اندهش الجميع للهجوم الكاسح الذي شنه عثمان عمر الشريف علي الحزب الحاكم في توقيت اعتبره الجميع غير مناسب وهو ما تعارض تماماً مع مقولة لكل (مقام مقال).. لقد هاجم عثمان عمر الشريف الحزب الحاكم داخل داره وعقب توقيع وثيقة اتفاق بين حزبه والحزب الحاكم، ولكن يبدو أن عثمان عمر الشريف أراد أن يقول بأنهم صعدوا علي ظهر جواد الحاكم ولكن خيول معارضتهم للحكومة لا تزال مسرجة... وهو بالفعل ما تأكد بعد أيام قليلة من دخول الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في الحكومة الجديدة وذلك من خلال التصريحات التي أكدها قادته ومفادها أنهم سينفضون أيديهم من الشراكة في حالة أن المؤتمر الوطني لم يلتزم بتنفيذها وهذا أيضاً يكشف ان الحزب العريق يعاني ضعفاً بائناً في لياقته البدنية والفكرية وربما يكون ذلك بسبب ابتعاده الطويل عن المباريات الرسمية في الملاعب السياسية. مشاركة ساخنة في عز الشتاء!! رغم أن مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة جاءت في عز الشتاء إلا أن كل المؤشرات تؤكد بأنها ستكون مشاركة ساخنة ولكن المؤتمر الوطني الذي احتمل الحركة الشعبية المختلفة معه في كل شيء فأنه بلا شك سيحتمل الاتحادي الديمقراطي الذي أكد القيادي بالمؤتمر الوطني البروفيسور إبراهيم أحمد عمر بأنه من أقرب الأحزاب إليهم وهو يقصد (فكرياً وايديلوجياً). كيف ينسي 20 عاماً من المعارضة!! قرائن الأحوال تؤكد بأن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل من الصعب إن ينسي أكثر من 20 عاماً من المعارضة في لحظات لذلك سيظل لفترة غير قصيرة من عمر مشاركته في الحكومة يتصرف بطريقة من تسيطر على عقليته وفكرة المعارضة.. ولكن إذا تمعنا في فلسفة السياسة فإننا نجد إن المعارضة فيها درجة من المشاركة في الحكم، كما ان في المشاركة درجة من المعارضة فهل يتعامل الاتحادي الأصل بهذه الفلسفة؟ مناعة ضد الانتقادات لقد اكتسب الحزب الحاكم مناعة كبيرة ضد المنافكات والانتقادات التي يتعرض لها من شركائه لذلك لن يضيق بالنقد الذي يتعرض له من بعض قيادات وشركائه الجدد ولكن هذا النهج الذي يتبعه بعض قيادات الحزب الاتحادي الأصل وعلى رأسهم عثمان عمر الشريف فانه بلا شك سيؤثر سلبا على إيقاع أداء الحكومة ذات القاعدة العريضة ومثل هذه الانتقادات تباعد بين الحزب الحاكم والذين دخلوا معه في شراكة من خلال الحكومة الأخيرة. والتأثير يكون أولاً على المستوي النفسي كما يهدر الكثير من الوقت في المواجهات التي لا تخدم قضية المواطن السوداني. وإذا كان الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قد وافق على المشاركة في الحكومة فإن ذلك يعني إيماناً ببرنامج المؤتمر الوطني بنسبة كبيرة لذلك لا يستطيع الحزب الاتحادي الديمقراطي إن يدخل الحكومة ويتمتع بالوزارات والمخصصات وفي ذات الوقت يحتفظ بمقعده في المعارضة ومكانته الأدبية والأخلاقية. مشاركة وضعت نقطة في آخر سطر! لقد وضعت مشاركة الحزب الاتحادي الأصل في الحكومة نقطة في آخر سطر في تاريخه مع المعارضة، لذلك يجب أن يهيئ الحزب قواعده وكوادره لمرحلة جديدة تتسق مع قناعته التي جعلته يشارك في الحكومة ولا أعتقد أن قيادة هذا الحزب العريق غير قادرة على تقديم حيثيات تقنع كوادر الحزب بأن المشاركة في الحكومة جاءت بعد جلوس طويل على دكة المعارضة وهي فترة لا يمكن تجاهلها لأن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وما تفرع منه لعبت قياداته أدواراً وطنية ملموسة وكان لهم جهدهم الواضح في كل التحولات الديمقراطية التي حدثت في السودان. ولولا جهود ذلك الحزب العريق لما اقتنع المؤتمر الوطني بمبدأ إتاحة فرصة المشاركة في الحكم لأحزاب المعارضة وتلك خطوة متقدمة في سبيل إحداث تحول حقيقي في عقلية الحزب الحاكم، كما أنها خطوة جيدة تؤطر لميلاد مرحلة جديدة تحتاج لتفكير مختلف ورؤى تتجاوز تضاريس الماضي ومراراته وفي ذلك ما يفيد الوطني في المقام الأول. ازدواجية مضرة! ازدواجية المواقف لن تضر بالحزب الاتحادي الأصل فقط بل من شانها أن تسبب ضرراً فادحاً على الوطن بأسره لأن هذه الفترة تحتاج إلى توافق في الرؤى وتقارب في وجهات النظر كما تحتاج لأن يرتقي الجميع فوق الخلافات الصغيرة حتى يكون الوصول إلى غايات وطنية تؤكد بأن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عندما قرر أن يشارك في الحكومة فإن أبرز أهدافه كانت المشاركة الفاعلة في وضع حد لعدد كبير من المشاكل والمخاطر التي تهدد السودان و ما كان بإمكان الحزب أن يساهم في حلها وهو خارج الحكومة مهما كانت المبررات. نقلاً عن صحيفة الخرطوم 14/ 12/2011م