بعد عدة تأجيلات، حدد الجانبان السوداني والمصري منتصف يوليو المقبل موعداً أخيراً لفتح المعابر الحدودية بين البلدين. ويلاحظ من كلمة (أخيراً) الواردة في تصريحات تلت اجتماع الجانبين بمباني وزارة الخارجية السودانية، فشلهما- أحدهما أو كلاهما – في الإيفاء بعدة مواعيد سابقة تم ضربها لفتح المعابر التي من شأنها جعل الحركة منسابة بين البلدين. صراعات مكتومة تأتي أحاديث الطرفين عن المعابر في غضون وقت عبر نواب بالبرلمان السوداني فيه عن امتعاضهم الشديد من تعاطي الخرطوم مع مشكلاتها مع القاهرة. النواب وصفوا إصرار الخارجية علي إتباع منهاج (الحكمة) مع أزمة (حلايب) بأنه ناشئ عن (عاطفة) ولا يؤتي ثمراً، ومما قالوه في الصدد (الحكمة لن تقودها لنتيجة)، مع تنويههم إلي توغل مصر في المثلث لثلاثمائة من الكيلومترات داخل الحدود السودانية. النواب ما راعوا الدبلوماسية وبيان وزارة الخارجية وإنما راعوا الوطن الذي تغني شادية من قبل (في الفؤاد ترعاه العناية) فكان أن بث أحدهم مخاوفه علانية داخل القبة من إمكانية صيرورة وادي حلفا حلايب جديدة، مشيراً لتوغل مصر مسافة 17 قرية سودانية ضمن الخارطة المصرية. وخلافاً لمشكلة الحدود، هناك مشكلة ثانية متمثلة في منظور الليبراليين المصريين لما يرونه أصرة خفية تربط حكومة المؤتمر الوطني الحاكم وجماعة الأخوان المسلمين المحظورة في مصر. ومن ثم، ينهض (سد النهضة) الأثيوبي كعامل خلاف جديد بين البلدين، فالقاهرة عاتبة علي الخرطوم لتغليبها مصلحتها من السد دون مراعاة للأضرار التي تحيق بمصر، وعبر وزير الخارجية المصري نبيل فهمي عن الموقف بجلاء في قوله:(علي السودان أن يسعي لمحاولة تنحية المصلحة الخاصة التي يتوقع أن تعود عليه من بناء سد النهضة، في مقابل تسهيل التوصل إلي اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث دون الإضرار بأي طرف). سياسة الحدود بناء علي علاقتهما المعقدة، يصعد ويهبط منحني علاقة البلدين المختصر في عبارة (السودان ومصر..مرة حبايب ومرة حلايب). فالخرطوم بعد انتصاف التسعينيات وعقب اتهامات ساقتها القاهرة لها بالتورط في محاولة فاشلة لاغتيال المخلوع حسني مبارك بأديس أبابا؛ اتخذت جملة مواقف وصلت حد حجب الدراما المصرية عن شاشتها البلورية، بينما صعدت الآلة الإعلامية المصرية من انتقاداتها مؤخراً لما تسمية تقارب الإخوانيين ويجمع في تقديراتها (الخرطوم – الدوحة – جماعة الإخوان في مصر). وقد درج الإعلام المصري علي مهاجمة السودان مع كل أزمة، وذلك علي نحو ما جري في أعقاب زيارة للرئيس المطاح بعرشه محمد مرسي للخرطوم، يومها سرت شائعات بوجود تفاهمات سرية بين مرسي والبشير لإعادة مثلث حلايب إلي السودانيين، ودائماً ما تكون حلايب الشرارة التي تقدح الزناد في الإعلام المصري الذي هاجم الخرطوم ومرسي في ما يراه تفريطه في السيادة المصرية وإن كان بإجراء مقارنة بينه وبين مبارك، وفحواها أن كان بإجراء مقارنة بينه وبين مبارك، وفحواها أن الأخير لم يفرط في حلايب. عبور ضروري لمرات عديدة نكص البلدان عن تعهداتهما بفتح المعابر الحدودية، تارات لما يراه البعض تداخلات سياسية ومرات لمشكلات في ترسيم الحدود كمعلم رئيس لنصب النقاط، وأحياناً لإصرار الجانب المصري علي إقامة نقاط متحركة بدلاً من الثابتة .. وهلمجرا. وفي اجتماع الخارجية، نفت اللجنة العليا للمعابر ما يشاع عن تسبب مشاكل حدودية في تأجيل افتتاح معبر (قسطل البري) وقال ممثل الجانب المصري في اللجنة السفير محمد السيد عباس: (لا يوجد خلافات علي منطقة العبور، وأتحفظ علي كلمة خلافات). بيد أن السفير د. الرشيد أبو شامة نحي إلي التقليل من مخرجات اجتماع الخارجية وأطر التوافقات المشتركة في أطار (تطييب الخواطر) عازيا ذلك لما أسماه المستوي المنخفض لممثلي اللجنة (مديرين عامين) تمثيل يري أبو شامة أنه غير مؤثر كما لو كان تم بين وزراء الخارجية. نقلا عن صحيفة الصيحة 21/4/2014م