لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"داعش لاند".. لعودة أمريكا إلى المنطقة
نشر في سودان سفاري يوم 18 - 06 - 2014

مرة أخرى، يتأكد أن أمريكا أخطأت التقدير عندما اعتقدت أنها تستطيع العودة إلى المنطقة فوق جماجم العراقيين بفضل غزوات جيوش الجاهلية الجديدة، لتلعب دور المنقذ، وتقطف نصرا سهلا لحرب أشعلتها بهدف إحتواء النفوذ الإيراني حرصا على أمن "إسرائيل" ونفط الخليج.
من يتابع الجدل القائم اليوم في واشنطن، يخرج بإنطباع مؤداه، أن إنسحاب أمريكا من العراق كان خطئا إستراتيجيا كبيرا استغلته إيران للتمدد في المنطقة بشكل سريع، وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط والحدود مع السعودية و"إسرائيل"، ما يشكل خطرا داهما ينذر بقرب نهاية الحلم الأمريكي في المنطقة بعد أن أصبحت أدواتها اليوم في مهب الريح.
وبضغط من السعودية وإسرائيل، لجأت إدارة ‘أوباما' إلى سلاح "الجيوش الإرهابية المفتوحة" التي قامت بتدريبها في الأردن والسعودية وقطر وتركيا على أبشع وسائل القتل الوحشية، لتستعملها بعد ذلك كحصان طروادة لممارسة جبروتها وإجرامها في حق شعوب المنطقة إنقاذا لنفوذها المتداعي وتكريسا لهيمنتها المنهارة.
لكن هذه المرة، تفلتت خيوط اللعبة من بين يديها، ولم يعد بإمكانها العبث بأمن المنطقة بقفازات من حرير، لأن العراق وبرغم إلحاح ‘أوباما'، يرفض الإستعانة بأمريكا التي أقامت نظاما سياسيا طائفيا هشا، وأخلت بالتزاماتها التعاقدية في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وأقامت جيشا بلا عقيدة يدين بولائه لمن يدفع أكثر، إلا من رحم الله من الشرفاء، ولم تسلحه بما دفع الشعب العراقي ثمنه مقدما.
وبسبب إنتصار سورية وتعاظم المخاطر بقرب فتح أبواب الجحيم على الكيان الصهيوني المغتصب من بوابة الجولان المحتل وشريط "الحدود" مع لبنان، بالإضافة لفشل مفاوضات تصفية القضية وقرب إشتعال الداخل الفلسطيني الذي يغلي كالمرجل في إنتظار صاعق الإنفجار.. ها هي إمبراطورية روما المتداعية تسعى جاهدة للعودة على ظهور الحمير الداعشية بدعوى محاربة الإرهاب في العراق وسورية أيضا كما قال ‘أوباما'، لكن هذه المرة لم يجد من يصدق خطابه في المنطقة.
لأن ما لا يدركه هذا الصهيوني المجرم، هو أن محور المقاومة لا يمكن أن يكون جسرا لجيوش التتار والبرابرة، وأن العراق هو نسخة طبق الأصل من سورية، به شعب واعي يدرك أبعاد المؤامرة، ونواة جيش شريف هو في طور التشكل وإثبات الذات في الميدان، ومقاومة قوية قادرة على صنع المعجزات، سبق أن شاركت في الحرب ضد وحوش الجاهلية التي صنعتها أمريكا وإسرائيل والسعودية وأطلقتها لتعثوا فسادا في سورية ولبنان، وحلفاء أقوياء مستعدين للوقوف في وجه أي مخطط يستهدف العراق كما سبق وأن وقفوا صفا واحدا متراصا في الحرب على سورية، لأن سقوط بغداد اليوم هو سقوط لدمشق وبيروت وطهران.
