الأسبوع الماضي كان حافلاً جداً بالنسبة للأوضاع في إقليم دارفور. فعلاوة علي إقرار الولاياتالمتحدة صراحة بتحسن الأوضاع هناك وتأكيدها علي لسان مبعوثيها الخاص بدارفور أن الأوضاع قد طرأ عليها تحسن غير مسبوق, فأن صحيفة النيويورك تاميز في عددها الصادر – الاثنين- منتصف الأسبوع الماضي قالت أن أكثر من (100) ألف لاجئ دارفوري غادروا معسكرات اللجؤ التي قضوا فيها قرابة العشرة أعوام وعادوا الي مناطقهم وقراهم ومدنهم. وأشارت النيويورك تاميز الي ما أسمته انقضاء الصراع في الإقليم عازية أسباب ذلك الي الاتفاق السلمي الذي وقعته الحكومة السودانية مع تشاد وأنشأت قوات مشتركة علي أساسه تقوم بهمة مراقبة الحدود والسيطرة علي الأوضاع لهذا بالإضافة الي مقتل القذافي- بحسب الصحيفة – الذي كان له الدور الأكبر في تأجيج الصراع في الإقليم. من المؤكد أن هذا التطور علي صعيد تحسن الأوضاع في دارفور قد انعكس إيجاباً علي المعطيات الحالية في السودان. صحيح أن البعض ربما تنتابه مخاوف من أن هذا الإقرار الأمريكي بتحسن الأوضاع في دارفور والذي بدأ يصل درجة المطالبة بتقليص قوات البعثة المشتركة العاملة في مهمة حفظ السلام هناك (اليوناميد) ما هو إلا "طعم" – إذا جاز التعبير – لتوجه الأنظار باتجاه ناحية أخري في السودان هي علي الأرجح جنوب كردفان والنيل الأزرق. وصحيح أيضاً أن الأمريكيين لم يعرف عنهم منح أي منحه سياسية مجاناً إذ من المؤكد أن هنالك (ثمن) لهذه الشهادات الامريكية كل ذلك صحيح ولكن بالمقابل فإن هذا في حقيقته بمثابة أمر واقع لم تكن واشنطن أو غيرها يملكون القول بغيرة, فالأوضاع في دارفور تحسنت بدرجة كبيرة جداً بحيث تصعب مداراتها ولهذا فإن من الضروري هنا أن نبحث بشئ من التفصيل الآثار الايجابية لهذا الإقرار الدولي بتحسن الأوضاع في دارفور. أولاً: من المهم أن يولي المجتمع الدولي عناية فائقة ومخصوصة للأوضاع الخدمية والتنموية في دارفور فطالما أن الأوضاع تتحسن فإن أفضل طريقة لاستدامة هذا التحسن هي بإغراق الإقليم بمشاريع تنموية لتكون مانعاً من التمرد وجسراً نحو الاستقرار, وكما ظل المجتمع الدولي يلعب ويتلاعب بما كان يجري في دارفور واستفاد البعض من هذه البروبغاندا (الدعاية) فإن المطلوب (تكفيراً) عن هذا السلوك الدعائي تقديم دعم تنموي يسهم في خلق استقرار. ثانياً: من الأفضل أن يتغاضي المجتمع الدولي – لدواعي المحافظة علي الاستقرار وما تم من أمن – عن قضية العدالة الدولية ليس بدافع الإفلات عن العقاب, ولكن لأن الأعراف الدارفورية والثقافة المحلية العرفية هي الأقدر علي المعالجة الصحيحة التي لا يترتب عليها أي خلاف لاحق. ثالثاً: ضرورة اعتبار الحركات الدارفورية المسلحة – في ظل هذا الوضع – حركات خارجة علي القانون ومن شأن التساهل معها دولياً أطالة أحد الصراع والقضاء علي أي أمل في استقرار المنطقة التي صرف المجتمع الدولي علي استقرارها مئات الملايين من الدولارات حتي الآن. رابعاً: وأخيراً فإن من الضروري بمكان الضغط علي الحكومة جنوب السودان لكلف عن دعم الحركات المسلحة في دارفور وذلك لأن من شأن هذا المسلك أن يتسبب في تفجير الأوضاع في حدود البلدين وهو أمر سبق وأن جربته كل من تشاد واريتريا وعانت منه الأمرين واضطرت في نهاية المطاف لكلف عن الدعم!