تحدد حاضرنا ومستقبلنا وربما وجودنا من أساسه، ويكفي للتدليل على ذلك ما يحدث في عالمنا العربي اليوم من اضطرابات سياسية واجتماعية غير مسبوقة قادتها مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت. المصدر: اخبارالخليج 3/10/2011