وإلا، كيف يمكن فهم تدخل أمريكا لمحاربة "داعش" في العراق وسورية وهي التي كانت إلى وقت قريب ترفض الإعتراف بأن ما يجري في سورية هي حرب شعب ونظام وجيش ضد الإرهاب، وتصر على أنها ثورة شعبية ضد الديكتاتورية؟.. فمن يثق بأمريكا الصهيونية بعد الذي حدث في سورية؟
المشهد لا يختلف في العراق عن سورية إلا من حيث التفاصيل الشكلية فقط، لأن إشتراط أمريكا أن يقوم ‘المالكي' بالتقرب من كل الطوائف ووضع خطة سياسية تشمل الجميع هو نفس مطلب السعودية، بالتالي، فالأمر يتعلق بنفس اللعبة التي تحاول أمريكا من خلالها فرز "داعش" التي أدت دورها الوظيفي التخريبي نيابة عن الخونة والعملاء وبقايا فلول البعث والمجموعات الإجرامية الأخرى التي تسمي ما يجري في العراق "ثورة السنة المستضعفين". وهو ما يضفي الكثير من التعقيد على المشهد العراقي ويسمح لإدارة أوباما باللعب على التناقضات وفرض معادلاتها الملغومة للحل الذي يخدم مصالحها ومصالح "إسرائيل" وادواتها في الخليج، وعلى رأسهم مملكة الشر والقهر الوهابية.
ما يدعم هذه القراءة، هو البيان الذي صدر عن إجتماع حكومة الجهل والإرهاب السعودية الإثنين، حيث أبدت فيه قلقها البالغ من "تطورات الأحداث في العراق التي ما كانت لتقوم لولا السياسات الطائفية والإقصائية التي مورست في العراق خلال الأعوام الماضية والتي هددت أمنه واستقراره وسيادته" وفق نص البيان. فجاء الرد العراقي سريعا في بيان رسمي صدر عن الحكومة العراقية الثلاثاء، داعيا حكومة آل سعود المجرمة إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية وعدم التدخل في الشأن العراقي، معتبرا إطلاق صفة الثوار على "الإرهابيين" شرعنة ل"الجرائم الإرهابية"، لافتا نظر النظام السعودي العميل الى "الاهتمام بوضعه الداخلي والكف عن سياسة التهميش والاقصاء"، ضد كل من لا يدين للوهابية بالولاء ويقبل بالتعايش في ظل السيادة الصهيونية. محملا الحكومة السعودية "مسؤولية ما يحصل من جرائم خطيرة في العراق".
في البداية، حاولت إدارة ‘أوباما' الإيحاء بأنها لا تستطيع التدخل عسكريا من دون أن تكون هناك خطة سياسية عراقية واضحة. وهو شرط خبيث كانت تهدف من ورائه إلى فرض نوع من "توافق الضرورة" السياسي بين مختلف مكونات الطيف العراقي بمن فيهم الخونة الذين انخرطوا في المؤامرة وراهنوا على القوة العسكرية الأمريكية لفرض واقع جديد يحول العراق إلى بلد طائفي على شاكلة النموذج اللبناني الذي وصل إلى طريق مسدود.
وبدأت الإشاعات تتحدث عن طلب الرئيس المنتهية ولايته ‘نوري المالكي' من الإدارة الأمريكية المساعدة في القضاء على إرهاب "داعش"، لكن ‘المالكي' نفى جملة وتفصيلا أن يكون قد تقدم بطلب من هذا النوع، وقال أن العراق شعبا وجيشا ومقاومة سيواجه الإرهاب ولا يحتاج لمساعدة أحد في ذلك، وبرغم إجتماع موفدين أمريكيين مع السيد المالكي الثىثاء، لإقتاعه بالموافقة على المساعدة الأمريكية المشروطة، بإعتبار أن الإرهاب يمثل تهديدا خطيرا لأمريكا نفسها، إلا أن السيد المالكي كان واضحا في رفض أي تدخل خارجي في بلاده، لأن الشعب العراقي قادر وحده على مواجهة كل المخاطر والتهديدات التي تتربص بكيانه ووجوده.
