قبل انفصال الجنوب في يوليو الماضي أدركت الادارة الاقتصادية أن الفترة المقبلة سوف تتطلب اعادة التوازن في الاقتصاد الوطني من خلال ايجاد معالجات حقيقية للموارد خاصة وان الانتخابات التي جرت قبل الانفصال أعطت مؤشرات بان الجنوب سوف يختار الانفصال واتجهت الدولة لإيجاد طريق لسد الفجوة التي سيحدثها خروج النفط ووضعت البرنامج الاسعافي الثلاثي الذي يهدف لتحقيق واستدامة الاستقرار الاقتصادي وتأكيد الاعتماد على سياسة التحرير الاقتصادي كمنهج للسياسة الاقتصادية ويعمل على استعادة التوازن في القطاع الخارجي وتحقيق استدامة الاقتصاد ومحاصرة عوامل تدني مستوى المعيشة للقطاعات والشرائح الاجتماعية الضعيفة ومحاربة انتشار بؤر الفقر وإعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة ومحاصرة العجز الكلي وزيادة الجهد المالي والضريبي للدولة على المستويين الاتحادي والولائي. كما يهدف البرنامج إلى ترشيد الانفاق الجاري والإنفاق على مشروعات التنمية القومية وتحريك واستغلال طاقات القطاعات الإنتاجية لسد الفجوة في السلع الرئيسية وتفعيل الاكتفاء الذاتي من السلع الضرورية بتوجيه النهضة الزراعية للاهتمام بالسلع الثمانية المستهدفة ولإنزال البرنامج الاسعافي على أرض الواقع خاصة بعد مرور شهرين من بدء تحديد بداية تطبيق البرنامج نظم المؤتمر الوطني الامانة الاقتصادية لقاء تفاكريا حول دور الولايات في تنفيذ البرنامج الاقتصادي الاسعافي الثلاثي بمشاركة ولايات السودان المختلفة واستعرض وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود مجريات الوضع الاقتصادي بعد الانفصال وقال إن نصيب السودان (الشمال ) قبل الانفصال كان يساوي (44) مليون برميل في العام اي بعائد (4,4) مليارات دولار في العام وأشار الى أن التأثير كان مباشرا على ميزان المدفوعات مشيرا الى أن ذلك أدى الى حدوث اختلالات في الاقتصاد وقال ان البرنامج الاسعافي الذي وضع لمعالجة هذه الاختلالات يسعى لاحداث الاستقرار في المؤشرات الكلية للاقتصاد عبر استهداف ثماني سلع أساسية ، أربع سلع للصادر ومثلها للوارد اي بمعنى تمزيق فواتير واردات تلك السلع والمتمثلة في السكر والزيوت والقمح والأدوية والاتجاه الى تصدير سلع الصمغ العربي والقطن والذهب و ان فجوة السكر تصل الى (300) الف طن يتم استيرادها بالسعر الرسمي ويتم استيراد (2 ) مليون طن من القمح وهنالك فجوة بنسبة (25%) في زيوت الطعام وزاد قائلا : ان الدولة تستورد من البترول(الجازولين ) بما يعادل( 120 ) مليون دولار مقابل تصدير البنزين ، وأشار الى الاتجاه لاحلال الواردات مع التركيز على محصول القطن مشيرا للاتجاه لرفع المساحة المزروعة الى( 800 ) الف فدان والذي يتوقع توفير عائد قدرة( 300) مليون دولار .. وقال ان الدولة ماضية لزيادة انتاج اللحوم الحمراء والبيضاء في ظل انفتاح الاسواق الخارجية على السودان خاصة السوق المصري والسعودي. وقال ان هنالك استيرادا بنسبة( 60% ) من الادوية مشيرا الى الجهود المبذولة لتمزيق فاتورة الاستيراد بتوفير مصانع الادوية قائلا : نحتاج للتركيز في قطاع الادوية لاحداث تطور في الاكتفاء الذاتي. وكشف د.عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم عن بدء ولايته في تنفيذ البرنامج الاسعافي وأعلن عن اكتمال افتتاح( 26 ) مشروعا تنمويا انتاجيا بالولاية وتوقع ان تبدأ عمليات الافتتاح لهذه المشاريع اعتبارا من نهاية هذا الشهر وقال إن هذه المشروعات الجاهزة والمشروعات المقبلة تأتي في اطار تنفيذ الولاية للبرنامج الاسعافي ، وأكد اهتمام الولاية بالتوسع في انتاج مزارع الدواجن عبر محفظة منتجي الدواجن. وقدم الماحي خلف الله - الامين الاقتصادي بالمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم - ورقة حول دور الولاية في تنفيذ البرنامج الاسعافي ، وقال : ان ولاية الخرطوم تعتبر الولاية الام ويقع عليها عبء اكبر في تنفيذ البرنامج الثلاثي وان اكبر التحديات التى تواجهنا تتمثل في ايجاد طرق ووسائل لتنفيذ البرنامج ، وقال ان الفترة الاخيرة شهدت نقلة حقيقية لاقتصاد الولاية بسبب عمليات التخطيط واعادة التشكيل وهذه التحولات انعكست على الولاية الا انه قال ان الارتفاع المستمر للسلع خاصة الغذائية اثر سلبا على خيارات المستهلكين وبالتالي على المستوى المعيشي للسكان ودخل الفرد الذي لا يتجاوز( 130) الف جنيه في العام بسبب الانفصال .. وأشار الى سعي الولاية لجذب المشروعات من خلال اجازة قانون الاستثمار الجديد للولاية وتخصيص مفوضية للاستثمار. وقال عدد من وزراء المالية بالولايات وممثلي ولاة الولايات وممثلي المؤتمر الوطني والخبراء الاقتصاديين ان البرنامج الاسعافي يعتبر المخرج الوحيد لمعالجة التحديات الاقتصادية بالبلاد وتعهد وزراء المالية بتنفيذ ما عليهم من التزامات. وقال شرف الدين هجو نائب والي ولاية سنار ان الامانة الاقتصادية بالولاية بدأت تجميع رؤية الولايات ودور الولايات قائلا : بدأنا من خلال تجميع الرؤى في تنفيذ البرنامج ورتبنا الاولويات.وقال الضو الماحي والي ولاية القضارف بالانابة ان الولاية شرعت في التوسع في العمليات الانتاجية مع التركيز على تقليل الصرف الحكومي والاستفادة من الموارد في زيادة الانتاجية وطالب المركز بضرورة منح الحوافز للمصدرين لتشجيع الصادر. وقال مدثر عبد الغني وزير المالية بنهر النيل ان الولاية بدأت في تطبيق البرنامج عى ارض الواقع من خلال تحريك الطاقات المتعطلة وتسهيل الاجراءات للمستثمرين وتوفير البنيات التحتية الى جانب تفعيل دور القطاع الخاص مشيرا الى ان الولايات بدأت في التسابق لتطبيق البرنامج الاسعافي. وقال علي آدم عليان ممثل المؤتمر الوطني بالنيل الابيض ان البرنامج الاسعافي يتطلب تكثيف وتوجيه الاعلام عليه ، وقال آدم محمد آدم وزير المالية بجنوب دارفور ان الولاية لديها آمال عراض للاستفادة من البرنامج الاسعافي لتحريك القطاعات التقليدية واصفا البرنامج الثلاثي بالفرصة الكبيرة للاستفادة من امكانيات موارد الولايات .. وقال صلاح عمسيب وزير المالية بالولاية الشمالية ان الولاية بها امكانيات وموارد ضخمة لم تستغل قائلا : نأمل من خلال تطبيق البرنامج الاستفادة من كل امكانيات الولاية وجذب الاستثمار. وقال صديق الطيب وزير المالية بولاية الجزيرة ان ولاية الجزيرة تعتبر من الولايات التي تتمتع بموارد كبيرة اذا استغلت يمكن ان تعالج الفجوة في الاقتصاد قائلا : الجزيرة تعتبر رأس الرمح في احلال الواردات ودعا الباحث الاقتصادي د. محمد الناير الى ضرورة ان ينظر ولاة الولايات الى ان المخرج الرئيسي الاستفادة من الامكانيات والموارد المتاحة لديهم والاتجاه الى استغلالها وتسهيل الاجراءات للصادرات . نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 8/3/2021م