العبارة أعلاه ليست من عندياتي ولكنها تمثل مصطلحاً جديداً استحدثته الإدارة الأمريكية وتحديداً بعض دوائرها المعنية بالشأن السوداني وقد ورد هذا المصطلح في ثنايا خبر أوردته إحدى صحف الخرطوم الصادرة أمس نقلاً عن الوكالات الدولية، يقول الخبر: "كشفت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) عن وجود تنسيق ودعم لحكومة الجنوب بغرض تحويلها من حركة لحكومة، وفيما أكدت دعمها لاستقرار السودان قطعت بأنها ستسعى ل(تقليل حدة الانفصال) إذا ما تم عبر الاستفتاء في عام 2011" وأضاف الخبر على لسان نائب القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا للشؤون المدنية أنتوني هولمز قوله: "إنه يعمل مع حكومة الجنوب بناء على طلب الإدارة الأمريكية". وما فات على الإدارة الأمريكية وقيادتها العسكرية في أفريقيا هو أن حدة الانفصال بل وأضراره البالغة على الجنوب أمر يصعب تداركه، هذا ما ذهب إليه أحد الأكاديميين المرموقين من أبناء الجنوب الدكتور واني تومبي في كتابه "الانفصال ومهددات الاستقرار في الجنوب" والذي قام بترجمته إلى اللغة العربية الأستاذ محمد الفاتح زيادة، يقول د. واني الأستاذ السابق في بعض الجامعات البريطانية محذراً شباب الجنوب خاصة من الآثار الحادة للانفصال (وعليه فإن المؤلف يذكر الشباب بأنه من الخطورة بمكان حل القضايا السياسية المعقدة مثل التهميش وغيره عبر الانفصال عن بقية أجزاء السودان، ونؤكد للشباب أنكم ستواجهون حرباً أهلية أخرى لمدة الأربعين سنة القادمة في الجنوب وبين الجنوبيين بعضهم البعض بسبب تهميش الجنوبيين لجنوبيين آخرين وهل حقاً أنتم راغبون في حرب أهلية مدمرة لمدة الأربعين سنة القادمة تنجم عن انفصالكم عن بقية أجزاء السودان، ولعمري فاني أحاول أن أبصركم بكل الصدق والصراحة عن المتوقع من كارثة الانفصال).. ويضيف في صفحة أخرى.. (وقد يرى البعض أن المؤلف يقدم نصائح ضارة لشباب الجنوب ولكني أرد على أمثال هؤلاء بأن نصائحي تظل أقل خطورة من الضرر والخطر الذي سيلحق بشباب الجنوب في ظل جنوب منفلت أميناً حيث يتحول الجنوب إلى آتون يستحيل التعامل معه أو العيش تحته). هذه هي رؤية أحد الأكاديميين المرموقين من أبناء الجنوب لما يمكن عليه حال الجنوب إذ تم الانفصال ولعل هذا التوقع لقتامة أوضاع ما بعد الانفصال هو الذي دعا الإدارة الأمريكية لابتداع مصطلحها الجديد (التقليل من حدة الانفصال) ولعلنا نعود مرة أخرى لاستعراض كتاب الدكتور واني تومبي عن (الانفصال ومهددات الاستقرار في الجنوب). نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 17/2/2010م