من المقرر أن تكون ممثلة الأمين العام للأمم المتحدةبجنوب السودان (هيلدا جونسون) قد وصلت الى العاصمة السودانية الخرطوم - الأربعاء - فى إطار مهمة تزمع القيام بها تهدف الى محاولة إصلاح علاقات السودان ودولة جنوب السودان التى تشهد تدهوراً ملحوظاً إثر قيام قوات الجيش الشعبي التابع لدولة جنوب السودان بشنّ هجمات مؤخراً داخل الأراضي السودانية . جونسون بحسب ما توفر من أنباء فى العاصمة السودانية الخرطوم، لا تحمل مقترحات محددة، ولكنها تسعي لالتقاء رؤساء البلدين كل على حدا فى الخرطوموجوبا أملاً فى إذابة تلال الجليد التى تكونت بين البلدين وصارت الأمور تمضي بإتجاه أزمة قد تفضي الى مواجهة شاملة يتوجس منها الكثيرون. ويأتي هذا الجهد الدولي فى ظل تعقيدات بالغة باتت هى السمة الغالبة فى علاقات الخرطوم و جوبا، لم تقف عند حدود إنهيار كل جولات التفاوض الخاصة بالقضايا العالقة ولكنها وصلت الى حد المواجهة العسكرية، وتشير متابعات (سودان سفاري) فى هذا الصدد الى أن الأممالمتحدة تبدو شديدة التخوف من وصول الازمة الى مرحلة اللاعودة وانفجار الأوضاع، خاصة وان السودان كان قد دفع بشكوي رسمية الى مجلس الأمن يشتكي فيها من اعتداء جوبا علي أراضي سودانية لم تكن هى الشكوي الأولي ولا يُعتقد أنها ستكون الأخيرة. ومن المحتمل أن يكون تحرك المنظمة الدولية بإيعاز من جهات وقوي دولية تسبب سلوك حكومة جنوب السودان فى إحراجها لأن من شأن نظر الشكوي السودانية الإفضاء الى إدانة جوبا فى ظل وجود أدلة كافية لا يتطرق إليها الشك بأن جوبا بالفعل اعتدت، وتكررت اعتداءاتها العسكرية على السودان. كما يأتي هذا التطور فى ظل أنباء حصلت عليها (سودان سفاري) من مدينة كادوقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان تشير الى أن الجيش السوداني تمكن من دحر الهجوم على بحيرة الأبيض وأنه استطاع تدمير عدد من الآليات العسكرية والعربات المستخدمة فى الهجوم، وهو ما يشير الى أن الجيش السوداني يحوز على أدلة الآن أكثر إثباتاً وموثوقية حيال هذا الاعتداء، الأمر الذى من شأنه أن يقلب المعادلة رأساً على عقب بحيث تلحق الهزيمة بالجيش الجنوبي المعتدي، وفى ذات الوقت تثبت إدانة حكومة جنوب السودان كونها هى المبادرة والبادئة بالعدوان. ولا يُعتقد الآن ان الخرطوم سوف تتسامح هذه المرة مع جوبا كما سبق لها وأن تسامحت مراراً ؛ ذلك أن مربط الفرس هنا- كما قالت ل(سفاري) مصادر سياسية مطلعة فى الخرطوم – هو أن جوبا استمرأت العدوان على السودان ظناً منها أن السودان لديه ما يشغله وأنه غير قادر على الرد، وأن ذلك قد يجعله يضعف ويستجيب للضغوط. والأدهى من ذلك – يقول المصدر السياسي المطلع – باتت تعبث بأمن السودان وتستخدم أسلحة إسرائيلية، حتى توحي لمتمردي جنوب كردفان وبعض متمرد دارفور أن العامل الإسرائيلي موجود داخل العمق السوداني وأنّ هذا بمثابة اختراق للأمن القومي السوداني بصورة مريعة. ومصداقاً لهذا الواقع فقد ثبت بالفعل أن الجيش الشعبي استخدم فى هجومه دبابات إسرائيلية. وعلى العموم فإن مهمة جونسون على أية حال ربما كانت أكثر صعوبة وتعقيداً على الجانب الجنوبي، إذ أن الجانب السوداني يحتفظ بكل أوراقه مرتبة ومبوّبة بعناية وينتظر فقط حواراً جاداً، وتفاوضاً أمنياً مُخلِصاً.