أوشكت حركة د. خليل المرتبطة باتفاق إطاري مع الحكومة السودانية تم التوقيع عليه في 23 فبراير 2010، أن تفسد اتفاقها هذا إن لم تكن بالفعل قد أفسدته بسبب إتخاذها لمواقف بعيدة كل البعد عن روح الإتفاق. فقد أثارت الحركة موضوع وجود عدد من الحركات الدارفورية الأخرى المتمردة على ذات طاولة التفاوض، واعتبرت نفسها الأقوى والأكبر بحيث يمتنع على الحركات الأخرى (مشاركتها) في التفاوض!!، بمعنى أوضح فإن حركة د. خليل تطلب من الحكومة السودانية (دفن) الحركات الدارفورية المسلحة في رمال دارفور، وترك الساحة لها وحدها لتكون الحركة الوحيدة المتفاوضة والحركة الوحيدة – فيما بعد – التي تمثل الإقليم على غرار الحركة الشعبية في جنوب السودان. وبالطبع فإن المطلب غريب ولا يخلو من قدر من السذاجة السياسية ذلك أن أحداً لا يمكن أن يدّعي أنه الوحيد الذي يمثل أهل دارفور، وحتى لو أرادت الحركة أن تقول ذلك فإن عليها اثبات ذلك فعلياً اذ لا يصلح القول هنا في مثل هذه المواقف، وبالضرورة لا يمكن لعاقل مهما بلغت به العداوة أن يتهم الحكومة السودانية بأنها وراء انشاء هذه الحركات المسلحة، وبالتالي فإن حركة خليل لو كانت فعلاً تمتلك القوة وتُمسك بناصية الميدان العسكري والسياسي في دارفور لكانت بالفعل هي الوحيدة الجديرة بأن يتم التفاوض معها وحدها، كما أن حركة خليل لو كانت تملك القوة والاقناع لقامت بنفسها ولوحدها بتوحيد هذه الحركات وجمعها على صعيد واحد تحت جناحها، فالعمل السياسي والعسكري هو جهد فردي، ومهارة خاصة لا يمكن لمن لا يملكها أن يطلب من الآخرين تمليكه لها. وقد بات من الواضح أن حركة خليل تغار من بقية الحركات المسلحة وتعتبرها (ضرّة) سياسية لها!! وهو أمر كان من الممكن قبوله فيما يخص علاقتها بهذه الحركات والمجال مفتوح أمامها لتنشئ تفاهماً يقلّل من حدة هذا الوضع، ولكن ليس من (العدل) في شئ أن تطلب حركة (العدل) هذه من الوسطاء ومن الحكومة السودانية حرمان وابعاد الآخرين لخاطرها هي وحدها، فلو أن الأمر أصبح مقلوباً، وطالبت بقية الحركات بابعاد حركة د. خليل لما رضيت حركة د . خليل ذلك، ولعل الأمر المحير هنا أن حركة خليل – ولسنوات طويلة – ظلت ترفض التفاوض وتستهين بالأزمة وتستهتر بالمفاوضات ولما شعرت الآن أن الأبواب قد إنسدّت عليها والخيارات قلّت وكادت أن تتلاشى جاءت الى التفاوض وهي تعتقد أنها (الوكيل الحصري) لاقليم دارفور وتريد الزام الوسطاء والحكومة السودانية (بأمنيتها السياسية المستحيلة هذه)!! ولو تساءلنا مجرد تساؤل وافترضنا أن حركة خليل هي الحركة الوحيدة في دارفور فكيف ستتعامل مع بقية الحركات اذا قدر لها أن تصبح هي وحدها (الكل في الكل) في الاقليم؟ من المؤكد أنها ستسعى لتصفية هذه الحركات وستعيد انتاج الأزمة وتدخل الاقليم في دوامة عنف جديدة! ان حركة د. خليل تنقض الآن غزلها بيدها، واتضح أنها لا تثق في نفسها وتريد (مكافأة سياسية مجانية) تمنح بموجبها اقليم دارفور بأسره على طبق من ذهب وهذا ليس تفكيراً سياسياً رشيداً بحال من الأحوال!