دافع مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون آسيا والمحيط الهادئ كورت كامبل، أخيرا، عن السياسة الجديدة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما القاضية ب "التمحور" حول آسيا، في مواجهة المنتقدين الذين يقولون إن هذا التحول خطابي بدرجة كبيرة، ويفتقر إلى برنامج أساسي لبناء القوة العسكرية الأميركية في تلك المنطقة. وقال كامبل خلال حوار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "أعتقد أن عملية إعادة التوازن هي، بمستوياتها الأساسية، تحتاج لبذل مجهود كبير سيستغرق سنوات كثيرة". رد فعل الصين وفي هذه الأثناء ، تصدت الصين أخيرا للإدارة الأميركية بخصوص سياسة التمحور حول آسيا. وقال مسؤول صيني خلال لقاء مع خبراء ومحللين أميركيين إن مسؤولا كبيراً في إدارة أوباما قال له إن التمحور الكامل حول آسيا يمكن التخلي عنه في منتصف الولاية الثانية للرئيس، مستشهداً بالمشكلات المستمرة في الشرق الأوسط، وبنقص دعم الكونغرس للرئيس الأميركي في هذا الشأن. وتعارض الصين سياسة التمحور الأميركية، التي وصفتها وسائل الإعلام الصينية الحكومية بأنها عمل سري للحد من الهيمنة الصينية المتزايدة في آسيا. ومن جهتهم، يقول منتقدو هذه السياسة ،التي تتسم بالضعف إلى الآن، إن إدارة أوباما ترفض قيادة عملية تعزيز الأمن في آسيا، وإن البنتاغون تقلص قواتها وترسانتها العسكرية بشكل كبير، ولن تكون بالتالي قادرة على تقديم ضمانات أمنية لأصدقائها وحلفائها. بالإضافة إلى ذلك، يقول بعض المنتقدين المحافظين لسياسة "التمحور حول آسيا" إن وكالات الاستخبارات الأميركية تعاني من "الإجماع في الرأي" حول الصين، الأمر الذي يمنع التقييمات الصادقة بشأن التهديد الذي يمثله الجيش الصيني، وجوانب أخرى في إطار عملية تحديث البلاد. وقال كامبل، بصورة دبلوماسية، إن ميزانيات المساعدات الأمريكية لآسيا زادت وأصبح الانخراط في المنطقة "اكثر بكثير من ذي قبل"، وكان هذا أساسا من خلال الزيارات عالية المستوى إلى الاجتماعات الإقليمية. وفي ما يخص الجيش الأميركي في آسيا، قال كامبل: "استطيع أن أرى بوضوح تام عزما قويا بين الجيل الجديد من الضباط للإقرار بالأهمية المتزايدة لمنطقة آسيا- المحيط الهادي". وأضاف: "المؤشرات الأولية تؤكد العزم على العمل في هذا الاتجاه" مستشهدا بالخطابات الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، وقائد الأركان المشتركة مارتن ديمبسي. وقال كامبل: "أعتقد أن الدفعات المقدمة قد تم تسديدها، وانا واثق من أن أميركا على الأقل تعي المخاطر وسوف تقوم بالاستثمارات الملائمة مع الوقت". إعادة تسمية لكن المسؤولين في مجال الدفاع الذين ينتقدون فشل الإدارة الأميركية في إجراء تعزيز عسكري أقوى في آسيا يقولون إن عملية "التمحور" ليست أكثر من إعادة تسمية لاستراتيجية "التحوط" الخاصة بوزير الدفاع الأسبق رونالد رامسفيلد، والمصممة لتعزيز القوة الأميركية في آسيا. ولقد تضمنت هذه الاستراتيجية نقل القوات البحرية إلى آسيا حيث أصبح ما مجموعه 60% منها في المنطقة. وكان إعلان وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، أخيرا، عن عملية نقل القوات قد بدا كما لو أنها سياسة جديدة كليا. وهناك أمثله حديثة عن مواقف أميركية أقل حزما نحو الصين، بما في ذلك رد الفعل الفاتر للإدارة على التهديدات الصينية تجاه اليابان حول مطالبة بكين بجزر سنكاكو. وبعد عدة أسابيع من الضغط من طوكيو، استحضرت الإدارة الأميركية أخيرا المعاهدة الدفاعية الأميركية- اليابانية لإعلام بكين أن أميركا ستدافع عن اليابان في أي مواجهة حول الجزر. وأخيرا، لم تعلق الإدارة على تهديد الصين بالبدء في الصعود على متن السفن وتفتيشها في المياه الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، التي تدعى أنها مناطق بحرية صينية. أما بالنسبة للتعزيزات العسكرية، فقد وهن الجهد أخيراً لبناء البنية التحتية على جزيرة "غوام" الأميركية. وفي أثناء ذلك، فإن الاكاديميين المؤيدين للصين ينبذون سياسة التمحور حول آسيا. ويقولون إن هدفها ليس حماية أصدقاء أميركا وحلفائها وحرية الملاحة في آسيا، بل مجرد مبادرة تجارية دبلوماسية من دون أي مكون عسكري يذكر، وهذا يعود لنفور الإدارة من اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة. عدم الجدية يجعل مفهوم "المعركة الجوية البحرية" الجديد للبنتاغون جزيرة "غوام" مركزا عسكريا استراتيجيا حيويا للعمليات في آسيا وأي مكان آخر، من خلال إضافة مزيد من السفن الحربية والغواصات والقاذفات الاستراتيجية والجنود. لكن تقوية المرافق الجوية والبحرية في تلك الجزيرة كانت عملية بطيئة. ويقول أحد المسؤولين العسكرين الأميركيين: "إذا لم تتمكن أميركا من جعل غوام قاعدة جوية وبحرية، فإنه لا يمكن أن يكون هناك "معركة جوية بحرية" بمفهوم البنتاغون". وسيجري نشر ما مجموعه ألفين من مشاة البحرية الأميركية في أستراليا، كما ستنشر أربع سفن قتالية ساحلية في سنغافورة. ويقول المحللون إن هذه الإجراءات لن تؤثر في الصين، فيما يقول مسؤول عسكري آخر: "إذا أرسلنا 10 سفن و20 ألف جندي من مشاة البحرية الأميركية، فإن هذا سوف يثير انتباههم". المصدر: البيان 17/12/2012م