هذا الموقف الشجاع، دفع بالإدارة الأمريكية لمحاولة فرض مناقشة الوضع العراقي مع إيران على هامش مؤتمر جنيف الإثنين، لكن خيبة أمل ‘أوباما' كانت كبيرة عندما رفضت طهران مناقشة أي بند من خارج جدول الأعمال الذي يتضمن الملف النووي حصريا دون سواه. فكان هذا الموقف بمثابة الصفعة الثانية التي تلقتها إدارة ‘أوباما' بعد صفعة ‘المالكي'.
خيوط المؤامرة
المتابع للتصريحات الأخيرة حول ما حصل في العراق، يدرك أن الأمر يتعلق بمؤامرة مكشوفة لتنفيذ مخطط مدمر جديد في سورية والعراق ولبنان أيضا، وتتضح نوايا الإدارة الأمريكية من كيمياء تصريحات ‘أوباما' الملتبسة، والذي أكد أكثر من مرة أن إدارته تدرس خيار التدخل العسكري في المنطقة لمحاربة الإرهاب الذي صنعته في "العراق و سورية"، والمتابع الكريم لموقع ‘بانوراما'، يذكر أننا تحدثنا قبل أيام عن خطة سعودية إسرائيلية لجر رجل أمريكا للمنطقة، وذلك في مقالة بعنوان "ديكتاتور مصر وملك العرب"، وها نحن نرى جهود السعودية وإسرائيل تعطي أكلها، وها هي الإدارة الأمريكية تجد نفسها مضطرة للعودة إلى مستنقع الشرق الأوسط الجديد حيث ستغرق لا محالة، بعد أن اصطدمت بالدب الروسي والتنين الصيني عند إستدارتها المتهورة نحو شرقي آسيا.
وقد كان لافتا أن يخرج رئيس الوزراء البريطاني ليدعم هذا التوجه الأمريكي بالقول، أن "ما يحدث في العراق هو نتيجة عدم تسوية الوضع في سورية"، ما يوحي بأن الإرهاب الذي يضرب العراق هو صناعة سورية، ويتبين هذا الأمر كذلك من إطلالة العميل التافه ‘الأخضر الإبراهيمي'، حيث أكد بدوره، بدون مناسبة ومن دون أن تكون له الصفة، أن "عدم تسوية القضية السورية أدى إلى ما نشهده اليوم في العراق". ما يؤكد أن هناك مخطط واضح وجوقة تعزف على نفس النغمة التخريبية الأمريكية.
أما مشيخات الخليج، فيحلو لها الترويج لمقولة مفادها، أن إرهاب "داعش" الذي أسقط مناطق واسعة في سورية والعراق تقارب مساحة ولاية ‘أنديانا' الأمريكية، هو صناعة "الأسد"، هذا بالرغم من أن كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن أمريكا والسعودية وإسرائيل والأردن وتركيا وقطر هم من خططوا ومولوا ونفذوا "غزوة داعش' الجديدة للعراق، بعد أن تم شراء ذمم الطبقة السياسية الخائنة والقيادات العسكرية الفاسدة في العراق، ما ساعد 3 آلاف من المقاتلين المجرمين من خلق حالة من الذهول أمام الإنهيار الكبير والسريع لقوات عراقية قدر عددها ب 35 ألف عنصر، تركوا أسلحتهم وفروا من مواقعه تنفيذا لأوامر قياداتهم التي هربت إلى تركيا والسعودية، بمن فيهم القائد الأعلى للقوات العراقية المسلحة، ومحافظ الموصل، وكذلك رئيس مجلس النواب ‘النجيفي' الذي صدر حكم بشطبه من قائمة النواب التي أفرزتها الإنتخابات الأخيرة بتهمة الخيانة بعد أن هرب إلى تركيا.
وقد تبين أيضا حسب آخر المعلومات، أن جهات ومؤسسات مالية في لبنان كانت تجري تحويلات مالية ضخمة لحساب "داعش" في العراق بتكليف من السعودية، كما أفاد التلفزيون العراقي الثلاثاء، أن عصابات داعش الارهابية فرت من مركز شرطة تلعفر تاركة اسلحتها ومعداتها بعد أن تمكن الطيران العراقي من قتل عدد من الداعشيين بقصف جوي وتدمير 100 سيارة دفع رباعي تحمل لوحات سعودية في مخبأ قرب الحدود السورية القريبة من محافظة نينوى.
