بعد توقف امتد لفترة غير قصيرة تستأنف، يوم بعد غداٍ الثلاثاء جولة جديدة من المباحثات بين السودان ودولة جنوب السودان بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا وتحت مظلة الآلية الأفريقية رفيعة المستوي بقيادة الرئيس السابق تامبو أمبيكي وتأتي الجولة في أعقاب قرار أصدره مجلس الأمن بالرقم 2046، وعلي خلفية ارتفاع حدة التوتر بين الخرطوموجوبا والتي وصل سقفها الأعلى الدخول في حرب مباشرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الجيش الشعبي في منطقة هجليج السودانية النفطية بعد أن أقدمت دولة الجنوب في خطوة وصفتها الأطراف الدولية بأنها خرقاء ووجدت الشجب والإدانة من كل الأسر الدولية. ويدخل الطرفان السوداني والجنوب سوداني أيضاً هذه المرة الجولة. وقرار مجلس الأمن الدولي قد وضع قيوداً زمنية محددة طالب الطرفين بالتقيد بها ولوح بأن عقوبات رادعة ستطال الطرفين أو أحدهما إذا أبديا نوعاً من التلكؤ وعدم الجدية وتحديد التوقيت الزمني والذي يصادف يوم بعد غد الثلاثاء تم بعد جولات مكوكية قامت بها الآلية الأفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي وبرفقته كل معاونيه انخرط خلالها في محادثات شاب بعضها السرية والآخر تم الإفصاح عن بعض نتائجه في كل من الخرطوموجوبا حيث التقت الآلية في الخرطوم بكل الأطراف المعنية بملف التفاوض واختتمتا بلقاء مهم مع الرئيس البشير ذهابا وإيابا من جوبا أعلن من خلاله امبيكي موافقة الطرفين علي استئناف جولة جديدة من المباحثات في مسار العمل علي تسوية الملفات الشائكة والعالقة بين البلدين والمتبقية من اتفاق السلام الشامل. وقد أعلنت دولة الجنوب عبر كبير مفاوضيها هي الأخرى استعدادها للانخراط في المفاوضات وأردف أمبيكي مباحثاته بمكتوب رسمي دفع به أمس الأول إلي كل من الخرطوموجوبا جدد عبره الطلب للقيادة في البلدين بتجهيز وفديهما المفاوض للحضور إلي أديس أبابا في التاسع والعشرين من الشهر الجاري بغرض تحديد الأجندة التي سيتم علي أساسها التفاوض ووضع قرار مجلس الأمن الدولي لخارطة الطريق موضع التنفيذ .وقال امبيكى في طلبه أن الوفود يجب أن تكون على كامل الجاهزية عند الطلب .وتفيد معلومات (الرأى العام) أن وفد السودان سيضم ذات الأعضاء السابقين ويتوقع لن يتوجه إلى أديس أبابا فجر الثلاثاء ، وأشارت المصادر إلى انه يتوقع أن يضم الوفد إلى جانب الأعضاء الذين يترأسهم إدريس عبد القادر وزير الدفاع الفريق أول عبدا لرحيم محمد حسين وتشير المعلومات إلى إن اجتماعا ربما يتم تحت مظلة الآلية الأفريقية بين وزيري الدفاع لتحديد الأجندة الأمنية والعسكرية التي تعتبرها الخرطوم أولوية قصوى ومدخلا أساسيا للولوج للملفات الأخرى المتبقية ، وتأتى المعلومات بشان عقد الاجتماع المهم بين وزيرى الدفاع بأديس أبابا في ظل مساعي أخرى من قبل الآلية الأفريقية تتعلق بالبحث عن تحديد مسار جديد للمفاوضات . وتقول المصادر أن الآلية بصدد إيجاد مخرج يشكل قاسما مشتركا بين اشتراطات الحكومة السودانية التي تطالب عبرها بان يكون الملف الأمني المتعلق بالمناطق الحدودية وإيواء الحركات المعارضة وغيرها من مشكلات أمنية أولوية قصوى للحل أولا يفسح حسمه المجال واسعا أمام كل الملفات الأخرى ، في حين أبدت دولة الجنوب مخاوفها للآلية من أن التفاوض بشان القضايا الأمنية قد يستغرق وقتا طويلا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن مخاوف جوبا تأتى انعكاسا للأوضاع الاقتصادية الحرجة التي وضعت حكومة الجنوب نفسها فيها ، فقد كان لقرارها غير المدروس لإغلاق خط النفط الناقل لبترولها عبر الشمال والذي يشكل 98%من مجمل دخلها القومي وعمق من سوء أوضاعها الاقتصادية الخطوة غير محسوبة العواقب التي قامت بها لاحتلالها لمنطقة هجليج وما أعقب ذلك من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. إذا دولة الجنوب تتحسب وضعها الاقتصادي الحرج وهى تمضى باتجاه الدولة الجديدة فيما يبدى السودان تمسكا موضوعيا بأنه في غياب تسوية القضايا الأمنية العالقة والشائكة يبدو أن الدخول في تسوية لأي ملف آخر حرث في البحر, وطبقا لمصادر عليمة فان الآلية تسعى حاليا لإيجاد مخرج ثالث وسط يأخذ في الاعتبار الرؤية السودانية في أولوية الحل للملف الأمني وفى ذات الوقت يبدد مخاوف دولة الجنوب ذات الاقتصاد الحرج وذلك بان توضع صيغة جديدة للتفاوض تجعل مسار المباحثات في الملف الأمني يمضى بتوازي مع ملف القضايا الأخرى , ويأتي كل ذلك أيضا وحكومة السودان قد ألمحت وفقا لبعض المصادر من أنها ستفاوض هذه المرة عبر لجان متخصصة في كل الملفات وان الأمر لن يترك للجنة السياسية كما كان في السابق . ومابين مخاوف جوبا الاقتصادية ومخاوف الخرطوم الأمنية يبقى سيف العقوبات الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي الأخير وفى ظل ظروف زمنية محدده مسلطا على الطرفين هذه المرة في جولة المباحثات المرتقبة , فهل يمكن أن يكون الوضع الجديد دافعا لطي ملفات الخلافات نهائيا ؟. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 27/5/2012م