تستعد ولاية النيل الازرق للشروع فى عقد جلسات وإجراءات المشورة الشعبية فى الأيام القليلة المقبلة . سراج الدين حامد عطا المنان رئيس المفوضية البرلمانية المعنية بإجراءات المشورة قال فى تصريحات صحفية ان من المنتظر ان تنطلق الإجراءات فى يومي الثالث والرابع والعشرين من شهر أكتوبر الجاري بمشاركة من منظمات المجتمع المدني وبمراقبة من مركز كارتر وسوف تدور المناقشات حول الأحداث الأخيرة عبر جلسات استماع بالإضافة الى مناقشة بنود اتفاقية السلام الموقعة فى العام2005. ويأتي هذا التطور اللافت فى وقت عادت الأوضاع الى طبيعتها فى الولاية التى كانت قد شهدت تمرداً عسكرياً قاده المتمرد مالك عقار مطلع سبتمبر المنصرم ، كما يأتي هذا التطور كنتيجة طبيعية تؤكد ان أهل الولاية ليسوا راضين مطلقاً عن التمرد الذى قاده عقار والاهم من هذا وذاك – و قد صرنا على بُعد أيام من إجراءات المشورة – ان تمرد عقار قد أصبح أثراً من الماضي، فالرجل أخفق فى إحداث الأثر السالب الذى كان يرجوه، وهو إشاعة الاضطراب وتعكير صفو الولاية . وقد رأينا كيف ان عقار قبل أيام أدلي بتصريحات يائسة ناشد فيها المجتمع الدولي بالتدخل لما اسماه حماية المدنيين متهماً الحكومة السودانية بقصف المدنيين. وقد جاءت مناشدة عقار هذه مقترنة بمناشدة (مبطنة) للحكومة السودانية بوقف القتال والعودة للتفاوض، إذ أن كل هذه الدلائل قاطعة لا يتطرق إليها الشك ان عقار لم يحالفه النجاح الذي كان ينشده جراء تمرده، فلا هو حقق بقواته التى كانت موضع فخره وإعجابه ما كان يصبو إليه، بفشل تكتيك (الهجمة) الذى ظل يستخدمه كمهدد باستمرار؛ ولا تجاوب معه أهل الولاية ليشكل ذلك ضغطاً على المركز، ولا الظروف السياسية سمحت لجمهورية جنوب السودان بتقديم الدعم والمؤازرة له كما كان يتوقع بعدما دخلت واشنطن على الخط وحالت دون انغماس جمهورية جنوب السودان فى هذا الملف الخطير. وبالوقت نفسه فشل رفيقه عرمان – رغم كل تحركاته الخارجية المكوكية – فى تسويق الأمر وإعادة خلق جنوب جديد ومهمشين جدد كما كان يأمل، فالأمريكيين لم يبدوا أى حماس، بل أرسلوا رسالة سياسية موجزة وواضحة بأن تكف دولة جنوب السودان عن الوقوف خلف قطاع الشمال . و هكذا يمكننا القول ان عقار خسر كل شئ بعدما تجاوز الشهر من تحركه العسكري فالمشورة الشعبية المقرر انطلاقها قريباً سوف تُستكمل فى غياب المتمرد عقار وسيقرر أهل الولاية فيما يرونه بشأن ما أمكن إنفاذه من بنود اتفاقية السلام، والأوضاع على الارض ما عادت تستدعي تدخلاً من جانب مجلس الأمن او المجتمع الدولي عموماً بعدما تراجعت حالات النزوح، وعاد غالب مواطني الولاية إليها، وبعدما بات عقار يبحث عن ما (يحفظ ماء وجهه) ويؤمن له أماناً بأي درجة وهي - للأسف الشديد - ظروف سياسية بالغة السوء، وضع عقار نفسه فيها بدون تَبصُّر وبلا حسابات ولا تقديرات صحيحة وكان محتماً أن يكون حصاده ما زرع!