بعد اقل من خمسة أشهر من تاريخ التاسع من يوليو من العام الجاري 2011م وهو تاريخ إعلان ولادة وقيام دولة جنوب السودان (المنشطرة من جمهورية السودان) ها هو رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو)يزور اليوم- السابع من ديسمبر – يزور جمهورية جنوب السودان, ويصل عاصمتها جوبا (تلك المدينة الوادعة التي ترقد علي الضفاف الغربية من بدايات نهر النيل العظيم , المسمي في تلك المنطقة الجغرافية المسماة بالاستوائية – بنهر الجبل – الممتد حتي منطقة المستنقعات جنوب وغرب أعالي النيل). ودون شك هذه الزيارة الرئيس الحكومة الإسرائيلية لها ما بعدها.. لها ما بعدها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني. فمن كان يتصور أو يتخيل أن تطأ قدم رئيس حكومة إسرائيلية, أو وزير إسرائيلي, أو حتي أي مسئول إسرائيلي من الصف الثاني أو الثالث أ حتي العاشر, أن تطأ قدماه مدينة جوبا (درة الجنوب وجوهرته) و(أكبر مدنه) وواحدة من أكير مدن السودان قاطبة (قبل انفصال الجنوب). هي ثالث زيارة رسمية لرجل دولة من دولة أجنبية لجمهورية جنوب السودان (بعد زيارة الرئيس المشير رئيس جمهورية السودان), و(زيارة الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة المصرية السابق). فإذا فهمنا زيارة الرئيس البشير بأنها طبيعية وحتمية (زيارة أخ لأخيه) بحم (اللحمة الواحدة) و(الجسد الواحد) و (الدولة الواحدة) ..وعلي أقل تقدير زيارة الجار لجاره, فما بالك إذا كان هذا الجار أخاك وشقيقك, و(من بطن واحدة) , وكنتما تسكنان في منزل واحد, ويلعب أبناؤكما ويلهون معاً, بل وتصاهرتما, وتزاوجتما, أبن هذا تزوج بنت ذاك, وابنة هذا تزوجها ابن ذاك, وتتقاسمان لقمة الطعام, وشربه الماء, وتتأثران معاً بالفرح والكره, والسراء والضراء. وإذا فهمنا زيارة الدكتور شرف بأنها أيضاً طبيعية بحكم (التاريخ المشترك) و(العلاقة التاريخية) و(الأزلية) و(الأشقاء) و(أبناء النيل) مع السودان كله. فماذا نفهم زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي..!!؟ فما بين جمهورية جنوب السودان, ودولة إسرائيل لا يمثل ولا يماثل حتمية (زيارة أخ لأخيه) بحكم (اللحمة الواحدة) و(الجسد الواحد) و(الدولة الواحدة).. و(تقاسيم لقمة الطعام), و(الأشقاء) و(أبناء النيل), النيل ذلك (النهر) الذي ظل هدفاً وحلماً استراتيجياً لإسرائيل, ولا أظننا تخفي علينا العبارة الصهيونية (الدولة اليهودية من النيل الي الفرات). ولا يمكن قراءة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لجنوب السودان بمعزل عن التطورات السياسية المتلاحقة في المنطقة العربية الناتجة عن (ثورات الربيع العربي) ولا سيما في مصر, والتي أخافت إسرائيل وأدخلت الرعب فيها, خاصة مع إعلان قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين – الاثنين علي حد سواء – إعلانهما مخاوفهما من (وصول الإسلاميين للسلطة في مصر), وأن هؤلاء الإسلاميين إذا تسلموا مقاليد السلطة في مصر فأنهم سيقومون بإلغاء اتفاقية السلام المعروفة بكامب ديفيد. نقلا عن صحيفة أخبار اليوم السودانية 7/12/2011م