كما وأن صحفي يعمل في جريدة "الوطن" السعودية، سرب للإعلام معلومات حساسة مفادها، أن 150 ضابطا في المخابرات السعودية يقودهم المقدم ‘فهد مصباح' دخلوا إلى مدينة الموصل بعد أن كانوا يعملون كعناصر ارتباط وتخطيط مع تنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة الحسكة السورية الحدودية.
وها هو الكاتب والباحث "سايمون هندرسون" يقول أن "السعودية فتحت ساحة جديدة لمعركتها مع إيران بدعمها لتنظيم ‘داعش' وتحركاته الأخيرة في العراق"، وذلك بمقال له نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية حذر خلاله من تداعيات الموقف الراهن في العراق ودور السعودية فيما يحدث، والدور الذي على الإدارة الأمريكية القيام به حيال تطورات الأوضاع هناك.
وأوضح ‘هندرسون' أنه على الرغم من صمت الملك عبد الله بن عبد العزيز تجاه التطورات الأخيرة في العراق إلا أنه "من المتوقع أن ينتهى هذا الصمت قريباً وأن يقطع الملك عطلته في المغرب للعودة إلى السعودية، حيث أنه يرى أن ما يحدث في العراق يعد فرصة اضافية لتحقيق ‘نكسة استراتيجية' لإيران"، وهو ما لم ينجح فيه في الحالة السورية، فأراد الإنتقام من العراق لقلب المعادلات في المنطقة.
لكن الأهم من هذا وذاك، هو ما سربته صحيفة ‘نيويورك تايمز' اليوم، مؤكدة نقلا عن مصادرها الخاصة بالبيت الأبيض، أن طائرات حربية أمريكية وضعت في حالة تأهب قصوى في الأردن في إنتظار أمر العمليات للتدخل في العراق وسورية وتفجير الوضع في المنطقة، حتى لا يستثمر إنتصار ‘الأسد' في سورية و'المالكي' في العراق في التركيز على "إسرائيل" و الأردن والسعودية. وبذلك تتضح خيوط المؤامرة.
وكل ما نشر حول تهديد "داعش" للأردن والسعودية هو من باب ذر الرماد في العيون، لأن داعش شكلت ودربت وسلحت في الأردن بتمويل سعودي، و'أبو بكر البغدادي' نفسه أعلن أن لا نية له لمهاجمة الأردن التي يعتبرها في هذه المرحلة خزان إمداد بالعناصر الإرهابية، وقد فتحت ‘داعش' في ‘معان' وكالة لتجنيد المقاتلين في صفوفها، ومعلوم أن للأردن دور تخريبي قديم في العراق، بسبب تأثيره وتلاعب مخابراته بالعشائر في المحافظات العراقية الحدودية.
لكن، ماذا أعد محور المقاومة لإسقاط المؤامرة؟..
لسنا بحاجة للتكهن حول ما سيقوم به محور المقاومة لإحباط هذه المؤامرة الجديدة، والتي فاقت في خطورتها ما خطط لسورية، لأنها تنذر في حال خروج الأمور عن السيطرة بحرب إقليمية قد تتطور سريعا لما لا تحمد عقباه. ويذكر القارىء الكريم أننا كنا تحدثنا قبل فترة عن إجتماع عقد في تركيا وجمع أمريكا بمختلف مسؤولي أجهزة مخابرات حلف المؤامرة بمن فيهم الموساد، وتم التباحث بعدد من السيناريوهات، وإنتهى الإجتماع إلى التوافق حول إمكانية مواجهة حرب شاملة في المنطقة في حال انفجرت الأوضاع، شريطة أن لا تتحول إلى حرب عالمية مدمرة.
