أقامت أمانة الطلاب بالمؤتمر الوطني دائرة التعبئة السياسية والإعلام أمس الثلاثاء ندوة بعنوان ( علاقة السودان مع دول الجوار مصر والسودان نموذجا) تحدث فيها وزير المجلس الأعلى بالإستثمار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وأمينة العلاقات الخارجية بحزب الأمة القومي الدكتورة مريم الصادق، والقيادي بالاتحادي الديمقراطي الأصل الدكتور علي السيد، والسفير الأثيوبي بالخرطوم، ورأى بعض المتحدثين أنه لابد من توافق وطني داخلي أولا قبل الحديث عن علاقات خارجية، ورأى بعض آخر ضرورة إنفتاح السياسة الخارجية للسودان وعدم التمحور والاتجاه على دول بعينها على حساب أخرى. الجزء الخاص بالعلاقات السودانية مع مصر أظهر أن هذه العلاقات لن تطورا سريعا كما يتوقع كثيرون، حتى يتفق الداخل السودان على شكل لها وربما هذا يأخذ زمنا طويلا، وبالتأكيد سوف يؤثر على صاحب القرار في مصر فكيف يقيم علاقات متزنة مع الخرطوم في ظل هذا التبابين. السفير الأثيوبي بالخرطوم من جانبه فجر مجموعة من الحقائق حول رؤية بلاده لمياه النيل وضرورة التعاون بين دول الحوض حتى تعم المنفعة على الجميع، وتحدث عن مرارات في علاقة أثيوبيا بمصر وصفها بأن القاهرة لا تريد أن تستخدم أديس أبابا مياه النيل، وأن مصر تريد أن تأخذ كل المياه بمفردها، في الوقت نفسه أكد أن بلاده أرادت ألا تذهب في سياسات إستراتيجية أبعد للمياه قبل تحقيق الإستقرار في مصر، حديث السفير عكس كثيرا من معلومات مغلوطة وناقصة عن موقف مصر من مياه النيل مثلما هو الحال في مصر من معلومات أيضا ناقصة ومغلوطة عن سياسة أثيوبيا المائية، ويبدو أن السودان هو المعبر الوحيد الذي يمكنه تقريب هذه الهوة، بدلا من أن تستقطبه إحدى الدولتين ( مصر أو أثيوبيا) على الخرطوم أن تلعب دورا توافقيا لتقريب وجهات النظر بينهما في المرحلة المقبلة، فأثيوبيا التي تتخيل أن مصر تنوي بيع المياه لإسرائيل كما جاء على لسان السفير بالندوة لابد أن تصحح معلوماتها، كما أن مصر التي تتوهم أن أثيوبيا لديها علاقات مع تل أبيب ستنعكس على مياه النيل لابد أن تراجع معلوماتها هي الأخرى، السودان هنا هو حجر الزاوية والذي يملك المعلومة في أثيوبيا وفي مصر وعليه لعب دور في مستقبل المنطقة. تحدث الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل عن ضرورة سياسة خارجية للسودان تتوائم مع المتغيرات الحادثة بالمنطقة، وقال أن السياسة التي تنادي باتجاه واحد لا تصلح مع السودان الآن، مضيفا لا يجب تتبع سياسة نحو الشرق أو الغرب لابد من تعدد السياسات مع وجود مبادئ مصحوبة بالمصالح، ولفت إلى أن سياسة المحاور بأن يقف السودان مع ضد آخر لم تعد تصلح، مشيرا أن السودان في ظل جوار 7 دول لا يمكن أن يقوم على المحاور حتى يكون عنصرا للإستقرار والتنمية، وتابع بأن سياسة الإنكفاء على البيت الداخلي لا تصلح هي الأخرى، وقال أن السودان يريد رأسمال واستثمار وبالتالي أي سياسة للإنكفاء على الداخل ستجعله متخلفا، مؤكدا أن البلاد تحتاج إلى سياسة قائمة على الانفتاح وعلى المصالح المشتركة مع الحفاظ على قيم الشعب السوداني، وعلى تقوية القوى الذاتية العسكرية والإقتصادية