أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده وخلافاً لأغلبية الدول الأخرى التي «تهتم» بالأزمة في سورية، تتحاور بشكل منتظم مع كل الأطراف المعنية بالأزمة بما فيها الحكومة وجميع أطراف المعارضة دون استثناء.. بينما أكد المندوب الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين أن موقف أميركا المعلن حول عدم قيامها بتسليح «المعارضة» في سورية لا يعفيها من المسؤولية بخصوص ما يجري وما تقوم به هذه المعارضة. وجدد لافروف تمسك روسيا بمسارها ورؤيتها للقضايا العالمية «رغم وجود من لا يتفق معها» مشدداً على وجوب تسوية أصعب القضايا في العالم بشكل جماعي وباحترام متبادل. ونقل موقع «روسيا اليوم» عن لافروف قوله في حديث للتلفزيون الروسي بمناسبة «يوم الدبلوماسي»: إن السياسة التي حددها وينتهجها الرئيس فلاديمير بوتين والتي ننفذها نحن تأتي بنتائج على الرغم من بعض الحلقات مثل الحلقة الليبية.. والعالم يستقبل سياستنا باحترام ويحترمنا لأننا لا نجري وراء «حالة السوق الحالية» بل ننظر إلى العالم بعيوننا مبدئياً مضيفاً: ربما هناك من لا يتفق مع هذه الرؤية ولكننا نستمر على مسارنا بشكل متتال. وأشار لافروف إلى أن العالم كان يعتقد أن روسيا خسرت العالم العربي بعد الأحداث المأساوية في ليبيا ولكن لم يحدث ذلك لأن كل شيء كان يقال في حالة انفعال وفي وضع ظهر فيه نوع من النشوة لثورة ستحل كل شيء الآن. وأكد لافروف أن الموقف الروسي من سورية وإيران يعتمد على تحليل الواقع وقال: نحن لا نخفيه بل نعرضه ومن الصعب معارضته من حيث المنطق الشكلي والبراغماتية. ونوه لافروف بالدبلوماسية الروسية والتعاطي الروسي مع قضايا المنطقة وقال: أقمنا اتصالات مع ممثلي المعارضة السورية وليس هناك معارض ممن تواصلوا مع موسكو لم يذكر أنه لا يرى مستقبل وطنه والمنطقة دون أن تشارك روسيا فيه بنشاط، مشيراً إلى أن البلدان والساسة يرغبون بالاحتفاظ باتصالات متعددة الاتجاهات وليس بنقطة استناد واحدة كي يضمنوا بذلك توازن القوى لأن الاعتماد على نقطة استناد واحدة لا يؤمن الاستقرار. وأضاف لافروف: استخلصنا درساً من ليبيا وهو ما تحدث عنه الرئيس بوتين مراراً فعندما أيدت روسيا والصين والهند القرار الأممي الأول بمنع إمدادات الأسلحة إلى ليبيا كان كل من فرنسا وقطر يتباهون علناً أنهم يزودون المعارضة بالسلاح ولم يستطع أحد الإجابة عن سؤالنا كيف يمكن تفسير كل ما يجري، مضيفاً: إن ذلك حدث مع اقتراب نهاية الدراما الليبية وهو درس كان مهماً إلى درجة كبيرة وأنا على قناعة أن شركاءنا الغربيين يتعلمونه من جديد الآن لأنه كما عرفنا أن ما يجري في سورية ومالي هو من الأصداء المباشرة للأحداث في ليبيا. وفي تحذير من مخاطر انتقال ما تشهده بعض الدول إلى دول أخرى نبه لافروف إلى أن الأمر قد يجتاح دولاً جكثيرة يتوجه إليها الشباب من مالي لبذل جهودهم حيث تم «زرع الرياح» على حد وصفه. وفي معرض تطرقه إلى الوضع في ليبيا ومالي قال لافروف: إن فرنسا تكافح في مالي من سلحتهم في ليبيا. وفي السياق ذاته لفت لافروف إلى الدور الروسي والأمريكي في حل القضايا على الساحة الدولية واستشهد بأقوال لنائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن خلال اللقاء الذي جمع بينهما في ميونيخ مؤخراً من أن روسياوالولاياتالمتحدة بصفتهما أكبر قوتين نوويتين تتحملان المسؤولية عن الأمن العالمي ونتيجة لذلك تتعاونان بصورة أو بأخرى في أي نزاع أو أزمة إقليمية مهمة، إضافة إلى أن موسكووواشنطن هما عاصمتان يلجأ إليهما المشاركون في أي نزاع، داعياً إلى تقدير مثل هذا الدور لروسيا. من جانبه قال تشوركين في لقاء مع قناة «روسيا اليوم»: إن الولاياتالمتحدة دولة ذات نفوذ هائل في دول مثل قطر التي تعد مصدراً رئيساً لإمداد المعارضة المسلحة بالأسلحة ومصدرا لدعمها.. ولو انتهجت واشنطن سياسة صارمة في هذا الشأن لاستطاعت استخدام تأثيرها على الدول التي تزود المعارضة السورية بالسلاح.. لذا فإن تصريحاتهم بأنهم غير متورطين في ذلك لا تبعد عنهم المسؤولية الكاملة عما يحدث في سورية وعما يصدر عن المعارضة المسلحة من تصرفات. وأضاف تشوركين: من المحتمل أن الولاياتالمتحدة بدأت تدرك قبل غيرها من حلفائنا الغربيين أن الأحداث تأخذ منعطفاً خطراً بعد أن اتضح أن السيناريو الأصلي أي الإطاحة بالقيادة السورية وانتصار الديمقراطية خلال شهرين غير واقعي وبعيد عن الوضع الحقيقي في البلاد. من جانبه أكد فلاديمير إيفانوفسكي السفير الروسي في تركيا أن بلاده تأمل ألا يجرى استخدام منظومات صواريخ باتريوت المنصوبة على الحدود التركية السورية لأهداف أخرى سوى الدفاع عن الأراضي التركية. وقال ايفانوفسكي في تصريح نشر في موسكو أمس: إن هناك سيناريوهات مختلفة تدور في الفضاء الإعلامي حول احتمالات استخدام منظومات باتريوت، موضحاً أن أحد أسباب ذلك يكمن في وجود شكوك معينة لدى المراقبين في الموقف المعقد الحالي ونحن لا نرغب في أن تتحقق هذه الشكوك ولا يجب استخدامها لأغراض أخرى سوى الدفاع عن الأراضي التركية. ورداً على سؤال حول رأي المجتمع التركي بموقف حكومته من سورية ونصب صواريخ باتريوت على الحدود بين البلدين قال إيفانوفسكي: إنني بوصفي سفيراً لروسيا أجد أنه من المعقد ومن غير المناسب التعليق على الأمزجة المجتمعية في البلد المضيف رغم أننا نرصد هذه الأمزجة بطبيعة الحال، مؤكداً أن طيف الآراء واسع جداً ومن الملاحظ بصورة خاصة الآراء الداعية إلى الإسراع بحل الأزمة في سورية بوسائل سلمية دون تدخل من الخارج.