المعلومات التي أوردتها تقارير غربية تتقاطع مع المعلومات التي لدى الجيش الأمريكي، ومؤداها وفق ما أوردته صحيفة ‘السفير' اللبنانية الثىثاء، أن أخطر رجل في المنطقة، قائد "فيلق القدس"، اللواء ‘قاسم سليماني' زار العراق الأسبوع الماضي وبمحفظته خططا سرية، حيث قام بتوزيع أدوار عملانية للفصائل العراقية المؤيدة للجيش العراقي في المحافظات والبقع الجغرافية التي تشهد انتشارا لمسلحي تنظيم "داعش" وعناصر جيش "النقشبندية" الأشد تنظيما وعنفًا وخبرةً في القتال.
ووفق خبراء في الشأن الإيراني، يعتبر دخول ‘قاسم سليماني'، الرجل الذي يرعب أمريكا والسعودية وإسرائيل والأردن على خط الأزمة، جاء إثر قرار إيراني واضح بوقف حرب الإستنزاف التي يقودها المحور الخليجي – الأمريكي ضد طهران، لكن هذه المرة ليس بإسقاط أهداف العدوان فحسب، لأن هذا المسلسل الدموي لن ينتهي ما دامت السعودية وإسرائيل يصرون على إستمرار مسلسل التدمير ضد إيران ومحورها، لذلك، ما سيقع هذه المرة، هو إنقلاب في المعادلة، من الدفاع إلى "الهجوم الذكي" الذي سيغير معادلات المنطقة إلى الأبد.
اليوم نستطيع القول، إذا لم تتدارك أمريكا عواقب مغامراتها في المنطقة، أن سياسة إطالة الأزمات في سورية ولبنان والعراق لن تستمر من دون أن تدفع الأطراف المتورطة ثمن الحروب التي تشنها، ولن يكون الثمن هذه المرة بالدولار، بل سيطال الوجود والمصير لأنظمة أينعت رؤوسها وحان وقت قطافها، وسيكون عرش الأردن أول من سيعصف به الصعق القادم لا محالة، لأنه وكر الإجرام والخيانة ومطبخ الموت والخراب، ولن يشفع لملك الأردن الصهيوني إستدارته للتعاون مع سورية إنقاذا لعرشه. وبذلك ستطوق السعودية وإسرائيل من كل حذب وصوب.
هذه المعلومات بالقراءة الإستراتيجية العميقة تعني، أن قرار إيران لا يشمل جغرافية العراق فحسب، بل يتعداها إلى جميع دول الجوار، بعد أن أسقطت جيوش "داعش" الجاهلية حدود ‘سايكس بيكو' القديمة، لتعيد إيران رسم خرائط المنطقة الجديدة.
ويمكن القول، أن ما يجري اليوم في العراق من مواجهات بين القوات الأمنية العراقية وفلول الإرهابيين، ليست سوى عمليات تسخينية في إنتظار ما سيحدث نهاية هذا الأسبوع. خصوصا بعد إعلان السيد المالكي فتح باب التطوع والتجنيد، وحث السيد السيستاني الشعب العراقي العظيم بكل طوائفه ومذاهبه وجوب الجهاد في سبيل الله دفاعا عن الوطن، وتفعيل السيد مقتضى الصدر لفصائل المقاومة العراقية للإستعراض العسكري الضخم السبت القادم في كل المحافظات العراقية، من أجل أن "نبين للعالم عددنا وعدتنا ولنرهب العدو" كما أعلن الإثنين، موجها كلامه لإنصاره بالقول "إنكم مشاريع إستشهاد للدفاع عن الشعب والوطن والدين والمقدسات". ولم يفته كشف حقيقة ما يدبر للعراق بالقول "لقد أحدق الخطر بعراقنا الحبيب وتكالب عليه الاعداء، فمن جهة نوي الاحتلال التدخل ولو على نحو المشروع المستقبلي، ومن جهة أخرى قد كشرت أنيابها قوى الارهاب لتحول العراق الحبيب الى ركام".
