من الصعب ان لم يكن من المستحيل في ظل الممارسة القبلية الفاقعة التي تمارسها حركة د. خليل والتي تحولت من حركة منظمة، الى حركة (خاصة) يحكمها بيت الدكتور خليل (اخوته واقربائه) وجرى التخلص من العديد من قادتها السياسيين والعسكريين، في مراحل مختلفة، وبوسائل متعددة، من الصعب التنبوء بمستقبل جيد للحركة بمواصفاتها الحالية هذه، فعلاوة على أن إحباطاً قد اتسع نطاقه وسط القبيلة التي تمثل العمود الفقري للحركة، بعد أن رأوا د. خليل يقرب أقربائه، ويتخلى عن غيرهم، وفي غياب المؤسسية، وفوضى اتخاذ القرار، فإن أقرباء د. خليل أنفسهم الذين فقدوا الثقة في أي قائد لا يمت لهم بصلة قرابة، بدأوا يتذمرون من قيادة د. خليل نفسها على اعتبار أن الرجل فشل في فعل أي شئ يضع الحركة في مصاف الحركة الواحدة التي تفاوضها الحكومة السودانية – على غرار الحركة الشعبية في جنوب السودان – وقد رأينا كيف حاول خليل ارتداء زي الحركة الواحدة القوية التي لا ينازعها أحد، فقام بعدد من المغامرات العسكرية (بخطوط طويلة) داخل دارفور، ثم جارتها كردفان، ثم قفز ليصل الى وسط السودان حيث عاصمته المركزية، ولكن كل هذه المحاولات – لسوء حظ خليل وحركته – باءت جميعها بالفشل، بل وعلى عكس ما توقع جرت عليه سخط بعض القوى السياسية السودانية التي لم تكن تعاديه في السابق ولكنها أدركت أن الرجل حتى لو نجح في مسعاه بدخول الخرطوم فإن أقل ما ينتوي فعله هو فرض عرقيته، واثنيته، واعطاء الواقع السياسي السوداني لوناً غير معهود ولا مقبول في الممارسة السياسية السودانية التي لا تتقبل النهج الاثني والقبلي على الاطلاق. وكعادة خليل فإنه لم يقتنع بفشل عملية أم درمان ولكنه عاود الهجوم على مناطق تمركز فصيل مني أركو ميناوي كبير مساعدي الرئيس، رئيس السلطة الانتقالية في دارفور، وأحد أكبر الفصائل الموقعة على اتفاق أبوجا، وكان مقصد خليل هو القضاء على حركة ميناوي ليخلو له الجو وحده ولكن ايضا خاب مسعاه. ثم لما ذهب خليل الى مفاوضات الدوحة – قبل أشهر – أراد أن يفرض على الوسطاء ورعاة المفاوضات والجانب الحكومي ألا يجلس غيره من الحركات الدارفورية المسلحة على طاولة التفاوض، وكان واضحاً أن الرجل يخلع على نفسه لقب (البطل الأوحد) ولكن أحداً لم يأخذ ما قاله على محمل الجد لأن الأمر لا يتم على هذا النحو. هذا الموقف، ومع اقتراب المفاوضات، ووضع سقف زمني لها (ابريل المقبل)، واقتراب الاستحقاق الانتخابي بما قد يغير الوضع ويضفي شرعية اضافية أقوى للسلطة التي يقاتلها خليل يستشعر معها رفقاؤه في الحركة فشلاً ذريعاً سوف يحيق بهم فحركتهم غير موجودة ميدانياً بما يمنحها وزناً سياسياً كبيراً، وقد تخلت عنها الجارة الداعمة لها تشاد مؤخراً وعملياً ليس بوسع الحركة القيام بعمل عسكري يهز أركان السلطة في الخرطوم. كل هذه المعطيات مجتمعة، جعلت من حركة خليل والقريبون منه، موقداً قابل للانفجار الداخلي حيث يشعر كل قائد أن الامور لن تمضي الى ما يريد ويشتهي، ويتحسر البعض – وان كان بعد فوات الأوان – على غياب وابتعاد القادة الذين ابعدوا، وينظر البعض الى المستقبل بقلوب واجفة وعينين زائغتين فالسياسة عمل خطير ذو حدين ومشكلة حركة خليل لم تضع ذلك في حسبانها!!