والإستقرار السياسي والحكم حتى نستطيع أن نقول أنها القوى الذاتية التي يمتلكها السودان، منوها أنه لكي يبدأ السودان بعلاقات جيدة مع دول الجوار لابد أن يبدأ أولا بالأمن الصحي بتحقيق السلامة الصحية من الأمراض في السودان ودول جواره، وقال وكذلك تحقيق الأمن الغذائي مع كل من مصر وأثيوبيا في تكامل إقتصادي تملك أثيوبيا المياه ومصر القوى العاملة والسودان الموارد، وبعدها نوحد سياستنا الإقتصادية لتكون بداية لتكامل سياسي، وتوحيد أنظمة الحكم الموجودة، مضيفا وقتها سوف نتحدث عن حريات أربع واحدة وعملة وجنسية مزدوجة، مؤكدا أن التغيير الحاصل بالمنطقة سوف يساعد على ذلك. وقال رغم ماحدث من توتر في العلاقات مع أثيوبيا بعد حادثة إغتيال مبارك في عام 1995 إلا أننا استطعنا أن نحل مشاكلنا دون طرف ثالث، مؤكدا أن الإستقلالية الأثيوبية موجودة حتى بعد رحيل زيناوي وأن الإدارة الجديدةبأديس أبابا هي مستمرة في تلك السياسات متوقعا تطور العلاقات معها. وأكدت أمينة العلاقات الخارجية بحزب الأمة القومي الدكتورة مريم الصادق أنه لابد من ترتيب البيت السوداني من الداخل أولا حتى نتحدث عن علاقات خارجية، وقالت لا يمكن أن ندعي أن لدينا علاقات خارجية ولدينا خلخلة في أوضاعنا الداخلية، مضيفة رغم ماأعلن عن إتفاق مع دولة الجنوببأديس أبابا مؤخرا إلا أن الأمر لا يزال محل التنفيذ، وتابعت أن أولوياتنا في السودان عموما مصالحنا في التنمية والأمن الإقليمي، ولإستقرار الحكم لابد من ترتيب الأوضاع الداخلية وهذه مرجعية مهمة، مشيرة أن السودان يحتاج إلى قسم خاص لشمال وشرق أفريقيا، وأن تنطلق البلاد نحو التوازن، وقالت نحتاج إلى مؤتمر إقليمي للأمن حتى نتواثق على تعريف للجوار الحسن والتعاون حتى يكون هناك إلتزام لعدم التدخل في شئوننا الداخلية، وزادت نحتاج إلى نهج به شفافية، ولفتت إلى أن مصر بها تحول ديمقراطي أتى باستقطاب حاد يمكن أن يحدث مشكلة في تسير عمل الدولة بها، وأنه جزء من الديمقراطية، وقالت أن شكل العلاقات السودانية المصرية الآن يشكل مدخل لاستقطابات وتحقيق مكاسب سياسية يمكن تؤدي إلى تقديم أراضي السودان هبات لمصر، مؤكدة أن هناك حوجة لاستثمارات مشتركة وعلاقات قائمة على الحريات الأربع وكيف توسيعها لتشمل دول الجوار، وقالت لايجب الحديث عن مصر والسودان وليبيا فقط لابد أن يشمل ذلك دول شرق أفريقيا، وأشارت إلى أن العلاقات مع أثيوبيا تتعرض لمد وجذر وأنها موسمية وبها مجاملات، وقالت نحتاج إلى علاقات إستراتيجية مع أثيوبيا وتكاملية وبعدها يأتي البعد الإقليمي. واتفق القيادي البارز بالإتحادي الديمقراطي الأصل الدكتور علي السيد على ماذهبت اليه مريم من ضرورة حل المشاكل الداخلية للسودان أولا، مؤكدا أن العلاقات مع الدول تربطها المصالح، وقال تربطنا مصالح مشتركة مع أثيوبيا التي تملك المياه، ويملك السودان منفذها على البحر، مشددا على ضرورة تغيير السياسة المصرية القديمة تجاه السودان، وقال لابد أن تقوم على البعد الإقتصادي، منوها لو تعثرت مصالح السودان مع مصر سوف يتجه إلى الدول الأفريقية، مطالبا بضرورة سياسة جديدة لمصر الآن تجاه السودان ووضع إستراتيجية حقيقة تقوم على