وإلى الآن، لا نعلم بالتحديد ما الذي ستقوم به سورية وحزب الله، لكننا نعلم يقينا أن سورية ستتدخل لقدع دابر الإرهاب، وقد قصف اليوم الطيران السوري مخازن العتاد والسلاح الذي نهبته "داعش" من مخازن العراق وهربته إلى الحسكة، فدمره الجيش العربي السوري البطل وأسقط بذلك ما كانت تخطط له "داعش" في الشمال السوري.
الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت، ومهما يكم من أمر، فما قلناه عن العراق في المقالة ما قبل الإخيرة لم يكن ضربا من ضروب التكهنات، بل لإيماننا أنه حين يلتحم الشعب والجيش والمقاومة، فإن إرادة الله هي التي تنتصر، ولذلك أكدنا بيقين نابع من إيماننا بوعد الله، أن محور المقاومة سينتصر، وأن عراقنا الحبيب سيسقط المؤتامرة، وسيخرج منتصرا على الخوف والجهل والموت والظلام.
اليوم، عاد الحديث في واشنطن بقوة عن ما تسميه الإدارة الأمريكية ب "المجموعات الخاصة الشيعية" في العراق، والتي خبرتها أثناء إحتلالها لأرض الرافدين، خصوصا منها الأشد تأثيرا في ساحات الوغى ك"كتائب حزب الله المقاومة الإسلامية في العراق" و "عصائب أهل الحق" وبقية التنظيمات الأخرى بما فيها "منظمة بدر" وإن كانت الأكثر انخراطا في العمل السياسي، ولواء "أبو الفضل العباس" و لواء "عمار بن ياسر" اللذين تشكلا للقتال في سوريا، بالإضافة ل"سرايا الدفاع الشعبي" و "اللجان الشعبية"، وما لا نعلمه حتى الآن.
ونستطيع القول اليوم، وفق ما تسرب من معلومات من الدوائر الأمريكية، أن الرجل الأسطورة المسمى ‘قاسم سليماني'، هو قامة أمنية شامخة وقطبا فذا قادرا على تغيير معادلات المنطقة برمتها، بحكم أنه الرجل المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان، وقد حذر من خطورته الجنرال ‘ديفيد بترايوس' أثناء تولي الأخير منصب قيادة القوات الأميركية في العام 2008 في العراق، وفق ما ذكرته صحيفة السفير.
وبالتالي، فلارجل الذي هزم أمريكا في أفغانستان والعراق هو من كلفه الإمام خامنائي أطال الله عمره، لمواجهة أمريكا وأدواتها في المنطقة، لكن هذه المرة ليس لإسقاط أهداف العدوان على العراق وسورية، بل لإعادة رسم خريطة المنطقة بالإنتقال من إستراتيجية الدفاع إلى الهجوم.
فلنراقب بعمق ما سيجري في المنطقة خلال الفترة القادمة ليتضح المشهد في كليته.. لأن إنطلاق مارد المقاومة العراقية من عقاله نهاية هذا الأسبوع هو رسالة حاسمة لأمريكا مؤداها، أن الإصرار في الإستمرار في المؤامرة ضد إيران وحلفائها سيكلفها سقوط الأردن أولا.. لتكر بعدها سبحة المفاجئات.
ما نريد قوله، أن القتال هذه المرة لم يقتصر على العراق وسورية، بل سينتقل بسرعة الضوء إلى أرض العدو دون تردد.
فهل تتراجع أمريكا أم ستركب رأسها وتقبل بمغامرة تفجير المنطقة؟.. هذا خيار أحلاه مر، فإما إستسلام للحفاظ على ماء وجهها وما تيسر من مصالح، أو هزيمة مذلة وخروج من المنطقة بلا كرامة.
قد يبدو ما نقول موغل في التفائل، لكن الواقع في منطق محور المقاومة يكون دائما أغرب من الخيال.. هذا ما تؤكده التجارب.
المصدر: بانوراما الشرق الاوسط 18/6/2014م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.