فصلت الدائرة التي كونها رئيس القضاء السوداني بالمحكمة القومية العليا السودانية في طعون المرشحين ظهيرة الاثنين من الاسبوع المنصرم توطئة للانتقال الي المرحلة التالية من مراحل الاستحقاق الانتخابي الوشيك في السودان وهي مرحلة الحملات الانتخابية التي تبدأ في مستهل هذا الأسبوع. القرارات التي أصدرتها الدائرة المختصة بالمحكمة العليا السودانية أرضت الجميع- الطاعنين والمطعون ضده- لا لشئ سوي لأنها وكالعهد بالقضاء السوداني وقضاته ذوي الخبرة غير المنكورة جاءت عادلة ومهنية بالدرجة الأولي وطبقت القانون بتفسير موضوعي متوازن اذ أن المحكمة علي سبيل المثال أعادت قبول ترشيح كل من الدكتور فاطمة عبد المحمود المرشحة الرئاسية عن حزب الاتحاد الاشتراكي السوداني وهي المرأة الوحيدة التي دخلت حلبة التنافس علي الكرسي الرئاسي وأعادت المحكمة أيضاً قبول ترشيح منير شيخ الدين عن الحزب الديمقراطي بعد أن كانت مفوضية الانتخابات قد رفضت قبول ترشيحها استناداً الي نقص في الشروط وعدم استيفاء لها. من جانب اخر، رفضت المحكمة طعون قدمها الدكتور لام أكول زعيم التغيير الديمقراطي والمنافس الاوحد للفريق سلفاكير ميارديت زعيم الحركة الشعبية علي رئاسة حكومة الجنوب والتي تضمنت طعناً في احتفاظ الفريق كير بصفته العسكرية ورفضت المحكمة الطعن وقضت بصحة ترشيح الفريق كير بصرف النظر عما اذا كان لا يزال يحتفظ بمنصبه العسكري كقائد عام للجيش الشعبي أم لا وأضافت المحكمة في حيثيات قرارها الي أن الصفة العسكرية لا تعتبر حائلاً دون الترشح فقانون الانتخابات بحسب المحكمة ليس فيه نصاً يحول دون ترشيح ذوي الصفات العسكرية وأن النص المانع موجود في قانون الاحزاب وليس قانون الانتخابات وكان الأمر الجدير بالاهتمام والملاحظة في هذه القرارات القضائية أن عنصر الكسب والخسارة فيها بالنسبة للاطراف قد انتفي تماماً اذ أن الجميع أشاد بقرارات المحكمة وأوجدت ارتباطاً عاماً كونها أعادت التأكيد علي حيدية السلطة القضائية ونزاهتها ولعل هذا بالضبط ما رمينا للاشارة اليه ها هنا، اذ أن القضاء السوداني الذي يتولي جانباً من عملية الاستحقاق الانتخابي بفصله في الطعون وتفسير قوانين الانتخابات يمثل الان حجر الزاوية كاحدي أهم ضمانات نزاهة العملية الأمر الذي يعزز من صفته المهنية المحايدة، اذ أن هذا القضاء لاقي ظلماً غير مسبوق حين دفعه البعض بعدم الحيدية والنزاهة حتي وصل الامر الي درجة تدخل القضاء الدولي في سيادة السودان في محاولة منه لمحاكمة مسئولين سودانيين بمزاعم عدم قيام القضاء السوداني بواجبه في هذا الصدد، بل ان السيد مبارك الفاضل الناقم علي كل ما هو حوله والمتعطش للسلطه ولم يجد لها سبيلاً انتاش بسهام نقد جارحة القضاء السوداني ممثلاً في المحكمة الدستورية ووصفها بأوصاف لا يليق بسياسي سوداني وطني حقيقي أن يطلقها وربما أراد القدر أن ياتي الرد علي السيد مبارك الفاضل من تلقاء المحكمة القومية العليا اذ أنه رأي وشهد كيف فصلت بنزاهة وحيدة متجردة في الطعون وبحيثيات وأسباب شديدة الوضوح ولا تحتاج الي أدني شرح!!