التعاون والإحترام، كما نادى بعلاقات جيدة مع جنوب السودان، وقال نريد ربيع عربي مختلف بالسودان ليس بالحرب ولكن بالحوار والاتفاق. من جانبه أكد السفير الأثيوبي بالخرطوم أن سياسة بلاده الخارجية تقوم على الأخذ والعطاء والشراكة، وأن أثيوبيا تؤمن بأن عدم استقرار السودان هو عدم إستقرار لها، وقال جربنا ذلك مع الصومال، وأن السودان شريك إستراتيجي لنا في منطقة القرن الأفريقي، وتسائل لماذا السودان هو الشريك الإستراتيجي الأول لأثيوبيا، وأجاب قائلا أولا لحجم السكان الكبير وكذلك المصادر الطبيعية ونريد أن تربطنا مصالح استراتيجية مع السودان، مضيفا نستخدم ميناء بوتسودان ونريد أن يتزايد الإستخدام، مؤكدا أن أثيوبيا تعتقد أن السودان سيلعب دورا بناءا في استقلالية مياه النيل، وقال نتحدث عن علاقات أثيوبية سودانية نموذجا في القرن الأفريقي، وعن العلاقات مع مصر قال أن الخلفية التاريخية تعتمد على مياه النيل، منوها أن المشكلة مع مصر في المياه تنبع في أن المصريين لزمن طويل يريدون إيقاف أثيوبيا من مياه النيل لأغراض الري، مشيرا أن إتفاقية 1959 بين مصر والسودان لن تقدم لأثيوبيا لترا واحدا، وأن السودان نفسه لم يجد مطالبه فيها، وقال أن هناك 8 دول تجاور مصر والسودان في حين أنهما يستوليان على 85% من المياه، وأن 75% من مياه السودان العادية تأتي من خارج الحدود، مضيفا أن المصريين يستخدمون المياه بصورة غير عادلة، مبينا أن سد أسوان معرض للتبخر ويفقد سنويا 10 بليون متر مكعب وهذه النسبة تعادل مياه نهر عطبرة، وقال أن المصريين أيضا حول مجرى النيل الطبيعي إلى شرق سيناء وتوشكا، وربما سيبيعوا المياه إلى إسرائيل، مؤكدا أن الخبراء يروا أن مصالح أثيوبيا ليست متعارضة مع مصر في المياه، وقال إذا عملوا على إصلاح البيئة فإن الفائدة ستكون لأثيوبيا ومصر، وإذا عولج تذبذب انسياب مياه النيل في السودان سيكون سالما من الفيضانات السنوية، وستجد جميع الدول كهرباء رخيصة، معلنا أن أثيوبيا ستبيع الكهرباء قريبا تبدأها ب 100 ميجاوات وبعدها بشهر واحد 200 ميجاوات، مؤكدا أن تعاون دول الحوض سيصب بالفائدة على الجميع، موضحا أن أثيوبيا بها أراض زراعية بمساحات صغيرة جدا، وأن ماتستخدمه في الري لا يتجاوز مليون هيكتار، مؤكدا أنه إذا عولجت المشكلات لن يكون هناك مشاكل بدول الحوض وأنه سيكون بها تنمية، وقال إن الترويج لعدم الإستقرار في أثيوبيا غير مفيد، ومصر تعمل ليل نهار حتى لا تستخدم أثيوبيا مياه النيل، لافتا أن السودان سيتأثر بهذا سلبا أو ايجابا، مطالبا بأن يلعب السودان دورا مهما في المنطقة، وتعرض لإتفاق عنتيبي، وقال إنتظرنا تشكيل الحكومة الجديدة بمصر لأننا نريد أن نحل هذه المشاكل وديا، مؤكدا أن بلاده لا تريد أن يشعر المصريون بأنها تسعى لعمل شئ وهي مازالت في مشكلة، وقال أن أثيوبيا الآن تبني سد كبير اسمه ( أباي) سيولد 6 آلاف ميجاوات من الكهرباء سنصدرها لدول الجوار ومصر، مضيفا نبني سدا آخر على النهر لكينيا والكينيون وافقوا عليه لتوليد الكهرباء أيضا، موضحا أن أثيوبيا شكلت لجنة فنية لتبحث هل هذه السدود ستؤثر على مصر أم لا. المصدر: موقع أفريقيا اليوم 3/10/2012م