إعتقد الدكتور خليل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة الدارفورية الذي وقع اتفاقاً اطارياً عاماً مع الحكومة السودانية في العاصمة القطرية الدوحة مؤخراً أن مجرد وضع توقيعه على ورقة ان هذه علة سياسية دارفورية أسهمت ولا تزال تسهم في افساد العمل السياسي السلمي في الإقليم. فالدكتور خليل اشترط أن يكون (المفاوض الاوحد) وأن من يريد التفاوض من بقية الحركات الدارفورية المسلحة عليه أن (يلتحق) بالحركة أو أن ينضم تحت جناحها. وبالطبع ما من شك أن د. خليل الذي يعتقد ويأنس في نفسه الكفاءة لتمثيل الاقليم وفرض سلطانه عليه على غرار ما فعلته الحركة الشعبية في جنوب السودان، كان من الممكن أن تتحقق (أمنيته السياسية) هذه لو أنه امتلك القوة السياسية (بالمنطق والاقناع) وليس بالعنف وقوة السالح للعمل على توحيد الحركات الدارفورية المسلحة فقد كان متاحاً أمامه ذلك طوال سنوات تمرده الطويلة التي أضاعها وأهدرها في مغامرات اعلامية خاطفة لم تسمنه ولم تغنيه من جوع! ولقد رأينا كيف انبرى خليل في مقاتلة بني جلدته في حركة ميناوي ليس لقضية سامية ولكن فقط للقضاء عليهم ليخلو له الجو، مع أن بامكانه – ان كان بهذا السلطان والحكمة – أن يمارس السياسة والاقناع في حمل هذه الحركات المسلحة لتكون تحت امرته، وطالما أن الرجل اخفق فإن هذا ما ينبغي أن يكون قضية يضعها على طاولة التفاوض، فهو مجرد طرف مفاوض وهذا لا يمنحه الحق في التدخل في اختيار بقية الاطراف خاصة وأن الرجل يعلم بالتعدد الاثني في الاقليم وضرورة مراعاته في العمل السياسي. اننا نتمنى مثلما يتمنى خليل أن تتوحد الحركات الدارفورية المسلحة على الاقل لاغراض المفاوضات، ولكن الامنيات في العمل السياسي لا تصلح للبناء عليها، ويخطئ د. خليل اذا مضى باتجاه اقصاء الحركات المسلحة الاخرى بزعم أنه الأوقى والأوحد فهذا ليس من السياسية والكياسة في شئ، بل على العكس سوف يبدو بهذا الموقف ممارساً للديكتاتورية وهو الباحث عن التحول الديمقراطي والحريات. كما أنه – بهذا السلوك – بعث خوفاً له معقوليته في نفوس بقية الحركات المسلحة – حتى ولو لم يكن لبعضها وزن سياسي – في أنه سوف يسيطر عليها ويمنعها من الممارسة السياسية حالما يتسنى له الامساك بأي قدر من السلطة في الاقليم ليعيد نشر ذات الثقافة السيئة التي نشرتها الحركة الشعبية في الجنوب السوداني. ان الاتفاق الاطاري الذي وقعه خليل هو بداية لعمل سياسي ومجهود مطول لا مجال فيه للبحث عن (جوائز) او غنائم منذ الوهلة الأولى ولئن ابتهج البعض بالاتفاق وقال البعض ان حركة خليل مؤثرة فهذا لا يصادر حقوق بعض الحركات الأخرى لو كان الامر يتعلق بممارسة ديمقراطية وما من شك أن الباب مفتوح للدكتور خليل للجلوس مع رفاقه في الحركات الأخرى واقناعهم بالتوحد في جسم واحد بما في ذلك حركة ميناوي، هذا أمر اذا نجح فيه فهو يستحق ما يتمناه ويوفر عناءً للمفاوض الحكومي والوسطاء، أما وأن يجعل منه مدخل لعرقلة واعاقة فهذا ما يرفضه المنطق والوجدان السياسي السليم!